المصدر: نداء الوطن
الثلاثاء 18 تشرين الثاني 2025 07:05:36
في مشهد تتقاطع فيه إشارات التشجيع الدولي والعربي، مع رسائل الحزم والمساءلة، تسلّم لبنان رسميًا أوراق اعتماد السفير الأميركي الجديد ميشال عيسى. تزامن ذلك مع طلائع عودة اقتصادية سعودية من بوابة مؤتمر "بيروت 1"، تحمل في جعبتها جرعة دعم مشروطة بجدية الإصلاح وبسط سيادة الدولة. في المقابل، لا تزال ورقتا نزع السلاح غير الشرعي وضمان حق المغتربين في الاقتراع، محتجزتين لدى "الثنائي المعاند" بين الضاحية الجنوبية وعين التينة.
في المقابل، شن أمين عام "حزب الله" الشيخ نعيم قاسم حربه المالية في وجه حاكمية مصرف لبنان، استكمالًا للحملة الإيرانية الأخيرة، "إسنادًا" لـ "القرض الحسن".
وبدل أن يعترف قاسم، بأن سياسة "الحزب" أحكمت خنق لبنان، ماليًا وسياسيًا وسياديًا، لجأ إلى التهويل، محملًا الحكومة مسؤولية "أن تفكّر وأن تضع برامج حتى نتمكّن من مواجهة العدوان". تصريحات قاسم حملت الكثير من التضليل، إذ يقدّم نفسه كـ "ناصح" للحكومة وحاكم مصرف لبنان، بينما هو من يحول دون أي إصلاح جدي أو نهوض اقتصادي بسبب تمسّكه بسلاحه وتقديم الذرائع لإسرائيل. أما قوله إن "الإجراءات تضيّق على كل اللبنانيين" فيتجاهل أن "حزب الله" كان أول من أدار اقتصادًا موازيًا خارج النظام المصرفي، عبر مؤسسات كـ "القرض الحسن". أما اتهامه لأميركا بأنها وراء الانهيار المالي فهو تهرّب واضح من مسؤولية "الحزب" عن عزلة لبنان عربيًا ودوليًا، عبر تدخله في صراعات المنطقة".
صوابية قرارات المركزي
في المقابل، أشار مصدر مالي متابع إلى أن ردود الفعل على الإجراءات التي اتخذها مصرف لبنان، والتي بدأت من إيران من خلال ما نشرته صحيفة "طهران تايمز"، مرورًا بالمواقف التي أعلنها نواب في كتلة "الوفاء للمقاومة"، وصولًا إلى كلام الشيخ نعيم قاسم أمس، تؤكد أن هذه الإجراءات تصيب مقتلًا في النظام المالي لـ "حزب الله". وإلّا، كيف نفسّر الدخول الإيراني على الخط، وانخراطه في انتقاد خطوات تنظيمية يتخذها مصرف لبنان لتنظيم القطاع المالي وضبطه؟".
ويضيف أن "ارتفاع الصراخ من قبل جماعة إيران يدل على صوابية هذه الإجراءات التي تهدف إلى مكافحة تبييض الأموال لتمويل الإرهاب، ومساعدة لبنان على الخروج من اللائحة الرمادية، وتحسين سمعة البلد الخارجية".
واعتبر المصدر أن "الحزب" وخلفه طهران يظنان أنهما بمجرد اتهام مصرف لبنان بالخضوع للإملاءات الأميركية، يمكن أن يحرجا البنك المركزي وحاكمه، في حين أن مصرف لبنان يتعاون مع واشنطن منذ سنوات، وهو لا يخفي هذا التعاون الوثيق. أكثر من ذلك، فإن حاكم مصرف لبنان كريم سعيد ليس وحده من يتخذ القرارات لمكافحة التبييض، بل إن المجلس المركزي مجتمعًا وافق على هذه الإجراءات. وتعلم طهران، كما يعلم الشيخ نعيم، أن أعضاء المجلس المركزي هم من كل الطوائف، ويوجد بينهم عضوان شيعيان محسوبان على "الثنائي". وبالتالي، التصويب حصرًا على حاكم المركزي ينطوي على تجنٍ وسوء نية، ويسمح بطرح أكثر من علامة استفهام".
حراك دبلوماسي ناشط
بالعودة إلى السفير الأميركي ميشال عيسى، علمت "نداء الوطن" أن زيارة الأخير إلى قصر بعبدا، اقتصرت على الجانب البروتوكولي، من دون التطرق إلى الملفات الحساسة. ومن المتوقع أن يطلب السفير موعدًا لاحقًا مع رئيس الجمهورية، يُرجّح أن يُعقد قريبًا، لبحث التطورات الأساسية، من ملف ترسيم الحدود، إلى مسار التفاوض، وحصر السلاح، وصولًا إلى الورقة الأميركية.
وكان عيسى عبّر خلال تقديم أوراق اعتماده لرئيس الجمهورية، عن سعادته بتعيينه في لبنان، ناقلًا تحيات الرئيس الأميركي، ومؤكدًا العمل لتعزيز العلاقات اللبنانية - الأميركية وتطويرها في المجالات كافة. وشملت جولته البروتوكولية زيارات إلى رئيسَي مجلس النواب والحكومة نبيه برّي ونواف سلام ووزير الخارجية يوسف رجّي، حيث تناولت اللقاءات العلاقات الثنائية والأوضاع العامة.
وفي إطار الحركة الدبلوماسية، حطّ الموفد السعودي يزيد بن فرحان أمس في بيروت على رأس وفد. والتقت اللجنة الفنية السعودية المتخصصة بملف رفع الحظر عن الصادرات اللبنانية رئيس الحكومة نواف سلام في السراي على أن تشارك اليوم في مؤتمر "بيروت 1".
مسألة وقت
أفادت صحيفة معاريف الإسرائيليّة نقلاً عن مصدر عسكري إسرائيلي بأن هناك "قلقاً في إسرائيل من عجز الجيش اللبناني عن تنفيذ التزاماته ونزع سلاح حزب الله". وأضافت أن "تل أبيب اتخذت قرارًا بعدم السماح لحزب الله أو لأي تنظيم في المنطقة بتعزيز قوته عسكريًّا بما يشكّل تهديدًا لإسرائيل"، معتبرةً أن "الجيش الإسرائيلي يربط ما يحدث في لبنان بجهود إيران لإعادة بناء قوتها بعد المواجهة الأخيرة مع إسرائيل". وقالت: "جولة قتال جديدة مع "حزب الله" هي مسألة وقت ليس إلّا".