المصدر: المدن
الكاتب: فرح منصور
السبت 16 آب 2025 02:00:11
مجدّدًا، عاد ملف السجناء السوريين في لبنان إلى الواجهة، إثر انتشار مقطع مصور للعشائر السوريّة تُهدد فيه باقتحام لبنان خلال مدة 48 ساعة إن لم يتم تسليم ذويهم المحتجزين في السجون اللبنانيّة.
وقد نظم أهالي العشائر وقفة احتجاجية في لبنان وسوريا يوم الجمعة 15 آب، كرد فعلٍ على وفاة سجين داخل سجن روميه قبل أيامٍ، نددوا فيها باستمرار توقيف أبنائهم داخل السجون، وطالبوا السلطات السورية بالتحرك فورًا والضغط على الدولة اللبنانية للافراج عنهم، ما يفتح النقاش مجددًا حول طبيعة العلاقة بين لبنان وسوريا بعد سقوط نظام بشار الأسد، في ظل وجود ملفات عالقة بين الجانبين، وأبرزها ملف السجناء السوريين في لبنان.
زيارة وفد سوري
هذه الملفات ستتم مناقشتها في الاجتماعات المقبلة بين البلدين. وتشير معلومات "المدن" إلى تواصل رسميّ جرى في الأيام الأخيرة هدفه ترتيب زيارة رسمية لوفد من وزارتي العدل والخارجية السورية إلى بيروت لمناقشة ملف السجناء السوريين، على أن تليها زيارة رسمية لوزير الخارجية السورية أسعد الشيباني إلى لبنان للقاء الجهات المعنية.
عمليًا، تحكم القوانين هذا الملف إسوةً بغيره من الملفات في لبنان. وسبق أن أعلن وزير العدل اللبنانيّ عادل نصار استعداده لإبرام معاهدة جديدة مشتركة مع سوريا تهدف إلى حلّ هذا الملف الذي يساهم أيضاً في التخفيف من اكتظاظ السجون اللبنانية. ولكن، بحسب معلومات "المدن"، لم يحصل بعد أي تواصل رسميّ مع وزارة العدل اللبنانية منذ أشهر لمناقشة هذا الملف.
الأرقام الرسمية
وتعترض عقبات عديدة هذا الملف الذي يعتبر من الأكثر تعقيدًا، إذ لا يمكن إخلاء كل السجناء السوريين في وقتٍ واحد، ويتطلب الأمر دراسة كل ملفٍ على حدة. وهذه الخطوة كانت قد بدأت بها وزارة العدل اللبنانية قبل حوالى ثلاثة أشهر، إذ قامت بتجهيز مسودةٍ تحدد أعداد الموقوفين السوريين داخل السجون وجرائمهم. وحصلت "المدن" على هذه الأرقام، وهي: الموقوفون 1329، المحكومون 389، جرائم قتل 87، الإرهاب 82، السرقة 79 وجرائم أخرى 181".
قانونيًا، يمكن حلّ هذا الملف بإبرام اتفاقية جديدة بين لبنان وسوريا فقط. ولكن، بعد سقوط نظام بشار الأسد، لم تعد الأمور واضحة بين البلدين، ولم يعرف إذا كان الجانب السوري لا يزال معترفًا بالاتفاقيات والمعاهدات التي كانت قد أبرمت مع لبنان في عهد آل الأسد، خصوصًا مع تردد معلومات تفيد أن الجانب السوري يرفض المضي باتفاقيات قديمة بسبب الظروف المتغيرة في سوريا. لذلك، المعاهدات الجديدة التي تبرم بعد اتفاق الطرفين، تساعد على حل الاشكاليات.
اكتظاظ السجون
في السياق، يوضح مصدر قضائي لـ"المدن" إلى أن العدد الأكبر من السجناء لم تصدر أحكامًا مبرمة بحقهم بعد. أي لم يتم محاكمتهم حتى الساعة. والسجناء السوريون يشكلون 30 في المئة من عدد السجناء في كل لبنان. لذلك، إن حلّ هذا الملف يصب في مصلحة لبنان أيضًا، خصوصًا في ظل معاناة السجناء داخل السجون وفقدانهم مقومات الحياة الطبيعية. لكن هناك مئات المحكومين بقضايا الارهاب، والانتماء إلى تنظيمات جهادية وفصائل مسلحة، ومنهم من اتهم بقتال الجيش اللبناني. ولذلك، يجب دراسة كل ملف على حدة.
ومن الأمور الشائكة بين البلدين، النقاش حول فئة "أصحاب الرأي" الذين جرى توقيفهم سابقًا في لبنان. وهنا تشرح مصادر قضائية لـ"المدن" أن لا وجود لأي موقوف من فئة "أصحاب الرأي" في السحون اللبنانية، وأن الذين جرى توقيفهم متهمون بمساعدتهم جماعات ارهابية أو الانتماء إليها أو تمويلها وغير ذلك..
وموقف لبنان من هذا الملف واضح. إذ لا يمكنه تسليم الفئة التي شاركت في شن الهجمات على الجيش اللبناني قبل انتهاء محكوميتهم داخل السجون اللبنانية، وهذا ما أكده وزير العدل اللبناني عاد نصار لـ"المدن" سابقًا، علمًا أن الجانب السوري لم يحدد بعد الفئة التي يطلب تسلمها.
وهذا الملف يحظى بدعمٍ سياسيّ وأمني وقضائيّ من البلدين نظرًا لحساسيته، إلا أن كل الأمور ستبقى مرهونة بالزيارة الرسمية المرتقبة. مع العلم أن معالجة هذا الملف سياسية بامتيازٍ، سواء عبر إبرام اتفاقية جديدة، أو إصدار قانون عفو في مجلس النواب، مع أن هذا أمر مستبعد في الفترة الراهنة.