قطر تساند لبنان اقتصادياً... مؤشرات إيجابية لعودة الاستثمارات

مؤشرات إيجابية متوقعة بعد اللقاء الذي جمع رئيس الجمهورية اللبنانية جوزاف عون وأمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، في العاصمة القطرية الدوحة، خصوصاً بعد تصريحات أدلى بها الأمير تميم شدد خلالها على أنّ الفرصة متاحة لدعم لبنان في شتى المجالات، بعد انتخاب الرئيس عون وتشكيل الحكومة.

وقد انطلقت محادثات لبنانية-قطرية بلقاء موسّع في الديوان الأميري في الدوحة بين الرئيس جوزاف عون وأمير قطر تميم بن حمد آل ثاني، واختُتمت بخلوة ثنائية. وأكد أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أن زيارة الرئيس جوزاف عون إلى الدوحة مهمة وتاريخية في سبيل تطوير العلاقات بين البلدين، ولفت إلى أن قطر على استعداد لتقديم ما يحتاجه لبنان في مجالات الكهرباء والطاقة وفي اي قطاع آخر اضافة إلى استمرار دعم الجيش".

علاقات استثنائية
لطالما لعبت قطر دوراً محورياً في دعم اقتصاد لبنان وتحديداً خلال الأزمات، سواء من خلال المساهمة في إعادة الإعمار عام 2006، أو من خلال دعم الاقتصاد اللبناني بعد الأزمة المالية وانهيار قيمة العملة، إذ استثمرت قطر بنحو نصف مليار دولار في سندات الحكومة عام 2019 لدعم الاقتصاد.

وتشير مصادر مواكبة للزيارة التي يقوم بها الرئيس عون إلى قطر إلى أن الجانب القطري منفتح على دعم اقتصاد لبنان، وتحديداً في قطاعات البنى التحتية، وقطاع الطاقة والكهرباء، وهي ملفات تشكل تحدياً كبيراً أمام الحكومة في إطار تنفيذ إحدى شروط صندوق النقد الدولي، لمساعدة لبنان.

أضف إلى ذلك، وبحسب المصادر، أن الاستثمارات قد تتضمن عقد شراكات بين الشركات القطرية واللبنانية للمساعدة في تنمية الاقتصاد، وأن الأفاق مفتوحة لتعاون أوسع بين لبنان وقطر، على صعيد التجارة، وتدفق الاستثمارات القطرية.

وقد استثمرت قطر في لبنان خلال السنوات الماضية وتحديداً في قطاع الطاقة، ووفق المصادر، فإن استقرار الأوضاع قد يدفع بالتحالف القطري -الفرنسي-الإيطالي بعد انضمام قطر في العام 2023 إلى شركتي توتال إنيرجي الفرنسية، وإيني الإيطالية في إطار ائتلاف للتنقيب عن النفط والغاز في المياه البحرية اللبنانية إلى البحث عن مصادر طاقة متجددة في المياه اللبنانية.

أما فيما يتعلق بإعادة الإعمار، فقد رجحت المصادر أن يكون لقطر دور بارز في هذا الملف، خصوصاً وأن رئيس الوزراء القطري أشار في تصريحات له في شباط 2025 إلى أن قطر ستكون "حاضرة" في دعم لبنان اقتصادياً، وفي مجال إعادة الإعمار بعد الحرب الإسرائيلية المدمرة.

تبادل تجاري
وقد شهد التعاون الاقتصادي والتجاري بين دولة قطر والجمهورية اللبنانية نمواً ملحوظاً على مر السنين، مما يعكس حرص البلدين على توسيع آفاق التبادل التجاري والاستثماري.

بحسب بيانات مرصد التعقيد الاقتصادي (OEC)، فقد بلغت قيمة صادرات لبنان إلى قطر في كانون الأول 2024، ما يقارب 16.4 مليون ريال قطري، نحو 4 ملايين دولار، واستورد لبنان بنحو 12.1 مليون ريال قطري (2.3 مليون دولار) ووفق البيانات، صدر لبنان اللوحات وأعمال فنية، بالإضافة إلى بدلات نسائية، ولحوم الأغنام والماعز، فيما استورد الألومنيوم وبوليمرات الإيثيلين.

بالإضافة إلى ذلك، وبحسب البيانات، يوجد ما يقارب 1500 شركة قطرية -لبنانية مشتركة تعمل في السوق القطري في قطاعات متنوعة.

كما تشير البيانات إلى أنه وخلال العام 2023 صدّر لبنان إلى قطر بقيمة 126 مليون دولار، وشكلت المواد الورقية والبلاستيكية أبرز السلع المصدرة، بقيمة 9.6 مليون دولار، فيما صدرت قطر بضائع بقيمة 41.7 مليون دولار، ومن قائمة السلع، البترول المكرر، بقيمة 2.23 مليون دولار.

على صعيد السياحة، ورغم الأوضاع السياسية التي عاشها لبنان في صيف 2024، إلا أن الأرقام تشير إلى ارتفاع أعداد السياح القطريين في لبنان. بحسب بيانات، Brite blominvest bank في حزيران 2024 زار لبنان 300 قطري، ارتفع العديد في تموز إلى 500 سائح قطري، ومن ثم انخفض تدريجياً مع التوترات الأمنية، إذ وصل عدد الزوار في أب 2024 إلى 143 سائح، و107 في ايلول 2024، قبل أن يعاود الارتفاع في كانون الأول 2024 بعد انتهاء العدوان الإسرائيلي إلى 177 سائح. ولاتزال الأعداد خجولة مقارنة بالسنوات الماضية، حيث توافد الآلاف من السياح القطريين إلى لبنان نتيجة الأوضاع السياسية المستقرة.


مساعدات دائمة
دأبت قطر على مساندة لبنان في قطاعات مختلفة، ومن ضمنها ملف الإعمار، ففي تسعينيات القرن الماضي، ساهمت قطر في جهود إعادة إعمار لبنان بعد الحرب الأهلية، وتتباين الأرقام حول قيمة المساعدات، وحتى خلال مؤتمرات دعم لبنان كانت قطر حاضرة في تقديم المساعدات.

في العام 2006 وبعد انتهاء الحرب الإسرائيلية، تبرعت قطر بربع مليار دولار لمدينة بنت جبيل في جنوب لبنان لدعم جهود إعادة الإعمار، وفقًا لما ذكرته وكالة الأنباء القطرية الرسمية، كما نفّذت مؤسسة قطر الخيرية الإنسانية مشاريع تنموية في قرى جنوب لبنان بتكلفة 14 مليون ريال قطري (حوالي 3 ملايين دولار).
كما أرسلت قطر مواد إغاثة استفاد منها عشرات الآلاف من العائلات النازحة.

ووفق بيانات oec قدمت قطر مساعدات بقيمة 150 مليون دولار عام 2017، و في العام 2020، بلغت قيمة المساعدات 20 مليون دولار لمواجهة تداعيات أزمة فيروس كورونا، وارتفعت في العام 2022، لتصل إلى 110 مليون دولار.

بعد انفجار المرفأ في أب 2020، كان لقطر حضور مميز أيضاً إذ أرسلت فرق بحث وإنقاذ لتقديم المساعدة، وقد كشفت وكالة الأنباء القطرية، عن إرسال الحكومة نحو خمس طائرات محملة بالمساعدات إلى لبنان بعد الانفجار مباشرة، كما جهزت مستشفيات ميدانية لعلاج الجرحى، ناهيك عن تقديم مساعدات لإعادة إعمار وسط بيروت بعد الانفجار.