"كباش" بين "الداخلية" وموظّفي إدارة السير

من باب أن مرفقاً رسمياً مقفلٌ منذ أشهر ويدرّ الملايين على الخزينة اللبنانية التي هي بأمسّ الحاجة حالياً الى الإيرادات، قرّر وزير الداخلية والبلديات في حكومة تصريف الأعمال بسام مولوي أن يخطو الخطوة الأولى باتجاه إعادة العمل في هذا المرفق. ويذكر أن هيئة إدارة السير والمركبات والآليات متوقفة منذ أشهر طويلة بفعل التوقيفات التي طالت رأس الهرم فيها وعدداً كبيراً من الموظفين والسماسرة. مصادر الوزير تؤكد "أن هذا المرفق ممنوع إغلاقه. يحرم إقفاله منذ أشهر الدولة من إيرادات طائلة، لا سيّما أنّه خلال ستة أيام استطاع جباية 90 مليار ليرة، علماً أنّ النافعة لا تعمل سوى 3 أيام في الأسبوع حالياً. لذا لن يتوّقف الوزير عند العرقلات التي يُحاول البعض وضعها في طريق إعادة هذا المرفق إلى العمل، كما أنه يُتابع كل ما يتعلّق بالملف القضائي والتحقيقات التي تجري فيه".

أوساط الوزارة

أوساط "الداخلية" تكشف لصحيفة "نداء الوطن"، أنّ "الوزارة بصدد العمل على إعادة افتتاح بقية المراكز التي لا تعمل وهي مراكز جونية والأوزاعي وعاليه"، كما تشير إلى أنه في "كل أسبوع سيتمّ الإعلان عن خدمات جديدة من أجل تفعيل العمل في "النافعة" بكافة مراكزها، وتقدّم الخدمات لكافة المواطنين وإنجاز المعاملات المتراكمة عن الفترة الماضية. كما أن الإدارة فتحت الباب لقبول طلبات الإستحصال على رخص السوق لمن تقدّم للامتحان ونجح ولم يتمكّن من الحصول على الرخصة بسبب إغلاق النافعة".

وتوضح الأوساط نفسها أن "هناك سعياً لإنصاف الموظفين بتأمين اعتمادات لدفع بدلات النقل وأربعة رواتب إضافية والأموال المستحقة لهم". وتطرّقت إلى "الإيرادات التي تدخلها النافعة، لا سيّما بعد إصدار ديوان المحاسبة رأياً استشارياً سمح فيه لهيئة إدارة السير والمركبات باستيفاء بدل خدمة لإصدار رخص سوق إلكترونية ولوحات تسجيل آمنة، ما سيؤمّن للهيئة المداخيل الخاصة بها لشراء القرطاسية والمحروقات وكل اللوازم التي تحتاجها لاستمرار العمل، كما أن هذه الطريقة توفّر على الخزينة 37 مليار ليرة كانت وزارة المالية تخصّصها للهيئة".

ووسط هذه المساعي التي تقوم بها الوزارة، وبعد يوم واحد على استئناف العمل في هيئة إدارة السير "النافعة"، لاستقبال طلبات المواطنين المتعلّقة بتسجيل السيارات وإنجاز معاملاتها والحصول على رخص سوق، أعلن المستخدمون إضرابهم، وبشكل مفاجئ. وقالوا في بيان لهم لتبرير الإضراب "لأننا تقاضينا جزءاً زهيداً من راتبنا، ونعاني حالياً تأخراً في صرف الجزء المتبقّي منه والمتمثّل بزيادة الأضعاف الأربعة وبدل نقل 450 ألفاً إسوة بموظفي القطاع العام، وبحجّة وضعنا الاستثنائي كمستخدمين في ملاك مؤسسة عامة والمسار المختلف للمعاملات المتعلّقة برواتبنا وملحقاتها. ونحن في هيئة إدارة السير لطالما عانينا هذا التمييز المؤسف بين العاملين في القطاع العام".

إضراب مفاجئ مشبوه

وفي هذا الإطار، توقّفت مصادر مواكبة لملف "النافعة"، مستغربة "توقيت الإضراب والذي حصل فجأة من دون أي تحركات مسبقة كالاجتماع مع الإدارة، أو حتى مع أي مسؤول، وتساءلت «أليس غريباً هذا الأمر؟".

وتوضح المصادر لـ"نداء الوطن"، النتائج السلبية التي قد تترتب على إعادة إغلاق النافعة، ومن أبرزها "دفاتر السوق" حيث يحرم جيل بكامله من الدفاتر، إضافةً الى ما يرتّبه التأخير في تجديد دفاتر السوق من إشكالات مع شركات التأمين".

ولا تستبعد المصادر أن "الإضراب اليوم تقف وراءه جهات سياسية تهدف إلى عرقلة العودة للعمل في النافعة بعد أن أصبحت هي خارج الإطار، وبعض الموظفين المضربين محسوب عليها".

 

لا عودة لإغلاق النافعة

وحول مستقبل العمل في النافعة في ظل الإضراب؟ تؤكد أوساط "الداخلية" لـ"نداء الوطن"، أنّ "الموظفين المستخدمين الذين أضربوا يبلغ عددهم حوالي 55 موظفاً، فيما من بقي 23 موظفاً وهم ملحقون من وزارة الداخلية وموزعون على المراكز التي تعمل. علماً ان الموظفين إذا عادوا عن إضرابهم فإن حقوقهم ستصلهم". كما لوّحت أنه "في حال البقاء على قرارهم فسيتمّ التصرّف معهم وفق القوانين المرعية الإجراء. والوزارة لديها قرار ومصمّمة على المضيّ به قدماً وستكمل بمن بقي من الموظفين".

ووفق الأوساط، "هناك حالياً 34 عنصراً متقاعداً في قوى الأمن الداخلي يخضعون لدورة تأهيل مكثفة في معهد قوى الأمن للقيام بفحص امتحان القيادة العملي، وفي نهايتها سيخضعون لامتحان. ومن ثمّ يتم تعيينهم ضمن لجان السوق ويتوزعون على جميع المراكز". وتختم الأوساط حديثها، مشدّدة على أن "وزارة الداخلية مصمّمة على فتح النافعة بما تيسّر خدمةً للمواطنين أولاً، ولما سيضخّه هذا المرفق من أموال في خزينة الدولة".

 

منيمنة: هيئة السير مطالبة بحسم الموضوع

رئيس لجنة تقصي الحقائق النيابية المنبثقة عن لجنة الأشغال العامة والمكلفة بملف النافعة النائب إبراهيم منيمنة قال إن "العمل في النافعة اليوم منحصر بتصريف الأعمال، لضمان استمرارية المرفق العام. لأن شركة إنكريبت (inkript) تواجه مشاكل مختلفة، وتفاصيل العقد غير واضحة بالنسبة إليها"، معتبراً أن "هيئة السير مطالبة بحسم الموضوع وتحضير خطّة بديلة بشكل سريع لوضع الملف على السكة الصحيحة".

أما بالنسبة إلى الخطوات المتّخذة من قبل لجنة تقصي الحقائق لمعالجة هذه الإشكالية، فيُوضح منيمنة لـ"نداء الوطن"، أنّ "اللجنة عقدت جلسة لبحث الموضوع، لكنّها ليست معنيّة بشكل مباشر بما يحصل اليوم في النافعة. بل هي الجهة المسؤولة عن عمليات التلزيم ودفاتر الشروط وملاحقة شبهات الفساد التي تحيط بالملف، فلا قدرة لدينا على اتخاذ خطوات إضافية، ولا سلطة لمجلس النواب تسمح له بتسيير المرفق، الحكومة بشكل عام ووزارة الداخلية بشكل خاص هما السلطة الوصية على مرفق النافعة. بالتالي، يفترض بلجنة الأشغال، المعنية المباشرة بالملف، الدعوة إلى جلسة لمتابعته والخروج بقرار حازم سريعاً".

ويعتبر أن "هذا الواقع جزء ونتيجة لوضع الدولة الحالي. فمختلف المرافق تتخبّط وما من حلول لملف الرواتب والأجور، ولا ملفات الفساد التي لم تبتّ بعد رغم وجود موقوفين فيها".

ويؤكد أن "النتائج المترتبة على توقف عمل هذا المرفق دليل على أنه أساسي وحيويّ. ورغم الحاجة الملحة للمعالجة،هناك صعوبة في وضع خطط للحلول. خصوصاً أن الإصلاحات المالية التي تؤسس لإعادة هيكلة الرتب والرواتب في القطاع العام لم تبتّ بعد، والجميع ينتظرها".