لبنان أمام محكّ البقاء على رادار الاهتمام الإقليمي - الدولي

جاء في الراي الكويتية:

لاحظت أوساطٌ سياسية أنه حتى قبل دخول الملف الأوكراني «المنطقة الحمراء»، بدت العين الخارجية مركّزة على الواقع اللبناني من 3 زوايا، بمقدار ما أنها تعكس اهتماماً فإنها أيضاً تكرّس «رمي الكرة» في ملعب بيروت بوصْفها تحمل «مفتاح» تفكيك الأزمات المتشابكة التي تعصف بها انطلاقاً من الانهيار الشامل الذي تتقاسم المسؤوليةَ عن بلوغه «المكوّناتُ» المالية – الاقتصادية – المصرفية والوقائع السياسية التراكُمية التي أخرجت «بلاد الأرز» من الحضن العربي ليصبح حلقة مركزيةً في المحور الإيراني من خلال «حزب الله» وإمساكه بالإمرة الاستراتيجية كما بمفاصل السلطة.

الزاوية الأولى تتمثّل في الانتخابات النيابية المقرَّرة في 15 ايار المقبل التي يتعاطى معها الخارج على أنها المدخل لتغييرٍ، ذات نكهة سياسية وإصلاحية، كما تحاكي المناخ الذي عبّرت عنه انتفاضة 17 تشرين الاول 2019 التي ارتكزت على عناوين مكافحة الفساد ومحاسبة «الطبقة التي أفلست البلاد وقادتها إلى جهنم».

وتتمحور الزاوية الثانية حول المبادرة الكويتية لحلّ أزمة لبنان مع الخليج والتي وَضعت على الطاولة القرارات الدولية ذات الصلة بسلاح «حزب الله» ولا سيما الـ 1559 وأحيت وجوب التزام النأي بالنفس قولاً وفعلاً ووقف تحويل «بلاد الأرز» منصة عدوان لفظي وفعلي على دول مجلس التعاون.

أما الزاوية الثالثة فهي الترسيم البحري بين لبنان واسرائيل بوساطة أميركية والذي انتقل في الأسابيع الأخيرة إلى ما يشبه «فك اشتباك» حول الخطوط لمصلحة محاولة توزيع الحقول تحت الماء في المنطقة المتنازَع عليها، وسط تعدُّد الحسابات اللبنانية التي يُدار على أساسها هذا الملف، من كونه «باباً خلفياً» قد يَفتح على معالجة قضية العقوبات الأميركية على رئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل (صهر الرئيس ميشال عون)، إلى ارتباطه بمسار النووي وما بعده والتسابق على التحكّم بـ «أزرار» إدارة قضيةٍ ذات أبعاد اقتصادية واستراتيجية، في الأمن والسياسة.

من هنا، تثير الأوساط خشيةً مزدوجة: أولاً من أن يفرّط اللبنانيون بـ «آخر خيوط» الاهتمام الخارجي بـ «نكبتهم»، سواء بالسماح بأي مساومة على استحقاق 15 ايار واسترهانه للانتخابات الرئاسية (خريف 2022) أو لملفات إقليمية، أو بالمضيّ في احتجاز الإصلاحات رهينة حسابات سُلْطوية - انتخابية، أو الإفراط بالمماطلة في الدفع بملف الترسيم البحري نحو حلول سريعة.

وثانياً من أن تسبق التحولات العالمية المتعددة الجبهة خطاهم «السلحفاتية» في التصدي لمختلف جوانب الأزمة الأعتى التي تضرب بلدهم، وتالياً دفْع الخارج الذي يقف أساساً على «حافة اليأس» من إمكان أن «يساعد اللبنانيون أنفسهم كي نساعدهم» إلى نفْض أيديهم بالكامل من «الكارثة اللبنانية».

واستوقف هذه الأوساط أنه في الوقت الذي كانت الأنظار على زيارة مرتقبة الأسبوع المقبل لوزير الخارجية الفرنسي جان - إيف لودريان لبيروت تحت عنوان «الإصلاحات الآن والانتخابات في موعدها»، فإن مرتكزات المبادرة الكويتية حضرت في البيان الرئاسي المشترك الذي أعقب انعقاد الدورة الـ26 للمجلس الوزاري المشترك بين مجلس التعاون الخليجي والاتحاد الأوروبي في بروكسيل إذ حضّ «الحكومة اللبنانية على اتخاذ قرارات سريعة وفعالة للشروع بالإصلاحات التي من شأنها أن تمكّن من إبرام سريع للاتفاق مع صندوق النقد الدولي».

وأكد «أهمية إجراء انتخابات حرة ونزيهة وشفافة وشاملة بموعدها في 15 ايار» وداعياً «السلطات اللبنانية إلى توفير جميع الموارد اللازمة على وجه السرعة وتكثيف الاستعدادات الفنية والإدارية لضمان الالتزام بالجداول الزمنية المتفق عليها وضمان نزاهة العملية الانتخابية».

كما شدد المجتمعون، في استعارة من مضمون ورقة البنود الـ 12 التي حملها وزير الخارجية الكويتي الدكتور أحمد الناصر لبيروت قبل أسابيع، على «الحاجة إلى إجراءات بناء الثقة»، مع تأكيد «ضرورة العمل المشترك للمساعدة في الحفاظ على استقرار لبنان واحترام وحدته وسيادته تماشياً مع قرارات مجلس الأمن 1559 و1680 و1701».