المصدر: أساس ميديا
الكاتب: جوزفين ديب
الجمعة 10 أيار 2024 08:46:21
بعدما وضع رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو مهلة تسعة أسابيع للانتهاء من مهمّته العسكرية في رفح، بدأت الكواليس الدبلوماسية تتحدّث عن أنّ اليوم التالي أصبح أقرب من أيّ وقت مضى. ولكن يبقى ما هو غير محسوم حتى الساعة هو التصعيد الأمنيّ الإسرائيلي في جنوب لبنان تزامناً مع انتهائه من رفح تمهيداً للمفاوضات حول الحدود الجنوبية اللبنانية في حال بقائها على فشلها الحالي. وبالتالي يتحدّث الدبلوماسيون عن مهل نهائية أصبحت قاب قوسين أو أدنى من انتهائها. منها ما يتعلّق بعودة سكان المستوطنات الشمالية في إسرائيل المرتبط بشكل مباشر بالتصعيد أو التفاوض مع لبنان. ولكنّ الحديث عن اليوم التالي لا يتحدّث فقط عن مفاوضات، بل عن سلّة متكاملة بين الحدود والرئاسة والحكومة.
في عواصم القرار، يُبحث في هذه الأثناء الحلّ اللبناني. مصادر دبلوماسية مقرّبة من وزارة الخارجية الفرنسية تقول لـ”أساس” إنّ باريس تتحدّث عن انتخاب رئيس للبنان قبل الصيف. وذلك على اعتبار أن لا إمكانية لاستمرار الوضع على ما هو عليه في الصيف نظراً لانتهاء المهل الموضوعة لانتهاء الحرب رسمياً، ونظراً للعطل الصيفية، ونظراً لضرورة إجراء المفاوضات حول الحدود البرّية لإنهاء المواجهة في جنوب لبنان. وعليه، تقول هذه المصادر إنّ لبنان لن يوضع على مسار التفاوض من دون رئيس يوقّع على أيّ اتّفاق مقبل.
تقاطع أميركيّ – فرنسيّ – سعوديّ
تزامناً، تتقاطع مصادر مطّلعة على الموقف الأميركي مع هذا الكلام، مشيرة إلى أنّه وفق الدستور اللبناني واتفاق الطائف لا يُبرم أيّ اتفاق دولي من دون توقيع رئيس الجمهورية. الأمر نفسه تتقاطع عليه مصادر مقرّبة من المملكة العربية السعودية.
على خطّ هذا المسار، تقول مصادر فرنسية لـ”أساس” إنّ الموفد الأميركي آموس هوكستين المكلّف ملفّ الحدود، سيزور باريس في المقبل من الأيام للقاء الموفد الفرنسي جان إيف لودريان المكلّف ملفّ الرئاسة. وذلك للتباحث في الملفّ اللبناني من الرئاسة والحكومة وصولاً إلى الحدود، في تقاطع فرنسي أميركي واضح. لا سيما بعدما اتّفق الطرفان، خلال زيارة الوفد الفرنسي واشنطن في الأسابيع الماضية، على أن يلتزم كلّ مسؤول بملفّه على أن يتمّ التنسيق بينهم. وفي باريس أيضاً، سيلتقي هوكستين بمسؤولين في الخارجية الفرنسية للغرض نفسه.
الجديد في المشهد الدولي حول لبنان سيتّضح في الأسابيع المقبلة. إذ قالت مصادر دبلوماسية لـ”أساس” إنّ التواصل بين فرنسا وإيران سيحصل قريباً حول الملفّ اللبناني. وبالتالي الكلام عن دخول إيران على خطّ “الخماسية” سيعني أنّ مسار الحلّ اللبناني متّجه إلى النضوج.
لا تسوية من دون الحزب
في الشكل والمضمون لا تسوية من دون الحزب. أكانت هذه التسوية آتية قبل أيّ تصعيد إسرائيلي في جنوب لبنان أو بعده. وذلك يتحدّد وفق مسار المفاوضات حول الحدود. إذ يعود البعض إلى استهداف إسرائيل مواقع في الجنوب وصولاً إلى صور والنبطية حيث قواعد الحزب البحرية والبرّية. إلا أنّ ذلك يبقى رهن التطوّرات في المرحلة المقبلة القصيرة المدى وليس المتوسطة أو البعيدة. لا سيما أنّ أوساطاً بدأت تتحدّث عن جهوزية قوات الرضوان للمواجهة، وبالتالي التصعيد المقبل لن يكون نزهة لأحد.
في العودة إلى التسوية، لا تزال إشكالية الحزب مطروحة لجهة تمسّكه بمرشّحه رئيس تيار المردة سليمان فرنجية بناء على أكثر من اعتبار:
– أوّلاً، لا توجد موافقة صريحة بعد على أيّ مرشّح آخر.
– ثانياً، ليس التوقيت مناسباً له رئاسياً قبل نهاية معركة غزة.
– ثالثاً، ما زالت المعركة مستمرّة، وبالتالي لا ذهاب إلى “اليوم التالي” ما لم تسقط حماس بمفهوم الحزب.
الحلّ قبل الصيف؟
غير أنّ ما يريده الحزب قد لا يستطيع تحقيقه هذه المرّة. مصادر مقرّبة منه تدرك أنّ لبنان مقبل على مرحلة جديدة في خريطة جديدة للمنطقة. سيكون عنوانها رئيساً لمرحلة أمنيّة جديدة بعد تطبيق القرار الدولي 1701، وحكومة لمرحلة إصلاحية مقبلة إذا أراد المسؤولون أن لا يتفكّك البلد إلى مرحلة لا عودة منها. وذلك على أساس أن يتمّ التعاون بين الرئاسة والحكومة وفق الدستور واتفاق الطائف. وبالتالي كيف للحزب أن يعاند التقاطع الدولي على مسار مقبل لن تكون إيران بعيدة عنه، بل شريكة فيه؟ وهل يستطيع الحزب تحمّل مسؤولية بلد منهار بالكامل؟
عليه أيضاً، يدرك العاملون بالشأن السياسي أن لا صعوبة لإعادة الحياة إلى شرايين الاقتصاد اللبناني وإعادة الاستثمارات. فالمملكة العربية السعودية جاهزة للدعم، لكن هذه المرّة بشروط إصلاحية واضحة، من الرئاسة إلى الحكومة، من دون إغفال النكهة السياسية لهما. لا نهوض ولا مال ولا إعمار من دون تسوية. لذلك المكابرة اللبنانية في غير محلّها.
فهل ينجح الضغط الدولي في إنضاج الحلّ اللبناني قبل الصيف؟ أم صيف لبنان سيكون حارّاً كما قال وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت قبل يومين؟