المصدر: الأنباء الكويتية
الكاتب: جويل رياشي
الخميس 16 كانون الثاني 2025 00:06:01
في إنجاز يبرز أهمية البحث الأكاديمي في مجالات التجارة والتسويق، تم اختيار البروفيسورة اللبنانية مايا فرح جباعي ضمن أكثر 2% من العلماء تأثيرا على مستوى العالم لعام 2024، وفقا لتصنيف جامعة ستانفورد ومنصة «سكوبس إلزيفير». وهذا الاعتراف ليس فقط تقديرا لأبحاثها المبتكرة، بل شهادة على تأثيرها العميق في مجال التسويق، اذ انها المرأة الوحيدة المصنفة في هذا المجال في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
تطمح فرح إلى الاستمرار في تطوير أبحاثها في مجالات التسويق الأخلاقي والذكاء الاصطناعي. وترغب في العمل بشكل أعمق على كيفية استخدام التقنيات الجديدة لخدمة المجتمع بشكل شامل. كما تحلم بأن تكون جزءا من صياغة سياسات تسويقية محلية وعالمية تفضي إلى بيئة رقمية أكثر شمولية.
«الأنباء» التقت فرح التي تشغل حاليا منصب رئيسة قسم التسويق في كلية عدنان القصار لإدارة الأعمال بالجامعة اللبنانية الأمريكية، مع خبرة تتجاوز 18 عاما في التدريس والأبحاث العلمية. وكانت دردشة حول أهمية التصنيف وعن التحديات التي تواجهها النساء عموما في مراكز القيادة وعن جيل الشباب وضرورة دعمه في لبنان.
ما المواضيع التي تركزين عليها في أبحاثك ومقالاتك؟
٭ تشمل أبحاثي ومقالاتي مواضيع متعددة تهدف إلى تحقيق تأثير اجتماعي إيجابي. وأسعى دائما إلى الترويج لمبادئ التنوع والمساواة والشمولية. ومن المواضيع البارزة التي أتناولها في أبحاثي: التسويق المتعدد القنوات، مقاومة الاستهلاك والمقاطعة، التسويق الإسلامي، التسويق المالي.. الهدف هو تعزيز التفاهم بين الشركات والمستهلكين لإحداث تغيير إيجابي في العلاقة بينهما.
كذلك أركز بشكل خاص على التفاعل بين سلوك المستهلك والابتكارات التكنولوجية، مع التركيز على تلبية مطالبات ذوي الاحتياجات الخاصة، وذلك عبر تطبيقات الميتافيرس. هذه الأبحاث يمكن أن تدعم المنظمات وصناع السياسات لتحسين أدائهم.
كيف بإمكان مادة التسويق ان تكون أداة لإحداث تغيير اجتماعي إيجابي؟
٭ التسويق ليس مجرد وسيلة لتوصيل رسالة، بل هو أداة لتغيير المفاهيم والأفكار في المجتمع. هو أكثر من مجرد أداة تجارية، هو قوة محركة للتغيير الاجتماعي. من خلاله، يمكن تصميم استراتيجيات تعزز القيم المجتمعية، مثل الحد من التمييز، تعزيز الصحة النفسية، وتمكين المرأة. على سبيل المثال، يمكن استخدام حملات تسويقية لتشجيع استهلاك مستدام أو دعم قضايا حقوق الإنسان، مما يسهم في تحقيق أهداف التنمية المستدامة مثل المساواة والرفاهية. التسويق هو أداة قوية لإحداث تغيير اجتماعي إيجابي، حيث يمكن استخدامه لتعزيز قيم مثل التنوع والمساواة والشمولية. يمكن للتسويق أن يغير السلوكيات والمواقف تجاه قضايا مجتمعية مهمة مثل التمييز العنصري والجنسي، مما يسهم في بناء مجتمع أكثر تماسكا وعدالة.
الذكاء الاصطناعي أحدث ثورة في الطريقة التي نحلل بها كميات هائلة من البيانات، وقدم لنا كمسوقين فرصا كبيرة لفهم احتياجات المستهلكين والتفاعل معهم بأسلوب شخصي وفعال وتعزز بيئة رقمية شاملة. كما وأن الذكاء الاصطناعي يتيح لنا فهم كيفية استخدام التكنولوجيا لتعزيز استقلالية وجودة حياة الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة، من خلال تمكينهم من قبول أوضاعهم بشكل أفضل. ولكن يبقى من الضروري مراعاة الخصوصية والشفافية والأخلاقيات لضمان أن أدوات الذكاء الاصطناعي تخدم المستهلكين دون المساس بالثقة.
ما أبرز التحديات التي تواجهها النساء في مراكز القيادة في لبنان وفي العالم العربي، وكيف يمكن تعزيز دورهن في صنع القرار على المستويات الاقتصادية والاجتماعية؟
٭ النساء في لبنان وفي العالم العربي ككل يواجهن تحديات متعددة ومعقدة للوصول إلى مراكز القيادة. تنبع هذه التحديات من مجموعة من العوامل الثقافية والاجتماعية والاقتصادية مثل الصور النمطية، عدم التوازن بين العمل والحياة الشخصية، وغياب الدعم المؤسسي الكافي. فلاتزال العديد من المجتمعات العربية تنظر إلى المرأة من خلال أدوار تقليدية تحد من مشاركتها في القيادة وصنع القرار. هذه الصور النمطية تؤثر في ثقة المرأة بقدراتها وتؤدي إلى تقليل فرصها في تولي مناصب قيادية.
من الضروري العمل على تغيير المفاهيم الثقافية والاجتماعية السائدة التي تقيد دور المرأة في القيادة وإشراكها في عملية صنع القرار. يمكن تحقيق ذلك من خلال التعليم والتوعية المجتمعية لتعزيز قيم المساواة بين الجنسين. يجب أيضا وضع سياسات داعمة تمكن المرأة من تحقيق التوازن بين العمل والحياة الشخصية. يشمل ذلك برامج تدريب تهدف إلى تعزيز المهارات القيادية وتعريفهن بأفضل الممارسات العالمية. تعزيز دور النساء وتمكينهن في مراكز صنع القرار هو ضرورة لتنمية اقتصادية واجتماعية شاملة لما يعكس ذلك من قيمة استثمارية ومجتمعية عالية.
وهنا، يمثل نجاحي في دوري الأكاديمي تحديا في المجتمع المهني. لقد تمكنت من تجاوز التحديات بفضل الإرادة، التخطيط الجيد، التطوير المستمر، الالتزام بجودة الأبحاث والعلاقات المهنية الداعمة. الرحلة الأكاديمية والمهنية للمرأة ليست سهلة، ولكنها مليئة بالفرص لتحقيق تأثير إيجابي ومستدام في المجتمع. لذلك فإنني أشجع المتخرجات على تجاوز الحدود الاجتماعية والمهنية المرسومة لهن، والإيمان بقدراتهن على إحداث التغيير، والسعي لتحقيق أحلامهن وطموحاتهن.
وماذا عن جيل الشباب الذي تعرفينه عن كثب من خلال عملك في الجامعة؟ هل ترين فيه بذور قيادات مبشرة بالأمل لمستقبل لبنان؟
٭ الطلاب في الجامعة يظهرون شغفا وتفانيا كبيرين، ولديهم رغبة قوية في التعلم والتطوير. بالرغم من التحديات الاقتصادية والاجتماعية التي تواجههم، هم قادرون على التفكير النقدي والابتكار في آن واحد لتحويل التحديات إلى فرص. هذا يجعلني أشعر بالتفاؤل بمستقبل لبنان. واعتقد ان دعم هؤلاء الشباب وإلهامهم لتحقيق إمكاناتهم وتزويدهم بالمهارات والمرونة اللازمة لإحداث التأثير يمكن أن يكون حجر الزاوية في بناء وطن مليء بالطموح والإبداع.