مراسلات محصورة للجيش عن التوغّل الإسرائيلي ومناطق خارج التغطية

نار المواجهات الحربية البرية مشتعلة في الجنوب اللبنانيّ، لكنّ التطورات المتصلة بها غير معلنة رسميّاً ومنها ما هو غير معروف. تحصل المتابعة من خلال الجيش اللبناني بقدر الإمكانات. وفق معطيات رسمية توافرت ل "النهار"، إنّ رصد الجيش اللبنانيّ للتوغّل الإسرائيلي داخل الأراضي اللبنانية يحصل في المناطق المحاذية التي لا يزال لعناصره انتشارٌ فيها في الجنوب اللبنانيّ، وهو يبلّغ من خلال مراسلات خاصّة تصل إلى وزارة الخارجية اللبنانية لكنّه لا يستطيع رصد المساحات الجغرافية البعيدة التي انسحب منها نتيجة الحرب.

ولا يراسل الجيش اللبناني وزارة الخارجية مباشرة إنما ثمة آلية منتهجة تسمح بوصول فحوى المراسلات إلى وزارة الخارجية من دون الإعلان عنها إعلامياً. ويقصد من إيصالها إلى وزارة الخارجية ترتيبها في حال التحضير لشكاوى. وإذ لا تشمل هذه المراسلات كلّ المساحات الجغرافية التي يجري التوغل الإسرائيلي فيها، فإنّ المعطيات تلفت إلى أنّه يحيّد دورياته عن القرى التي صارت تحت سيطرة تامة للتوغل الإسرائيليّ ويسلك طرقاً لا تتلاقى مع الإسرائيليين.

في استطلاع "النهار" للأجواء الخاصّة برئاسة الحكومة اللبنانية، تأكيدٌ أنّ إصدار إحداثيّات المعارك الحربية البرية لا تحصل من خلال رئاسة الحكومة، إنما العمل عليها هو من اختصاص الجيش اللبناني الذي يوثّق التطورات. وإذ تتلقّى رئاسة الحكومة اللبنانية تقارير عسكرية يطّلع عليها الرئيس نجيب ميقاتي من دون أن تنشر في الإعلام، فإنّ وظيفة الحكومة اللبنانية لا تكمن في التحدّث عن توغّل للجيش الاسرائيلي في القرى الجنوبية.

إن خفوت الإعلان عن إحداثيات لبنانية حيال مجريات المعارك البرية ملاحظ على مستوى لبناني مراقب متضلّع من الاستراتيجية الحربية، ولا يشكّل ذلك الغياب مفاجأة في اعتبار أن الدولة اللبنانية لم تقرّر رسميا الحرب إنما يخوضها "حزب الله" الذي يكتفي بالإعلان عن الصليات الصاروخية التي يطلقها باتجاه الداخل الإسرائيليّ. ويبتعد المراسلون عن المساحات القتالية من دون إغفال تعرّضهم لاستهدافات إسرائيلية وتأثير "حزب الله" في تحديد وجهة التغطية، ما لا يجعلها شبيهة بكيفية تغطية وتيرة الأحداث الحربية في قطاع غزة.

توازياً، يركّز الإعلام اللبناني على إحصاء عدد الغارات الإسرائيلية المتساقطة الناتجة عن الضربات الحربية الجوية. ولا يصدر "حزب الله" ييانات خاصة بتطورات المعارك البرية ما يشكّل من منظار خبير في الاسراتيجية الحربية محاولة للحفاظ على معنويات جمهوره وتسجيل مواقف سياسية بعيداً عن إظهار منحى الخسائر في اعتبار أن مجريات الساحة القتالية البرية ليست لمصلحته في ظلّ التوغل الإسرائيلي في القرى اللبنانية الحدودية. ويحصل الاستناد لبنانياً إلى التقارير العسكرية الإسرائيلية لمعرفة منحى المواجهات البرية.

في الداخل الإسرائيلي التفسيرات حاضرة لنتائج العمليات العسكرية البرية جنوب لبنان، مع التأكيد على سيطرة الجيش الإسرائيلي على القرى الحدودية وبدء التوغل في القرى الوسطية الواقعة ما بين القرى الحدودية اللبنانية الجنوبية وبين القرى المتاخمة لنهر الليطاني، حيث يتخذ الجيش الإسرائيلي استراتيجية قائمة على التقدّم المتمهّل للسيطرة على القرى الوسطية مع إبقاء "حزب الله" على وتيرة منخفضة من المواجهات، لكن ذلك لا يلغي قدرة الأخير على إلحاق خسائر بالجيش الإسرائيلي في تلك القرى، الذي من ناحيته يستخدم عدداً أقل من الجنود الإسرائيليين في هذه المرحلة. وإذا بقيت المعارك على ما وتيرتها في مرحلة لاحقة، يرجَّح أن تكون إسرائيل أمام اتخاذ قرار الوصول إلى القرى المتاخمة لنهر الليطاني.