المصدر: الديار
الكاتب: ندى عبد الرزاق
الثلاثاء 27 شباط 2024 08:23:27
تزايد البأس الاسري مؤخرا، وارتفعت وتيرة جرائم القتل بشكل غير مسبوق، وهذه الظاهرة تعتبر عالمية، وتشكل تحديا كبيرا للحكومات والمجتمعات، وتتأثر هذه الحالة بالعديد من العوامل الثقافية والاقتصادية والسياسية، فوق ذلك تطرأ تبدلات في نسب العنف واشكاله حسب البلدان والثقافات.
هذا وقد تلعب التحولات الاجتماعية والمادية دورا بارزا في تكاثر جرائم القتل ضد النساء، وقد يكون ذلك نتيجة تقهقر الاوضاع المعيشية والمالية في البيئات، مثل التغيرات الهيكلية في الاسرة، وتدهور الظروف النقدية والبطالة.
تعددت الاسباب والجريمة واحدة!
ومما لا شك فيه، تسهم التحديات الثقافية والتربوية في ترسيخ أنماط القساوة، على غرار الاعتقادات التقليدية الشائعة او المتعارف عليها في مكان ما، والتي تبرر الفتك ضد المرأة او توطد دور نفوذ الرجل كمالك ومتفرد بالسلطة. وفي الإطار، تكافح التشريعات والعدالة الصلابة، لان قوانين العنف الاسري، قد تكون غير كافية او غير فعالة في بعض البلدان فتتضاعف الجرائم. إشارة الى ان التمييز الجنسي وعدم المساواة، يمكن ان يزيد من فرص حدوث العنف ضد النساء، لا بل ويعتبر سببا مساهما في زيادة هذا النوع من جرائم القتل.
الى جانب ذلك، تكون النساء والفتيات ضحايا للعنف الاسري والجرائم في حالات النزاعات والحروب والمعارك العسكرية، حيث تستخدم القوة كأداة للسيطرة والانتقام. وفي هذا المجال، يلعب الاعلام والتكنولوجيا دورا في تشجيع او تبرير البأس ضدهن. ناهيكم بالعوامل النفسية والصحية، حيث يمكن ان يكون لهذين الجانبين تأثير مباشر على كثرة جرائم العنف الاسري والقتل، مثل الإدمان على المخدرات او الاكتئاب.
بناء على كل ما تقدم، تحتاج النساء والفتيات الى حماية وتدخل فعال من قبل الدولة والمنظمات الرسمية والمدنية للضحايا. كما يتطلب التصدي لتزايد البطش ضد النساء، استراتيجيات بنّاءة وشاملة تشمل التعديلات الاجتماعية، الى جانب التشريعات والسياسات التي يجب ان تنطلق من وضع قوانين فعالة تحمي النساء من العنف، وتعاقب المرتكبين مع توفير الدعم اللازم للضحايا.
القانون فضفاض!
يحتوي القانون اللبناني على عدة مواد تتعلق بجرائم قتل النساء والعنف ضدهن. من بين هذه المواد:
- المادة 554 من القانون الجنائي اللبناني تعاقب على ارتكاب جريمة القتل، وتحدد العقوبات المناسبة لمقترفيها.
- المادة 506 تتعلق بالعنف الأسري، وتنص على حماية الأفراد من العنف داخل الأسرة.
- المادة 507 تعاقب على جرائم الاعتداء بالضرب والجرح.
- قانون رقم 78/65 المتعلق بمنع الاغتصاب والاعتداء الجنسي.
وتهدف هذه المواد إلى حماية النساء وتقديم العدالة في حالات العنف ضدهن، وتحدد العقوبات والإجراءات التي يمكن اتخاذها ضد المذنبين، وتوفير الحماية للضحايا.
تعنيف بصخرة!
في موازاة ذلك، وقعت جريمة بشعة في كانون الثاني الفائت في سهل بوداي - قضاء بعلبك، حيث عنّف المدعو تركي دهان زوجته البالغة من العمر 32 عاما وتدعو ابتسام رضوان. وفي التفاصيل، رمى الزوج زوجته بصخرة متوسطة بعد احتدام الشِجَار بينهما، وما لبثت ان فارقت الحياة. وكان الصليب الأحمر نقل الزوجة الى مستشفى "دار الامل"، وبعد الكشف عليها من قبل الطبيب الشرعي، تم تأكيد وجود كدمات واثار تعذيب.
وفي السياق، قال الباحث في الدولية للمعلومات محمد شمس الدين لـ "الديار" ان "عدد جرائم القتل وصل في العام 2023 الى 219 ، مقابل 179 جريمة في العام 2022".
وعلى خط مواز، أوضحت مسؤولة الاعلام في منظمة "كفى" زينة الأعور لـ "الديار" ان "عدد جرائم القتل في العام 2023 بلغ 21 حالة ، وفي العام 2024 تم رصد جريمة قتل واحدة". وأكدت "ان الجريمة الثانية تعود لفتاة صغيرة، لكن "كفى" لا تنظر الى مثل هذه القضايا بشكل مجزأ، ونحاول دائما القول ان العنف لا يزال يطال هذه الفئة بالرغم من صدور قانون العنف الاسري والتعديلات التي طرأت عليه في العام 2014 ، الى جانب التقدم الملحوظ من الناحية القانونية في هذا المجال، ومع ذلك هذا القانون من وجهة نظرنا يؤمن حماية مؤقتة".
وتابعت "الرادع الجوهري الذي يجب ان يضع حدا للجرائم يكمن بإصلاح قوانين الأحوال الشخصية الطائفية البالغة 15 ، التي تعتبر المرأة مواطنة درجة ثانية، وان سلطة الرجل هي الاعلى". وأشارت الى "النفوذ الذي يجعل الذكر يتصرف حسب الطريقة التي يجدها مناسبة، أي يقيِّم تصرفات المرأة ويتصرف على أساسها، وقد يلجأ الى تعنيفها وصولا الى ابادتها".
واستكملت " حتى تنخفض هذه الجرائم، ينبغي ان يكون لدينا قانون موحد للأحوال الشخصية وقانون مدني يحقق العدالة داخل الاسرة، ويكرس فكرة الشراكة بين المرأة والرجل، ويلغي مفهوم التسلط الموجود في مجتمعنا الذكوري، الذي يُترجم على أرض الواقع بطرق وأساليب مختلفة".
الى ذلك، قالت منظمة ابعاد لـ "الديار" ان "عدد الشكاوى من حالات العنف الاسري المبلغ عنها على الخط الساخن، بلغت في العام 2021 (3413)، وسجلت في العام 2022 (2294) حالة بينما في العام 2023 وصلت الى(2652)".
الاحصائيات العالمية
على صعيد متصل، وبحسب تقرير منظمة الصحة العالمية، فان حوالي 1500 امرأة تقتل كل يوم حول العالم جراء جرائم القتل، كذلك تُظهر الإحصائيات أن نسبة كبيرة من النساء يتعرضن للعنف الجنسي في حياتهن، سواء كان ذلك على يد شركائهن أو أشخاص آخرين. ولا يزال الزواج القسري وجرائم الشرف منتشرة في بعض المجتمعات، مما يعرض النساء لمخاطر جسيمة. اما بالنسبة للعقوبات ضد هذا النوع من جرائم قتل النساء فهي غير كافية، وتظل غير فعالة في منع حدوثها وتكرار التصرفات المسيئة، مثل الركل والصفع وصولا الى الاهلاك والسحق.