يبدو أنّ الحراك السياسي في شأن مطار رينيه معوض في القليعات-عكار قد جُمّد إلى أجل غير مسمّى، مع بروز تخوّف سياسي وشعبي من أن تكون الأمور في هذا الملف قد عادت إلى نقطة الصفر.

فالواضح أنّ ما يعرقل إعادة تفعيل العمل في تشغيل هذا المطار هو القرار السياسي المفقود في مكان ما. ففي السابق كان يقال إنّه ليس لدى "حزب الله" النية في تيسير هذا الملف، ولا سيما أنه غير قادرٍ على السيطرة الأمنية على مطار يعدّ بعيداً عن نطاقه الجغرافي. ومع أنّ نواباً من عكار أشاروا سابقاً الى أنّ "الحزب" لا يمانع في فتح المطار، إنما يسأل عن الظروف الملائمة لهذه الخطوة، فإنّ من ضمن الأمور التي قد يجد فيها البعض بوادر تأخير للملفّ، هو أن يوضع ملفّه بالسياسة متوازياً مع ملف مطار رياق ومطار حامات، مع أنّ مطار القليعات هو المطار الأكثر جهوزية للعمل في غضون أشهر بين هذه المطارات، إذا توفّرت الإرادة السياسية لذلك.

وأما الحَراك الذي كان بدأه نواب عكار، ولا سيما في كتلة "الاعتدال الوطني"، من خلال مروحة اتصالات واسعة مع الأفرقاء السياسيين، ورغم إيجابية اللقاءات والإجتماعات وقتها بحسب ما يؤكده نواب التكتل، إلا أنّ الحرب في غزة والجنوب اللبناني قد جمّدت الإتصالات وأخذت الإهتمام الرسمي إلى مكان آخر.

هذا الأمر أكّده عضو "الاعتدال الوطني" النائب وليد البعريني، إذ أشار في مؤتمر صحافي عقده في مكتبه في المحمرة-عكار أمس إلى أنّ "الحرب الجارية على محوري غزة والجنوب أعاقت عملنا السياسي الذي كنا نقوم به لتشغيل مطار القليعات، لكنّ الملف، كما يبدو يحتاج إلى ضغط شعبي بالتوازي مع الضغط السياسي"، وهو ما يقوله أيضاً أعضاء في تكتّل "الاعتدال" في مجالسهم، وصرّح به البعريني أيضاً أمس عندما قال: "هناك اتجاه لإطلاق التحرّك الشعبي بالتوازي مع التحرّكات السياسية، وعلى الناس أن تضغط معنا في هذا الملف الذي يعني الجميع، وعليهم أن يكونوا مستعدّين للحظة التي يطلب منهم النزول إلى الشارع للمطالبة بهذا الحق وهذا المشروع الحيوي لعكار وللبنان".

في الواقع، ليست المرة الأولى التي يُعاد فيها فتح ملف تشغيل مطار القليعات المتوقف عن العمل المدني منذ سنوات، فالمطار الذي كان مسرحاً لانتخاب رئيس جمهورية من الشمال وسمّي باسمه، لا ينكر أحد أنه حاجة وضرورة للبنان في ظل المشكلات التي تعتري مطار بيروت من فترة لأخرى. صحيحٌ أنّ لبنان قد يكون البلد الوحيد الذي لا يملك أكثر من مطار، إلا أنّ التحديات السياسية التي تواجه تشغيل مطار في عكار تبدو كبيرة جداً لتتمكّن من تعطيل الملف في كل مرّة يتكرر الحديث عنه فيها. فهل بالفعل كان المطار سيعمل، وستعقد الجلسة الحكومية المخصصة لذلك لولا أحداث غزة؟ الأمور مرهونة بانتهاء الحرب وعودة الوضع إلى مساره السياسي، وعندها لكل حادث حديث.