معلمة في السبعين بلا كهرباء "لأنها لم تدفع الفاتورة"... الصندوق عاجز!

"يا أستاذ، أنا معلمة في السبعين من عمري، ولديّ أختان أكبر مني وأنا أعتني بهما. ليس لدينا كهرباء في المنزل، وقد قطعوا عنّا الكهرباء لأنني لا أستطيع دفع الفاتورة". كانت هذه كلمات تسجيل صوتي أرسلته إحدى المعلمات، ترافقها مشاعر من البكاء والحسرة، طالبت من خلالها نقيب المعلمين، نعمة محفوض، بتحسين راتبها قليلًا لتتمكن من الاستمرار في العيش.

يعكس هذا الواقع المرير حال معلمي لبنان، الذين يعانون تحت وطأة الأزمة الاقتصادية والحرب، وسط غياب أي إجراءات جدية من الجهات المعنية لدعمهم وحماية التعليم. المعاناة طالت المعلمين الحاليين والمتقاعدين على حد سواء، في ظلّ تقاعس الدولة عن معالجة هذا الملف. هذا الإهمال دفع نقيب المعلمين، نعمة محفوض، إلى الاستقالة من عضوية مجلس الإشراف على صندوق التعويضات، معبّراً عن رفضه لما وصفه بـ"التدمير الممنهج للصندوق" والتجاهل الكامل لمعاناة المتقاعدين الذين يواجهون أوضاعاً معيشية متدهورة وغير مسبوقة.

في حديثه لـ"النهار"، سلّط نعمة محفوض الضوء على المعاناة التي يواجهها المعلمون المتقاعدون في لبنان، ولا سيما في ظل التدهور الكبير في قيمة الرواتب التقاعدية. وأوضح أن المرسوم الذي كان يهدف إلى تحسين رواتب المعلمين، والذي تلقّى وعوداً بتنفيذه، لم يُطبّق بسبب العراقيل التي وضعتها إدارات المدارس الخاصة، نتيجة عدم التزامها بتسديد مستحقاتها. هذا التجاهل من قبل المدارس أسهم كثيراً بتعطيل قدرة صندوق التعويضات على الوفاء بالتزاماته تجاه المعلمين المتقاعدين.

وأشار محفوض إلى أن المرسوم كان يسعى إلى رفع الرواتب بنحو تسعة أضعاف، من 20-30 دولاراً إلى 200-300 دولار تقريباً، وهو مبلغ لا يلبّي الاحتياجات المعيشية ولكنه كان يُعدّ خطوة ضرورية لتحسين أوضاع المعلمين. ورغم أن الاتفاق على هذا المرسوم تم برعاية وزير التربية عباس الحلبي ومدير صندوق التعويضات عماد الأشقر، وأُرسل إلى مجلس الوزراء مع تحديد موعد لتنفيذه، لم يُنفذ، واستمرّت العراقيل في تعطيل تطبيقه.

يشير محفوض إلى أن هناك ثلاث جهات رئيسية مسؤولة عن التقصير في هذا الملفّ. أولاً، رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي، الذي لم يتحمّل مسؤولية إيقاف القانون ولم يقدّم بدائل مناسبة لمعالجة الأزمة. ثانياً، وزير التربية عباس الحلبي، الذي حضر الاتفاق الذي يلزم المدارس بدفع مستحقات المعلمين، لكنه لم يتخذ إجراءات ضد المدارس التي لم تلتزم. ثالثاً، المدير العام لوزارة التربية عماد الأشقر، المسؤول عن إدارة مجلس الإشراف على صندوق التعويضات، والذي اتهمه محفوض بالتقاعس عن أداء دوره، من خلال تعطيل الاجتماعات أو عدم الالتزام بالدورية المخصّصة لمعالجة أوضاع المعلمين.

كذلك انتقد محفوض مجلس إدارة صندوق التعويضات، واصفًا إياه بـ"العاجز وغير المنتج"، مشيراً إلى أن الاجتماعات تُعقد مرة كل ثلاثة أشهر، فيما ينص القانون على ضرورة عقد اجتماعات أسبوعية لمتابعة القضايا وحلها.

محفوض منح إدارة الصندوق مهلة أسبوع لعقد اجتماع والنظر في مطالب المعلمين، محذراً من أن تجاهل هذه المهلة واستمرار تقاعس المسؤولين سيؤدّي حتماً إلى تصعيد من قبل المعلمين، الذين قد يلجؤون إلى الاحتجاجات والاعتصامات دفاعاً عن حقوقهم. وأكد أن نقابة المعلمين عازمة على اتخاذ كل الإجراءات اللازمة لضمان تحسين أوضاع المعلمين، داعياً الجهات المعنية إلى التحرّك الفوري لتفادي تفاقم الأزمة. فهل ستصغي الجهات المسؤولة إلى صوت المعلم قبل أن يتردّد صداه في الشارع؟