مفوضية اللاجئين "متمردة" ففتشوا عن اللبنانيين في وطنهم!

لم يأت كلام وزير الداخلية والبلديات بسام المولوي لقناة "الحرة" من فراغ عندما تناول المفوّضيّة العليا لشؤون اللاجئين السوريين التي بات في حكم المؤكد انها ترفض خروج السوريين من لبنان وعودتهم الى بلدهم حيث لا تتجاوب مع مؤسسات الدولة في مشهدية مغايرة عن تعاطي تركيا والاردن مع النازحين السوريين على اراضيهما حيث تفرضان ما تقرره السلطات في البلدين على مسار التعامل مع النازحين السوريين والمفوضية في أن معا. ويستمر المسؤولون عن المفوضية في لبنان طوال الاشهر الاخيرة في ممارسة سياسة المماطلة والتسويف حيال عدم تسليم ال "داتا" الخاصة بالنازحين السوريين التي تفصل اعدادهم الدقيقة وتوزع انتشارهم في كل المناطق مع التوقف عند مسألة احجام انتشارهم في بلدات بقاعية عدة حيث اصبحوا يفوقون السكان الاصليين في العدد في اكثر من بلدة.

وفي هذا الوقت ما زالت المديرية العامة للأمن العام تنتظر تسلمها ، ولا سيما النسخة المعدلة منها. يقول ضابط ان ما جرى تسليمه في النسخة الاولى ل "الداتا" كان اشبة بشبكة للكلمات الضائعة حيث من الصعب التحقق والعثور على اماكن عائلات النازحين من المسجلين والمستفيدين من خدمات الامم المتحدة وتقديماتها. وثمة اعداد كبيرة منهم تقبض المال شهريا وهي تسافر الى سوريا وتهربها .

وامام كل هذا الشريط من المعضلات لم يعمد المسؤولون عن المفوضية الى التعاون مع الاجهزة الامنية ولا مع السلطات السياسية. وفي معلومات ل "النهار" ان وفدا رفيعا على مستوى التمثيل ودائرة القرار في المفوضية سيحضر الى بيروت في الاسبوع المقبل للقاء كبار المسؤولين في الحكومة الى الامنيين المعنيين للبحث في اخر تطورات ملف النازحين السوريين، ولا سيما بعد ارتفاع اصوات سياسية رسمية فضلا عن اخرى في المعارضة تعترض على اداء المفوضية وكيفية تعاطيها مع الادارات اللبنانية. وسيحضر ملف ال "داتا" من أوسع ابوابه هذه المرة بعد كل الوعود التي اطلقت التي دفعت المولوي وقبله وزير الخارجية والمغتربين عبدالله بو حبيب للاعتراض على عدم اكتراث المديرية بكل ما يعانيه لبنان وحالات التخبط في التعاطي مع ملف النازحين الذي بات يشكل كابوسا على كل البلد ومستقبل اهله الذين يضيقون ذرعأ جراء هذا الملف. وما لم يعلنه كثيرون في الداخل والخارج هو ان التوجه العام عند اكثر من دولة غربية هو طلبها ولو بطريقة غير مباشرة ب"التسليم" بالابقاء على استمرار وجود السوريين في لبنان حيث يتم تلمس توطين مقنع لهؤلاء وهذا ما تثبته الوقائع على الارض. وفي خضم كل هذه التحديات يجمع اكثر من مسؤول من المولجين بهذا الملف على ان المدير العام للامن العام بالانابة اللوء الياس البيسري يقوم بجهود كبيرة في متابعة هذا الملف الذي ترتبط خيوطه بأكثر من ملف تتشعب منه جملة من الازمات. وتقول مصادر لبنانية مواكبة لهذا الملف الشائك ان مفوضية اللاجئين لم تلب ما تم طلب منها على مستوى ال "داتا" وغيرها مما يعبر عن مجافاة أبسط القواعد الديبلوماسية التي تفرض على المفوضية ان تتجاوب مع السلطات المعنية وهي تستمر في سياسة التغاضي والاكتفاء بالاقوال لا اكثر مع الاشارة الى ان مديرية الامن العام وفريق الضباط المكلف منها بمتابعة ملف النازحين يقوم بالمهمات المطلوبة منه وباشراف مباشر من اللواء البيسري .

وبعد كل الضجيج الدائر حيال النازحين السوريين تفيد المصادر ان المفوضية "تعمل وفق اجندتها الخاصة ومن دون الالتفات الى المصلحة اللبنانية والتحسب لاخطار بقاء النازحين السوريين وعدم عودتهم الى ديارهم مع التوقف عند الشروط التي تضعها الدول المانحة التي تساعد لبنان والتي تبدو في مكان ما انها تقدم حفنة من المساعدات المادية مقابل السكوت والتسليم باستمرار بقاء السوريين في لبنان طوال كل هذه السنوات تحت حجة حلول توفر الظروف الامنة والمؤاتية لعودتهم الى بلدهم .

وفي موازة تحرك الحكومة حيال ملف النازحين ولا سيما على مستوى مديرية الامن العام تنشط لجنة الشؤون الخارجية والمغتربين النيابية برئاسة النائب فادي علامة في مواكبتها للملف وسيقوم وفد منها بزيارة الى بروكسيل للقاء مسؤولين ورؤساء لجان نيابية في الاتحاد الاوروبي وبرلمانه استكمالا لزيارة لاعضاء في اللجنة قبل سنة ولم يتم منذ ذلك التاريخ وغيره سعي اكثر من دولة اوروبية الى عدم البحث بالنازحين السوريين وكأنه مكتوب على لبنان القبول بوجودهم على ارضه وعدم العمل على اعادتهم. ويقول علامة ان تبدلا حصل عند سبع دول اوروبية في الاونة الاخيرة بدأت اعادة النظر في كيفية تعاطيها مع النازحين على عكس مواقفها عام 2017 مع ضرورة الاصغاء جيدا الى هواجس لبنان. وهذا ما سمعه علامة من سفير النمسا رينيه بول أمري قبل يومين.

ويبقى ان لا ارقام صحيحة عن اعداد السوريين في لبنان، فاذا كان المسجلون لدى المفوضية نحو مليون و280 الف شخص ما عدا غير المسجلين فضلا عن ولادات تقدر بنصف مليون طفل منذ بداية الحرب في بلدهم وقدومهم الى لبنان الى اليوم زائد السوريين الذين كانوا يقيمون قبل اندلاع الازمة اضافة الى الاعداد التي تدخل خلسة حيث تشير كلها الى ارقام اكبر من تلك التي يجري الحديث عنها وتناولها في احصاءات لا تعبر عن حقيقة وجودهم الحقيقي على الارض.

ومن هنا لا يجب ان يغيب ملف النازحين السوريين عن الاخطار التي تهدد لبنان رغم التنبه للاخطار الاسرائيلية في وقت يستمر الافرقاء في مناكفاتهم وعدم انتخاب رئيس الجمهورية الى اليوم حيث لا يجب السكوت والخضوع لارادات الدول الغربية على بقاء السوريين وتمدد انتشارهم في المناطق على هذا المنوال.

ويقول مسؤول : اذا بقي النزوح السوري على هذا الشكل من المراوحة وعدم عودتهم الى بلدهم في السنوات ال 10 المقبلة "فتشوا عن اللبنانيين في وطنهم"!