مقارنة رقمية بين 2006 و 2024 تكشف الحقائق

كتبت رماح الهاشم في نداء الوطن: 

أرقامٌ عشوائيّة يتمّ إطلاقها، مرّة من قِبل جهة خارجيّة ومرة من قِبل خبراء محليين، حول حجم الخسائر والتداعيات الاقتصاديّة والماليّة على لبنان جرّاء الحرب المُستمرّة منذ أيلول الماضي، وما قبله عند الجبهة الجنوبيّة. وتسقط كل التوقّعات حول الرقم النهائي للخسائر، مع استمرار الحرب إلى أجل غير واضح.. إلّا أنّ الثابت لدى جميع المُراقبين أنّ الخسائر تفوق بكثير الخسائر التي مُني بها لبنان من جرّاء حرب تموز عام 2006.

يوضح الباحث في "الدوليّة للمعلومات"، محمد شمس الدين لـ "نداء الوطن"، أنّ "الفرق بين هذه الحرب وحرب 2006 "شاسع لأنّ العامل الأوّل المؤثّر هي المدة الزمنيّة، بحيث أن حرب تموز استمرّت لـ 33 يوماً. أمّا إذا ابتدأنا باحتساب مدّة هذه الحرب من 17 أيلول 2024، وليس تشرين 2023، تكون الفترة 60 يوماً حتى الآن، في حين أنّ الحرب لا تزال مُستمرّة". وفي حين أن "خسائر الـ 2006 الإجماليّة، المباشرة وغير المباشرة قُدّرت بما يُقارب 5 مليارات و300 مليون دولار، تجاوزت الخسائر في هذه الحرب حتى اليوم، الـ 11 مليار دولار".

أرقامٌ أوليّة

لذا يُشدد على أنّه "من المُبكر الحديث عن الخسائر والأضرار الماديّة والاقتصاديّة المباشرة وغير المباشرة للحرب الإسرائيلية على لبنان، لسببيْن :

"الحرب لا تزال مستمرّة ومن غير المعروف متى تنتهي، والأضرار والخسائر ترتفع كل ساعة وكل يوم.

 ومنذ 17 ايلول 2024، لم يتم اجراء مسوحات ميدانيّة في الأماكن المُتضرّرة في الجنوب والضاحية الجنوبية لبيروت والبقاع تسمح بتحديد صحيح للأضرار".

وبالتالي، يُوضح شمس الدين أنّ "الأرقام الحاليّة للخسائر هي أرقام أوليّة وتقديريّة وغير نهائيّة، تمّ تحديدها،  لا سيّما في المساكن والمؤسسات التجاريّة والصناعيّة والزراعيّة، استناداً إلى ما كان يرد من معطيات".

الخسائر المُباشرة وغير المباشرة 

وصلت قيمة الأضرار والخسائر المُباشرة وغير المباشرة إلى نحو 11.2 مليار دولار (يقدّرها البنك الدولي بـ 8.5 مليارات دولار) مقارنةً بـ 5.3 مليارات دولار في حرب تموز 2006 أيّ أكثر من الضعف، وهذه الأضرار موزعة على مرحلتيْن:

- المرحلة الأولى حيث كانت الكلفة أقل وتمتد من 8 تشرين الأول 2023 وحتى 16 أيلول 2024 ووصلت إلى نحو 3 مليارات دولار.

- المرحلة الثانية وهي الأصعب وتمتدّ من 17 أيلول 2024 حتى 15 تشرين الثاني (ولا تزال مُستمرّة) ووصلت إلى 8 مليارات دولار".

يتابع شمس الدين: "الخسائر غير المباشرة تشمل تراجع حجم الاقتصاد الفعلي إلى النصف أي أنّ الأرباح تراجعت 50%؜. والخسائر اليوميّة في المرحلة الثانية التي نمرّ فيها تصل إلى 30 مليون دولار، في حين كانت 6 ملايين دولار خلال المرحلة الأولى. بالتالي، سجّلت الخسائر غير المباشرة خلال آخر شهرين حوالى مليار و800 مليون دولار، حيث أنّ إجمالي الخسائر غير المُباشرة طيلة فترة الحرب وصلت إلى 3 مليارات و860 مليون دولار تقريباً".

المباني والبنى التحتية

على مستوى المباني السكنيّة والأبنية المدمّرة، يُقدّر "رقم الدمار الكلي بـ 45 ألف وحدة، والجزئي بـ 30 ألفاً، أمّا عدد الأضرار الطفيفة فبلغ 145 ألف وحدة، بما يجعل الرقم الإجمالي 220 ألف وحدة سكنية. كلفة إعادة إعمارها تقدّر حتى الآن بـ 4 مليارات و850 مليون دولار، علماً أنّ هذه التقديرات هي الحدّ الأدنى، ومُستثنى منها كلفة القصور والمنازل الفخمة، إذ تمّ احتساب الكلفة وفق معيار كلفة إعمار المتر المربع، وضمن احتساب مساحة موحدة للمنازل التي دُمرت كلياً أو جزئياً".

ويتبيّن أنّ "قيمة الخسائر غير المباشرة والأبنية تصل إلى 8 مليارات و710 ملايين، تُضاف إليها خسائر البنى التحتية البالغة 580 مليوناً (وهي أدنى من الـ 2006 حين كانت 900 مليون)، إلى جانب خسائر المؤسّسات التجاريّة والصناعيّة والسياحيّة البالغة 530 مليوناً، مع خسائر القطاع الزراعي والبيئي المقدرة بمليار و100 مليون، تضاف إليها كلفة رفع الأنقاض الممكن أن تكون 400 مليون دولار. إذاً نتكلم عن خسارة تقديرية تبلغ 11 ملياراً و320 مليون دولار حتى تاريخه".

النازحون والمهجّرون

في ملف تعداد النازحين والمهجرين، يلفت إلى أنّ "عدد النازحين الإجمالي يبلغ 800 مليون و95 ألفاً. من بينهم 200 ألف في مراكز الإيواء، إضافةً إلى  عدد المُغادرين الى سوريا : 379883 سورياً، و213141 لبنانياً، أي أن المجموع هو 593029. بالإضافة إلى  150 ألفاً  غادروا إلى دول أخرى، منها تركيا، مصر ، الأردن، دول الخليج، الدول الأوروبيّة، الولايات المتحدة الأميركية، كندا، كذلك هناك مَن غادر إلى العراق حيث وصل عدد المغادرين إلى نحو 28 ألفاً".

خسائر الدولة كبيرة

يتطرّق شمس الدين أيضاً، إلى "خسارة الدولة الكبيرة نتيجة تراجع الإيرادات"، لافتاً إلى أنّ "هناك إيرادات سيتمّ تحصيلها بعد انتهاء الحرب وأخرى لا، منها مثلاً رسم الخروج من المطار وخسارة الدولة 11.5 مليون دولار فقط خلال شهرَي أيلول وتشرين الأول 2024، والخسارة ستكون نحو 40 مليون دولار في شهر تشرين الثاني".

ارتفاع البطالة

بالنسبة إلى البطالة الناتجة عن الحرب، يُشير إلى أنّ "أكثر من 250 ألف شخص فقدوا فرص العمل بين البقاع والجنوب وبيروت والضاحية حتى الآن"، متخوّفاً من أنْ "يتمدّد هذا الرقم إلى خارج مناطق النزاع في حال استمرار الحرب، لأن الركود الاقتصادي سيدفع عدداً من المؤسسات إلى الإقفال".

ويوضح أنّه "قبل 17 أيلول كانت الإحصاءات دقيقة من خلال أرقام تُقدّمها البلديات. أما ما بعده، فلم يعد المسح دقيقاً".

أرقام الحكومة غير دقيقة

أمّا أرقام الحكومة، فيؤكد شمس الدين "أنها غير دقيقة، إن كان لجهة الخسائر أو عدد المهجرين والنازحين أو حتى عدد الشهداء، فهذه الأرقام إما مضخّمة أو أقل من الحقيقة. فبعد مجزرة جون مثلاً أعلنت وزارة الصحة أن عدد الشهداء هو 15، في حين وصل في الواقع الى 28. كذلك، كشفت الدولة عن 3445 شهيداً خلال هذه الحرب و14599 جريحاً، في حين أنّ الرقم حتماً أعلى بكثير، خصوصاً أنّ عدد شهداء "حزب الله" وحدهم غير محسوب بعد، وكذلك الأشلاء. وفي العودة إلى الـ 2006، يتبيّن أن الرقم المُعلن عنه كان أقل ويوازي 900 شهيد و4000 جريح".

جدول مُقارنة يُبيّن الخسائر في العام 2006 ومنذ 8 تشرين الأول 2023 ولغاية 15 تشرين الثاني 2024 (الخسائر بالدولار)