المصدر: النهار
الكاتب: اسكندر خشاشو
الأربعاء 5 آذار 2025 07:29:42
تقدّمَ الملفُ الدرزي إلى واجهة الاهتمامات مجددا، نتيجة الارتباط بين ما يجري في دمشق وتأثيره على لبنان، بعد الخطاب الإسرائيلي الفظ من رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو عن حماية الدروز في سوريا وعدم السماح بالتعرض لهم، وهذا ما بدا واضحاً إثر الاجتماع الذي عقده المجلس المذهبي الدرزي الإثنين والردود التي صدرت، وخصوصاً من رئيس "حزب التوحيد" الوزير السابق وئام وهاب.
يمثل الملف الدرزي في سوريا قضية حساسة ومعقدة، خصوصا في سياق التطورات في منطقة جرمانا والسويداء، حيث تمثل هاتان المنطقتان بؤرتين مهمتين للطائفة الدرزية في سوريا، ولهما تأثيرات كبيرة على الداخل اللبناني أيضاً.
الانقسام بين القوى اللبنانية حول هذه القضية يسلط الضوء على الأبعاد الإقليمية والدولية للصراع في سوريا، بالإضافة إلى الوضع الداخلي اللبناني.
كان النائب السابق وليد جنبلاط حاسماً بتأكيده أن "الذين وحّدوا سوريا من أيام سلطان باشا ورفاقه من كل المناطق السورية، لن يستجيبوا لدعوة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى التخريب لعزل العرب الأحرار عن المحيطين العربي والإسلامي، وجعلهم فقط حرس حدود"، منبها إلى أنّ "إسرائيل تريد أن تستخدم الطوائف والمذاهب لمصلحتها، وتريد تفكيك المنطقة، وهذا مشروع قديم جديد عشناه في لبنان في مرحلة معيّنة، وفشل".
وهاجم جنبلاط بشدة شيخ عقل طائفة الموحدين في فلسطين الشيخ موفق طريف، مشيراً إلى أنه "لا يمثلنا، وهو مدعوم من القوى الصهيونية".
ويلاقي جنبلاط في خطابه رئيس الحزب الديموقراطي اللبناني طلال أرسلان، ويتبنى الرجلان الخطاب نفسه لناحية تأكيد وحدة سوريا ورفض أي حركة انفصالية.
الرد الأول على جنبلاط أتى من وهاب الذي قال عبر موقعه على "اكس": "وليد بك إسمح لي أن أقول لك إن الشام مرجعيتك وحدك، أما الدروز فمرجعهم الله والحدود الخمسة، والشيخ موفق يمثل كثيرا من الموحدين وهذه هي مشكلتك". وبدا وهاب في رده كأنه يدفع في اتجاه آخر، وفُهم من كلامه عن الحدود الخمسة والشيخ طريف أنه تأييد للدولة الدرزية التي عادت لتطرح بقوة في الآونة الأخيرة انطلاقاً من سوريا، بالإضافة إلى تقبّل الحماية الإسرائيلية.
لكن هذا الأمر أوضحه وهاب في حديث إلى "النهار" معتبراً أن "دروز سوريا هم اليوم من دون حماية، لا من الدولة ولا من الخارج، شأنهم شأن بقية الأقليات من علويين ومسيحيين، والفرق بينهم وبين غيرهم أنهم يمتلكون السلاح وينتشرون بأغلبيتهم الساحقة في منطقة جغرافية محددة يشكلون أغلب سكانها".
ويؤكد وهاب أن "ليس لدى دروز سوريا تفكير انفصالي، ولا يطلبون الحمايات الدولية أو الإسرائيلية، إنما يطالبون بدولة وطنية تعطيهم حقوقهم، لكن ما نراه غير مطمئن".
ويكشف أن هناك قرارا بين الدروز في المنطقة بعدم ترك دروز سوريا، وسيدافعون عنهم بوجه الفكر التكفيري السائد حالياً، مشدداً على أن "حلّ الموضوع يكون بنزول أحمد الشرع من برجه العاجي والتوجه إلى هؤلاء والتأكيد لهم أنهم يرغب في بناء دولة معهم تعطيهم حقوقهم كافة وتطمئنهم، وهكذا تُحلّ المشكلة".
وعن إشارته إلى أن العديد من الدروز يؤيدون الشيخ طريف، يقول وهاب إن "هذا الأمر واضح ويستطيع الجميع اكتشافه، وقد لمسته في العديد من اتصالاتي. لا يستطيع وليد جنبلاط أن يتخذ من مشيخة العقل في لبنان منبراً لمهاجمة أحد مشايخ العقل".
إلى ذلك، تعترف مصادر من داخل الطائفة الدرزية بأن الوضع في الشارع ليس كما يصوره الزعيمان الدرزيان (جنبلاط وأرسلان)، وأن فكرة الحماية أو فكرة الدولة الدرزية عادت لتطرح في الأوساط، وهي تدغدغ الكثير من المشاعر، بالإضافة إلى القلق الكبير على الطائفة في ظل عدم الوضوح من الدولة السورية الجديدة.