منع فجر السعيد من دخول لبنان... مسلسل كمّ الأفواه مستمر ومزيد من التداعيات السلبية

في سابقة خطيرة، أقدم جهاز الأمن العام مساء أمس، على منع الإعلامية والكاتبة والمنتجة الكويتية فجر السعيد من دخول لبنان، بعدما وصلت إلى مطار بيروت، لتصوير حوار لصالح برنامج "بدنا الحقيقة" على منصة "صوت بيروت إنترناشونال" مع الإعلامي وليد عبود. 

وبحسب المعلومات، لم يُعلِم الأمن العام الإعلامية السعيد بسبب منعها من دخول لبنان، وأبقى عليها في مطار بيروت حتى صباح اليوم الخميس، حيث عادت إلى بلدها الكويت على متن رحلة جوية لطيران الشرق الأوسط. وكانت السفارة الكويتية لدى بيروت قد أُبلغت بطريقة غير رسمية بقرار منع مواطنتها من دخول لبنان، الأمر الذي استدعى توجّه القائم بالأعمال الكويتي ليلاً إلى المطار على رأس وفد من السفارة، وقد عرض اصطحاب الإعلامية السعيد إلى السفارة الكويتية ريثما يتمّ توضيح الأمر، إلاّ أنّ جهاز الأمن العام الذي بقي مديره بالإنابة العميد الياس البيسري غائباً عن السمع رفض ذلك. 

وكانت قد أُجريت اتصالات مع وزيري الإعلام والداخلية لوقف هذه المهزلة ولكن دون جدوى، علماً أنّ الوزيرين تابعا القضية على نحو حثيث، وبذلا جهداً استثنائياً.  

هذا الإجراء طرح أسئلة عدة من بينها: "هل يعود هذا المنع على خلفية مواقف السعيد المناهضة لـ "حزب الله"؟ ولماذا الترهيب بحق الإعلاميين؟ وهل سيعقب ذلك موقف رسمي من لبنان تجاه ما حصل بحق المواطنة الكويتية أم ستتجاهل السلطة الأمر؟" 

الصحافي يوسف دياب أوضح في حديث لـ"kataeb.org" أن لا علم له بالمعايير التي استندت إليها المديرية العامة للأمن العام لتتخذ موقفها، مشيراً إلى أنه كان لدى السعيد مقابلة تلفزيونية منذ أسابيع، وجّهت في خلالها العديد من الإنتقادات اللاذعة بحق السلطة السياسية ومن بينها ارتكابها جرائم فساد بحق الشعب اللبناني وتهريب الأموال من قبل بعض المسؤولين السياسيين إلى الخارج .

وتابع: "من الواضح أن الإجراء يعبّر عن مدى تسلط القوى السياسية وفقدانها منطق الدفاع عن نفسها وبالتالي الإعتماد على مبدأ "كم الافواه ومصادرة الحريات".

وشدد على أن ظاهرة الترهيب بحق اللبنانيين تمارس أيضًا على الإعلاميين العرب، معتبرًا ان النظام اللبناني بات شبيهًا بالأنظمة التوتاليتارية، مبديًا أسفه لأن السلطة خيّبت كل توقعاتنا باعتبار لبنان بلدًا متحررًا ويملك مساحات كبيرة للتعبير وإبداء الرأي. 

وأضاف: "أثبتنا العكس وأصبحنا بالمراتب الدنيا من البلدان التي تحترم حق التعبير وإبداء الرأي تجاه أي مسؤول، ولا شك بأن هذا الموضوع سيؤدي إلى تداعيات سلبية على لبنان، خصوصًا أن الجهاز الأمني الذي منع دخول الإعلامية الكويتية إلى لبنان لم يقدّم أي تبرير". 

وتطرق دياب للمواقف التي أطلقتها السعيد في خلال مقابلتها الأخيرة وتحدثت فيها بمرارة عن الواقع اللبناني، معربة عن أسفها لقيام مسؤوليه السياسيين بتدمير بلدهم، لافتًا إلى أن لبنان يحظى باهتمام واسع بالنسبة إلى العرب. 

واعتبر دياب أن هذا الإجراء مقدّمة لمزيد من القمع والقبضة الأمنية على  كل صاحب رأي حر، والتي بدأنا نتلمسها في السنوات الأخيرة بدءاً من ملاحقة الناشطين وإستدعائهم للتحقيق داخل فروع الأجهزة الأمنية، وصولًا إلى ملاحقة الأطفال الذين قاموا بتمزيق صور الرئيس السابق ميشال عون والشعارات التابعة للتيار الوطني الحر. 

ورأى أننا اليوم أمام واقع لا يُنبئ بالخير، لأن لبنان موئل الحريات والفكر وملاذ للأحرار، الذين كانوا يأتون إليه لكي يعبّروا عن آرائهم وأفكارهم ولا شك أن الشعب اللبناني لم يعد باستطاعته تحمل هذه المعاناة. 

أما بالنسبة إلى العزلة التي يعانيها لبنان، فأشار دياب إلى أننا من خلال هذه الإجراءات نقول للدول العربية بأننا نريد الإستمرار بالعزلة والتقوقع اللذين نعيش فيهما، إذ لا أمل بالنهوض في المرحلة المقبلة، لاننا وللأسف نعود للعصور القديمة بدلًا من أن نتطلع الى العالم المتقدّم الذي سبقنا بأشواط.

وبالنسبة لمواقف السعيد المناهضة لحزب الله، أكد دياب أنها في إحدى مقابلاتها توجهت للأمين العام لحزب الله حسن نصرالله بالسؤال: "إذا كنت تملك 100 ألف مقاتل، فلماذا لا تحرّر القدس وتحارب إسرائيل؟!" 

وختم قائلاً: "إن لبنان أُلحِق بالأنظمة الديكتاتورية وسنشهد في الأيام المقبلة قمعًا للمواطنين اللبنانيين والعرب كون القمع أصبح سيّد الموقف". 

الأمن العام: بعد التدقيق بمستندات فجر السعيد تبيّن أن بحقّها إجراء عدم السماح لها بالدخول

وفي وقت، صدر عن مكتب شؤون الإعلام في المديرية العامة للأمن العام البيان الآتي:

"بتاريخ 7/6/2023 تقدمت السيدة فجر السعيد، عند وصولها الى مطار رفيق الحريري الدولي قادمة من دولة الكويت، للحصول على تأشيرة دخول الى لبنان، وبعد التدقيق بمستنداتها تبيّن ان بحقّها اجراء عدم السماح لها بالدخول.

ان مكتب شؤون الإعلام في المديرية العامة للامن العام، يوضح "ان اجراءات دخول العرب والاجانب الى لبنان والاقامة فيه، مناطة وفقا للقوانين المرعية الاجراء حصرا بالمديرية. كما يحق لأصحاب العلاقة مراجعة هذه المديرية، بالاصالة أو بالوكالة، لإعادة النظر بأي اجراء يصدر عنها في حال تقدّموا بمعطيات ومستندات تسمح بإعادة النظر بأي اجراء متخذ".