كتب داني الامين في الاخبار:
بوتيرة بطيئة، انطلق موسم قطاف الزيتون في الجنوب، إذ انتظر العدد الأكبر من أصحاب أشجار الزيتون «الشتوة الأولى» لريّ أشجارهم بعدما عانت من انحباس المطر في شهر نيسان، ومن انقطاع مياه الدولة طيلة فصل الصيف وحتى اليوم. لكن رغم ذلك فـ»الموسم مقبول، وأشجار الزيتون ممتلئة بالحبوب» تقول فاطمة قشمر، ابنة بلدة ربّ ثلاثين، التي قرّرت قطاف زيتون أشجارها باكراً، بعدما بدأت الحبوب بالتساقط أرضاً بسبب مرض «عين الطاووس» الذي أصيب به عدد كبير من الأشجار.
ليست المرة الأولى التي يجتاح فيها المرض أشجار الزيتون، لكن بحسب قشمر «هذه السنة لم نتمكن من محاربته لأن وزارة الزراعة غابت بشكل كلّي وغابت معها أدوية مكافحة الأمراض التي تصيب الزيتون، أما المبيدات المتوفرة في الأسواق فتباع بالعملة الصعبة ولا نقدر على شرائها». لم تستعن قشمر وغيرها من أبناء المنطقة، بالعمّال لقطاف أشجار الزيتون، «أجرة العمال باتت مرتفعة أيضاً، معظمهم يطالبون بـ500 ألف ليرة يومياً».
علي بو طعام، بدأ قطاف زيتوناته أيضاً في بلدة الطيبة المجاورة، وهو يشير إلى «مشكلة تساقط حبات الزيتون بكثافة، أما إنتاجها من الزيت فهو أدنى بكثير من السنوات الماضية»، محيلاً السبب إلى «العطش وانتشار مرض عين الطاووس». يستدلّ بو طعام على كلامه بأن «مدّ الزيتون أنتج حوالي كيلو ونصف كيلو من الزيت، بينما كان ينتج سابقا حوالي 3 كيلوغرامات».
يؤكد سليم بزي، صاحب معصرة حديثة للزيتون في بنت جبيل، أنّ «معظم المزارعين وأصحاب أشجار الزيتون يمتنعون اليوم عن استئجار العمال ويقطفونها بأنفسهم. وفيما حدّدت البلديات البدل اليومي للعامل في قطاف الزيتون بـ400 ألف ليرة، فرض العمال تسعيرة أعلى». أما عن أجرة عصر الزيتون في المعاصر «فهي تشكل 10% من الإنتاج، لأنّ المعاصر تحتاج إلى تشغيل مولدات الكهرباء فترات طويلة»، معتبراً أن «كلفة الغلاء يتحمّلها المزارع وأصحاب المعاصر معاً، حتى إن ثمن غالون الزيت الفارغ ارتفع ثمنه من 4000 ليرة إلى 120 ألف ليرة، لذلك وصل ثمن تنكة زيت الزيتون إلى 120 دولاراً أميركياً».
يرى رئيس مركز وزارة الزراعة في مرجعيون فؤاد ونسة أن «على المزارعين الاستغناء عن العمّال واستخدام آلات قطاف الزيتون الصغيرة، والتي يُراوح ثمنها بين 400 و1000 دولار، لأنها ستساهم في الحفاظ على الأشجار ونسبة حمولتها في السنوات القادمة، إضافة الى أنها تخفّض من كلفة القطاف». وطالب البلديات، أو أي جهة عامة، بشراء هذه الآلات واستثمارها «لأنها ستساهم في توظيف عمال لبنانيين، وتخفّض كلفة القطاف، وتساهم في تحسين الإنتاج».
ونسة، الذي بات عضواً في اللجنة الوطنية لزراعة الزيتون، يشارك اليوم في مؤتمر في إيطاليا للتدرّب على محاربة مرض «البكتيريا المستعصية» الذي أصاب أكثر من مليون شجرة زيتون في إيطاليا وإسبانيا، «ومن الممكن جداً أن ينتقل إلى لبنان»، يقول إن «وزارة الزراعة تيقّنت أخيراً أن البكتيريا التي أصابت أشجار الزيتون في أوروبا موجودة في لبنان في بعض النباتات، لذلك يجب العمل سريعاً على مكافحتها قبل انتقالها إلى أشجار الزيتون»، مؤكداً «ضرورة اهتمام المزارعين بكيفية تقليم الأشجار، واستخدام مصائد للذباب الذي يتكاثر عليها ابتداءً من 15 أيار من كلّ سنة، ورشّ الأشجار بعد قطافها وتشحيلها مباشرة بمادة الجنزارة منعاً لانتشار مرض عين الطاووس، ومنع العمّال من استخدام العصيّ أثناء القطاف».
من جهته، ينصح مسؤول جهاد البناء في الجنوب سليم مراد بـ»إيجاد مشاتل خاصة لأشجار الزيتون لزرع ما يزيد على 25000 شتلة سنوياً، واعتماد صنف الزيتون البلدي (الصوراني) لأهميته في التأقلم مع المناخ ومقاومة الأمراض، وإيجاد برامج إرشادية متخصّصة حول قطاف الزيتون وحصاده وعصره وتعبئته وحفظه، والسعي إلى إيجاد أسواق خارجية خصوصاً في بلاد الاغتراب». ويلفت إلى أنّ «شتول أشجار الزيتون التي تُستحضر من سوريا لها مواصفات جيدة، لكنها تعاني في مناطقنا من نمو بطيء وهي غير قادرة على مواجهة الأمراض». وبحسب دراسة أعدّها مراد، يوجد في لبنان 13.500.000 شجرة زيتون، 45% منها في الجنوب، و55% في الكورة وعكار.