المصدر: وكالة الأنباء المركزية
الخميس 24 أيلول 2020 15:21:21
حتى اللحظة، يمكن القول إن ما سماه زعيم تيار المستقبل "تجرع سم التنازل" للثنائي الشيعي، حقق الغرض منه، وإن بشكل جزئي، من حيث إحداث كوة في الجدار الحكومي، في انتظار رد أمل وحزب الله، مع العلم أن الرئيس المكلف مصطفى أديب يقف كما سائر اللبنانيين في خانة هذا الانتظار ليبني على الشيء مقتضاه.
وبينما سارع المجتمع الدولي إلى مد مبادرة الحريري بجرعة دعم فورية، تعمد الثنائي الشيعي ضخ أجواء متناقضة بين السلبية والايجابية، مرجحا كفة عدم التشكيل الفوري للفريق الجديد. موقف يفسره مراقبون على أنه التريث الذي يسبق الانتخابات الرئاسية الأميركية، على اعتبار أن فوز المرشح الديموقراطي جو بايدن قد يغير مقاربة واشنطن لملف ايران وتمددها في المنطقة، في مقابل العقوبات القاسية التي تفرضها إدارة الرئيس دونالد ترامب على الجمهورية الاسلامية، في موازاة العمل على تعزيز موقع اسرائيل على الخارطتين العربية والدولية من خلال اتفاقات التطبيع مع الدول العربية. وفي السياق، كشفت المندوبة الأميركية في الأمم المتحدة في حديث تلفزيوني أن اتفاق تطبيع جديدا قد يولد في خلال اليومين المقبلين، في موازاة ارتفاع منسوب الحديث عن تقارب وتطبيع بين تل أبيب والخرطوم، مقابل "انفتاح سعودي" على اليهود.
هذه الصورة الدولية الشاملة تقدمها مصادر سياسية عبر "المركزية" لتدعو إلى مقاربة ملف تشكيل الحكومة من دون فصله عن شريط الأحداث هذا. وتلفت المصادر في هذا الاطار إلى أن توالي الاتفاقات العربية مع الدولة العبرية يعد نقطة لا تصب في صالح محور الممانعة، ما يعني أنه قد يسجل مزيدا من الخسائر السياسية على الساحة الاقليمية. هذا كله لا يبقي لايران إلا الساحة اللبنانية محطة لتوجيه الرسائل الاقليمية والدولية إلى من يهمهم الأمر.
تبعا لذلك، لا تستغرب المصادر الغموض الذي يحيط موقف الثنائي الشيعي من تأليف الحكومة، خصوصا مع دخول العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز مباشرة على الخط بهجوم عنيف شنه على حزب الله محملا اياه مسؤولية انفجار مرفأ بيروت، وهو ما لا يتوقع من الضاحية أن تمرره مرور الكرام.
أما على المستوى المحلي، فإن المصادر تنبه إلى أن الكباش حول تسمية الثنائي الوزراء الشيعة جميعا في الحكومة المقبلة، ليس بالأمر البسيط على اعتبار أن محور الممانعة يحاول الاستفادة من موقع القوة الذي عززته مبادرة الحريري لتسجيل ما يستطيع من مكاسب، بينها الثلث المعطل الذي حصل عليه في اتفاق الدوحة. وإذ تشير المصادر إلى أن هذا الاتفاق حمل خروجا على الطائف ومندرجاته، تحذر من أن الثنائي الشيعي سيتمسك بالأعراف التي أرساها، لينطلق بعدها إلى معركة تغيير النظام، التي أعطى المفتي الشيخ أحمد قبلان إشارات قوية إليها في مراحل سابقة، إلى أن جاء الرد صريحا وواضحا على لسان البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي: "نحن مستعدون لبحث تغيير النظام بعد عودة الجميع إلى كنف الدولة".