هبة الـ 3 مليارات دولار السعودية للجيش إلى الضوء مجدداً

في وقت تشهد فيه المنطقة العديد من الأزمات المعقدة، تبرز العلاقات السعودية-الفرنسية كركيزة أساسية للتعاون الاستراتيجي. وتجسدت هذه الشراكة في زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى الرياض والتي تأتي في إطار سعي البلدين إلى تعزيز شراكة استراتيجية قادرة على مواجهة التحديات الإقليمية، وعلى رأسها الأزمة اللبنانية، من خلال حلول سياسية واقتصادية وأمنية متكاملة.

تؤكد المملكة العربية السعودية، عبر تصريحات مسؤوليها، على التزامها الراسخ دعم سيادة لبنان واستقراره، معتبرة أن استقرار لبنان هو جزء لا يتجزأ من استقرار المنطقة العربية كما تضع فرنسا لبنان في قلب سياستها الشرق أوسطية، ما يعكس أهمية التعاون بين البلدين في تحقيق رؤية مشتركة للاستقرار والتنمية في المنطقة.

وتشير مصادر سعودية لـ «نداء الوطن» إلى أن هذا التعاون بين السعودية وفرنسا يمكن أن يُشكل نموذجاً يُحتذى به لمعالجة الأزمات الإقليمية الأخرى. من خلال دمج الحلول السياسية مع الدعم الاقتصادي والأمني. ويسعى الطرفان إلى خلق بيئة إقليمية مستقرة تساهم في دفع عجلة التحولات الإيجابية على المستوى العربي والدولي.

وتعد الشراكة السعودية-الفرنسية خطوة حاسمة نحو إعادة صياغة المشهد اللبناني بما يضمن استقراره السياسي والاقتصادي. وهي تعكس رغبة مشتركة في مواجهة التحديات الإقليمية من خلال سياسات متوازنة وفعّالة. وتمثل هذه المبادرة  أملًا في إعادة بناء لبنان على أسس قوية، ما يسهم في تعزيز استقرار المنطقة بأسرها.

وأفادت مصادر سعودية بأن المملكة وفرنسا يعملان على ضرورة التوصل إلى حلّ سياسي شامل في لبنان، مع التركيز على انتخاب رئيس جديد للجمهورية كأولوية أساسية. ويعمل الجانبان على ممارسة ضغوط دبلوماسية على القوى السياسية اللبنانية لإنهاء الفراغ الرئاسي، بهدف تشكيل حكومة قادرة على تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية والسياسية المطلوبة.

وفي إطار التعامل مع التوترات الأمنية في جنوب لبنان، خصوصاً بعد انتهاء فترة وقف إطلاق النار بين «حزب الله» وإسرائيل، يولي الجانبان اهتماماً خاصاً بتفعيل الوساطات الدولية والإقليمية لمنع التصعيد. وتشير المصادر إلى أن الرياض وباريس تتعاونان على إعداد استراتيجية شاملة تهدف إلى تهدئة الأوضاع ومنع انفجار الصراع مجدداً في لبنان والمنطقة.

يسلط الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الضوء في خلال زيارته على الهبة السعودية البالغة 3 مليارات دولار، والتي كانت قد أُعلنت في 2013 لتسليح الجيش اللبناني. ويهدف هذا الدعم إلى تعزيز قدرات الجيش اللبناني في مواجهة التحديات الأمنية المتزايدة، بما يساهم في حماية لبنان من التهديدات الداخلية والخارجية وتعزيز أمن حدوده.

وتشير المصادر السعودية إلى أنه سيتم إنشاء آليات تنسيق مشتركة تشمل تشكيل لجان عمل متخصصة، لمتابعة تنفيذ الاتفاقات ورصد التقدم في الملفات الحيوية في إطار التعاون المستدام بين الجانبين. ويعتزم الطرفان تعزيز التنسيق الدبلوماسي في المحافل الدولية لدعم الجهود المبذولة من أجل لبنان، بما يتضمن العمل مع شركاء إقليميين ودوليين لتأمين تمويل إضافي من المؤسسات المالية العالمية لدعم الاقتصاد اللبناني المتعثر.

ويعكس هذا التعاون السعودي-الفرنسي التزاماً مشتركاً بتقديم الدعم للبنان في مرحلة حساسة، ويؤكد ضرورة إجراء الإصلاحات الهيكلية لضمان الاستقرار الاقتصادي والسياسي. هذه الجهود تهدف إلى تعزيز قدرة لبنان على تجاوز الأزمة الحالية والمضي قدماً نحو مستقبل أكثر استقراراً وازدهاراً.