المصدر: المدن
الخميس 7 كانون الاول 2023 17:18:34
على الرغم من هذا التشدد وفشل المحادثات، وصل هذا الأسبوع إلى لبنان وفد فرنسي آخر برئاسة وزير الاستخبارات الخارجية الفرنسية برنارد إيميه. هذه المرة، كانت اللهجة الفرنسية أكثر صرامة. وحسب التقارير من لبنان، إيميه سيزور إسرائيل أيضاً، وعرض على اللبنانيين خيارَين: أن يطبّقوا بأنفسهم القرار 1701 كاملاً، أو المخاطرة بتدخّل دولي لتفعيل القرار.
يبدو أن غالانت لمّح إلى ذلك في الأمس، عندما قال: "إذا لم يبتعد حزب الله ضمن إطار اتفاق سياسي، فستعمل إسرائيل على إبعاده بكل الوسائل التي لديها". الطريقة التي استُقبلت فيها المبادرة الدبلوماسية الفرنسية مؤشر سلبي إلى هذه المبادرة، لكن أيضاً استخدام "كل الوسائل التي لدى إسرائيل"، لا تضمن حلاً، بل من الممكن أن تعرّض إسرائيل كلها لرشقات صاروخية بعيدة المدى من طرف حزب الله، وربما تجرّ الولايات المتحدة إلى تدخُّل مباشر، ومن هنا، تصبح الطريق قصيرة لانضمام قوات إقليمية أُخرى.
المصالح الاقتصادية
ليست فرنسا فقط مَن لا يملك أوراق مقايضة في مواجهة البنية السياسية المعقدة في لبنان التي تحكمها، نظرياً، حكومة تصريف أعمال موقتة وغير قادرة على اتخاذ قرارات في أي مجال تقريباً، ولا حتى في مسائل أساسية، مثل الدفاع عن حدودها. في الجبهة الدبلوماسية، تعمل مجموعة الدول الخمس - الولايات المتحدة، وفرنسا، والسعودية، وقطر، ومصر - التي أخذت على عاتقها، قبل عدة أشهر، القيام بمساعٍ من أجل انتخاب رئيس للجمهورية في لبنان. بعض هذه الدول، مثل قطر وفرنسا والولايات المتحدة، لا يزال يعمل من دون تنسيق فعلي، من أجل بناء مخطط يسمح بتطبيق القرار 1701.
لقد تحولت قطر، منذ فترة، إلى صراف آلي للحكومة اللبنانية، وفي الأساس للجيش اللبناني، الذي تساعده بعشرات الملايين من الدولارات من أجل دفع رواتب الجنود والضباط، ومن المحتمل أن يكون لديها أيضاً تأثير في حزب الله، من خلال علاقتها بإيران. لقد نجحت واشنطن في التوصل إلى توقيع اتفاق ترسيم الحدود البحرية بين إسرائيل ولبنان في تشرين الأول 2022، وموفدها الخاص لشؤون الطاقة عاموس هوكشتاين مقرّب جداً من صنّاع القرار في لبنان، لكن أدوات تأثير الولايات المتحدة في لبنان محدودة.
لو كان في لبنان حكومة حقيقية تتصرف وفق اعتبارات سياسية - اقتصادية، وليس سياسية- طائفية، لكان من الممكن إيجاد مخطط يضمن إنقاذ لبنان من الأزمة الاقتصادية، في مقابل التطبيق الكامل للقرار 1701. لقد أثبت حزب الله نفسه، عندما وافق على اتفاق الحدود البحرية الذي سمح بالتنقيب عن الغاز في حقل قانا، أن المصالح الاقتصادية ليست غريبة عنه. هناك قناة أُخرى لها علاقة بمسألة ترسيم الحدود البرية بين إسرائيل ولبنان. في آب، وعلى خلفية "أزمة الخيمتَين" اللتين نصبهما حزب الله على الحدود مع إسرائيل، زار هوكشتاين لبنان، بهدف تحريك عملية ترسيم الحدود البرية بين إسرائيل ولبنان. يومها، قال رئيس الحكومة نجيب ميقاتي إن لبنان مستعد للبدء فوراً بهذه العملية المعقدة التي يتعين على الطرفين تحديد موقفيهما من 7 نقاط مختلَف عليها على خط الحدود. في غضون ذلك، مرت أربعة أشهر، و"فوراً" أصبحت "لاحقاً". هذه العملية، إذا بدأت، يمكن أن يكون لها تأثير كبير في تطبيق القرار 1701.
حزب الله صرّح، من جهته، بأن "ترسيم الحدود البرية هو مسألة تعود إلى الحكومة اللبنانية"، وهذه إشارة إلى أنه لا يعارض ذلك، لكنه أوضح أن مثل هذه العملية يمكن أن يبدأ بعد انتهاء الحرب في غزة. طبعاً، هذا ليس بمثابة حُكم لا عودة عنه، لكن إذا بدأت هذه العملية، فإنها تتطلب وقتاً طويلاً، ثمة شك في أن يستطيع سكان شمال إسرائيل تحمُّل ذلك.