المصدر: نداء الوطن
الكاتب: سعيد مالك
الأربعاء 17 كانون الاول 2025 07:49:19
يوم الخميس الماضي، وسندًا للمادة 11 من قانون الانتخابات العامة، شُكّلت هيئة الإشراف على الانتخابات في مجلس الوزراء، بمرسوم صدر بناءً على اقتراح معالي وزير الداخلية. وهذه الهيئة بانتظار نشر مرسوم تشكيلها من جهة، وقَسَم اليَمين أمام رئيس الجمهورية من جهةٍ أُخرى، حتى تُباشر أعمالها أصولاً.
يعتبر البعض أنه وبمجرّد تشكيل هيئة الإشراف على الانتخابات، يكون قِطار الانتخابات قد انطلق. هذا في الأحوال العادية. أمّا في وضعنا الراهن، ومع عدم الاتفاق بعد على قانون الانتخاب (رغم وجود قانون نافذ) فإن خطوة تشكيل هيئة الإشراف على الانتخابات لم تشفِ غليل الناخبين والمرشحين على السَواء. فالانتخابات لم تزل غير مؤكّد إتمامها في موعدها، واستنادًا إلى أي قانون!!!.
وبالتالي، فإن المحطة الأساس والتي منها تنطلق الانتخابات، تبقى إصدار مرسوم دعوة الهيئات الناخبة عن جانب معالي وزير الداخلية، سندًا للمادة 42 من قانون الانتخابات العامة رقم 44/2017. فهذا المرسوم يجب أن يصدر بحّدٍ أقصى قبل تسعين يومًا من تاريخ اجتماع الهيئات الناخبة في أيّار المُقبل.
ولمّا كان من الثابت أن الانتخابات العامة لا تجرى إلا «يوم أحد» وفقًا لأحكام المادة 87 من القانون 44/2017. فذلك يعني أن مرسوم دعوة الهيئات الناخبة يجب أن يصدر قبل الخامس عشر من شهر شباط 2026 كحدّ أقصى، حتى يكون شاملًا للانتخابات في الداخل والخارج.
واليوم ونحن على بُعدِ أقلّ مِن شهرين من هذا التاريخ، ما زال السؤال يُطرح: استنادًا إلى أي قانون ستجرى الانتخابات؟
مع التأكيد والإصرار أن صفة العجلة مطلوبة بإلحاح للحؤول دون حصول مزيد من التأخير في إقرار التعديلات، وتاليًا الإخلال بالمعايير والممارسات الدولية (ولو أنها غير مُلزِمة قانونًا) لكونها معتمدة في تقييم نزاهة وشفافية الانتخابات، ولا سيما مدوّنة البندقية (Venice Commission, 2002) - مدوّنة الممارسات الجيّدة في الشؤون الانتخابية - وكذلك المبادئ الدولية لمراقبة الانتخابات (مثل تلك المعتمدة من الأمم المتحدة، OSCE/ODIHR، IFES، Carter Center…).
في ما يخصّ المهلة الزمنية الفاصلة بين إصدار القانون وإجراء الانتخابات، هناك معياران يعطيان هامشًا لا نزال ضمنه:
1- تنص مدوّنة البندقية على أنه لا يجوز تعديل القانون الانتخابي قبل أقل من سنة من موعد الانتخابات، إلا في حالات توافق واسع أو لضرورات محض تقنية، وذلك لإتاحة مهلة كافية للناخبين لاستيعاب النظام الانتخابي الجديد، وللأحزاب والمرشحين كي يستعدّوا ويُنظموا حملاتهم على أساس قواعد واضحة ومستقرة. هذا المبدأ مرتبط بمفهوم الأمان التشريعي والشفافية، ويُعتبر معيارًا أساسيًا لقياس نزاهة العملية الانتخابية.
2- أما في تقارير المراقبة الدولية، فيُعتبر تغيير القانون الانتخابي في اللحظة الأخيرة (أو قبل فترة وجيزة) أحد أبرز مؤشرات عدم تكافؤ الفرص ووسيلة محتملة للتلاعب بالعملية الانتخابية. توصي عادةً باعتماد أي تعديلات قبل فترة لا تقل عن 6 إلى 12 شهرًا من الانتخابات.
صحيح أنه لا يوجد قانون دولي مُلزم يفرض مهلة فاصلة، لكن المعايير والممارسات الدولية الرائجة (خصوصًا مدوّنة البندقية) توصي بأن أي قانون انتخاب أو تعديل يجب أن يُقرّ قبل سنة تقريبًا، أو 6 أشهر على الأقل، من موعد الانتخابات، كي تُجرى الانتخابات في ظروف عادلة وشفافة.
- رأي للدكتور طوني عطالله (عميد المعهد العالي للدكتوراه - حقوق 2014-2020).
وبالتالي، ونحن على بُعد أقلّ من ستة أشهُر على تاريخ الانتخابات المفترضة في أيّار المُقبل. ألا يُفترض دعوة المجلس النيابي لمُناقشة التعديلات المُقترحة؟
بالخُلاصة، كلّ هذا التسويف بمُصادرة دور الهيئة العامة، إنّ دلّ على شيء، فعلى تعنت وتصلُّف وتسلُّط هدفه نَسْف الانتخابات برُمّتها، وغدًا لناظره قريب.