المصدر: وكالة أخبار اليوم
الثلاثاء 20 تموز 2021 17:43:15
الاستشارات النيابية حددت، وسيشهد الأسبوع الجاري اتصالات ومشاورات داخلية وخارجية علّها توصل الى اتفاق على اسم لترؤس الحكومة وتالياً تشكيل حكومة اختصاصيين تدير أزمة الانهيار بالحد الأدنى وصولاً الى اجراء انتخابات نيابية يعوّل عليها المجتمع الدولي آملاً بإجراء تغيير ما في مشهد مجلس النواب المقبل. وبغض النظر عن امكان اتفاق الكتل النيابية مسبقاً على اسم رئيس الحكومة العتيد لتشكيل حكومة بأسرع وقت ممكن، فالسؤال من سيكون الفدائي الذي يقبل بترؤس الحكومة التي ستدير أزمة الانهيار الاقتصادي من جهة، أو من دون الحصول على الرضى السعودي أو رضى الطائفة السنية في لبنان من جهة ثانية؟
لا بد من الاشارة الى ان اعتذار الرئيس الحريري فيه طعم الهزيمة خصوصاً أنه أتى بعد 9 أشهر من التعطيل وانهيار المؤسسات والليرة والاقتصاد والصحة وليس بعد أسبوع من التكليف كما حصل مع مصطفى أديب. فالهزيمة ليست فقط سياسية وشخصية بل أيضاً دستورية، لأن الحريري باعتذاره عدّل في اتفاق الطائف من دون أن يعرف. فهو لم يستطع أن ينال ثقة رئيس الجمهورية في الوقت الذي يجب ان ينال ثقته من مجلس النواب الذي سمّاه لتشكيل حكومة، وأرسى عرفاً جديداً يقضي باعتذار أي رئيس مكلف لا يتفق مع رئيس الجمهورية.
في ظلّ المشهد الدراماتيكي الذي يعيشه اللبنانيون من تفلت لسعر الدولار وانعكاساته الاجتماعية والاقتصادية وغياب الكهرباء وشحّ الدواء والبنزين والمازوت، ثمة خوف من فوضى وتفلّت أمني شهدنا "بروفا" لهما الأسبوع الفائت. فإذا لم تتمكن الكتل السياسية من التفاهم على التكليف ثم التشكيل وبالتالي الابقاء على حكومة حسان دياب المستقيلة حتى نهاية العهد، فنكون بالحد الأدنى في أزمة سياسية مفتوحة حتى حصول الانتخابات النيابية التي ستنتج واقعاً سياسياً جديداً تبنى عليه الاستحقاقات التي ستلحقه مباشرة، من إنتخابات رئاسية الى تشكيل حكومة العهد الجديد الأولى.
لكن اذا ما تعذّر إجراء انتخابات نيابية ورئاسية فالبلد ذاهب الى أزمة نظام كبيرة، معروف كيف ستبدأ لكن ليس معروفاً كيف ستنتهي، وواضح من الواقع الداخلي كما الخارجي أن المسيحيين سيكونون الطرف الأكثر خسارة تماماً كما حصل عند الانتقال من الجمهورية الأولى الى الثانية في الطائف.
يجمع متابعون ان النظام اللبناني جيد وواضح ويملك جواباً عن كل اشكالية دستورية تنشأ، ومن الطبيعي أن يتطور ليصبح أكثر ملاءمة مع العصر وأن تحصل بعض التعديلات عليه لتمتينه، لأن الدستور والقوانين ليست فقط نصاً بل أيضاً روحاً ونيّة. ففي لبنان النص يتم تجاهله، الروح يتم الانقلاب عليها والنيّة سيئة، وبالتالي النظام بريء من عدم وضع قانون انتخاب جديد أو من عدم إجراء الانتخابات بوقتها أو من عدم تشكيل حكومة في وقت معقول. فلماذا لا توضع مهلة لتشكيل الحكومة ولماذا لا يتم توضيح عبارة تشكيل الحكومة بالاتفاق مع رئيس الجمهورية. ثمة فئة تملك مشروعاً لتغيير النظام ليصبح ثلاثياً بدلاً من ثنائي، اذاً نحن في أزمة مشروع خارجي بأدوات داخلية تريد تغيير النظام لجعله أكثر تخلّفاً وليس أكثر تطوراً، أي أننا في أزمة كيان.
أما بالنسبة الى وضع المسيحيين فيعتبر كالمريض الذي تضرّه وتؤثر به أي خضّة ممكن أن تحصل. فالوضع المسيحي اليوم مأزوم لأسباب عدة:
1- من الناحية الدستورية، انتزع اتفاق الطائف من رئاسة الجمهورية بعض الصلاحيات ومن الادارة بعض المراكز.
2- أحزابه تقاتلت وانقسمت.
3- قياداته الحالية منقسمة ولا تعقد لقاءات تشاورية ولا تملك حلفاء من داخل النظام بل من خارجه، ولا تملك مشروعاً للبنان الجديد. فأكثر ما ضرب المسيحيين انقساماتهم، وهم يعيشون حرب الغاء متبادلة من دون اعلان وكأننا عدنا الى التسعينات ولم ننتبه الى هذا الأمر.
في المقابل، يمرّ الحليف السني القوي بأزمة اذ يشعر بغبن واضطهاد، فيما ينصبّ اهتمام الحليف الدرزي على حماية الشوف وعاليه. أما "حزب الله فمشروعه شرق أوسطي. اذاً يعيش المسيحيون حال ضياع وطني ودستوري وأمني لم يعرفونه حتى أيام الحرب، فهم يملكون افكاراً لكنهم لا يملكون مشروعاً. وحالياً نحن ذاهبون الى أزمة حكومة ثم أزمة رئاسية وبالتالي الخوف أن يكون مصير الانتخابات النيابية بمهبّ الريح أي ضحية الاثنتين معاً.