هل يجوز تطيير كل التحقيقات معاً؟

كتبت نايلة تويني في النهار: 

تعطيل القضاء لا يعطل فقط التحقيق في انفجار مرفأ بيروت، وهو ملف يتضمن اكثر من قضية: الاولى ادخال مواد متفجرة الى البلد من دون تحديد المسؤوليات، الثانية انزالها من الباخرة وحفظها وتخزينها في ظروف غير امنة من دون تحديد المالك، الثالثة اخراج كميات منها من المرفأ من دون تحديد وجهتها اكانت سرقة تجارية او كانت مخصصة للنظام السوري، الرابعة انفجارها من دون تحديد السبب الى اليوم، اهو تجير متعمد ام خطأ تقني واهمال وظيفي، الخامسة سرقة التعويضات والمساعدات التي هي حق للاهالي المتضررين، سواء سقط لهم شهداء او اصيبوا اصابات بالغة، او خسروا ممتلكاتهم، وغيرها. تعطيل القضاء يحمي المنظومة الحاكمة بكل رموزها ويمنع عنها المحاسبة لان انطلاقها يمكن ان يتحول كرة ثلج تطال كثيرين.

وتعطيل القضاء ايضا سيعطل التعاون مع التحقيقات الاوروبية في ملفات مالية متعددة وشائكة اثارها القضاء في اكثر من دولة، وسيعطل امكان التحقيق في ملف تحويل اموال الى الخارج لمصلحة بعض السياسيين والمصرفيين واصحاب النفوذ، وتحديد المسؤوليات بمصادرة الودائع، وسرقة المال العام الذي جعل الخسائر تتجاوز المئة مليار دولار.

وتعطيل القضاء، سيعطل كل مصالح اللبنانيين، اليومية والحياتية، ويقضي على كل امل في امكان تحقيق الحد الادنى من العدالة.

ولكن الاخطر من هذا كله، هو خسارة القضاء الثقة به، وجعله رهينة السياسيين بكل وقاحة، وارتهان اهله لهؤلاء طالبين الحماية في مواجهة بعضهم البعض، وارتهان القضاة للمسؤولين الامنيين طالبين الحراسة بعد تذمر، ربما مقصود، من مديري الاجهزة من طلبهم مرافقين، وتذرع المديرين بعدم رغبة عناصر الامن بالعمل من دون مكافآت اضافية علىة القاضي ان يدفعها بنفسه، بمبالغ تفوق قدرة القاضي المالية اذا افترضنا ان لا مداخيل اضافية وغير منظورة له.

الاخطر من تعطيل التحقيقات الحالية، هو ضرب القضاء بمجمله، وتعطيل هذه السلطة ليكتمل مسلسل التعطيل مع شغور رئاسي وحكومة منقوصة الصلاحيات ومجلس نواب يتخبط في داخله، ومؤسسات امنية تكاد تغرق في متاهات السياسيين. انها المنظومة التي يحكى عنها، تضرب الدولة في اساساتها لتحافظ على نفسها.