هل يحكم حزب الله لبنان؟

يراهن البعض على الاحداث الجنوبية لتغيير موازين القوى الداخلية، الاتكاليون منهم ينتظرون ضربة اسرائيلية تقضي على حزب الله وتسلمهم مقاليد الحكم متناسين ان احدا لن يموت دفاعا عنهم او من اجل مشروعهم السياسي.

الواقع مختلف كليا، حزب الله امام خيار من اثنين إما تستمر المناوشات العسكرية الحالية وتنتهي بإتفاق العودة الى اتفاقية الهدنة واعادة النظر بالقرار 1701، وقد نصل ربما الى التطبيع في المقابل يسلم لبنان الى حزب الله كما سلم الى السوري قبله، واما تنطلق الحرب وتنزح الاف العائلات الشيعية الى مناطق جبل لبنان وبيروت.

في الخيار الاول سيدفع الاتكاليون الثمن، اضطهادا ونفيا ومحاكمات عرفية عشناها في زمن الاحتلال السوري، حيث نكل بكل معارضيه وشل حركتهم السياسية وصادر احزابهم. اما الخيار الثاني فحزب الله يدرك جيدا ان اجواء اليوم تختلف كليا عن اجواء حرب تموز داخليا. القرار الظني للمحكمة الدولية في جريمة اغتيال الحريري صدر والمتهمون فارون من وجه العدالة، جراح احداث 7 ايار لم تندمل بعد، التحقيقات في انفجار مرفأ بيروت معطلة لانها سترتد الى حزب الله، مع كل تلك الاسباب وغيرها يدرك حزب الله ان جمهوره سينزح الى مناطق تعاديه سياسيا، وهو يدرك ايضا بأن الدعوات الى اقفال تلك المناطق ومنع جمهوره من الانتقال اليها ستؤدي الى احداث غير سلمية.

انتقال جمهور حزب الله الى جبل لبنان وبيروت لا يمكن ان يحدث سلميا او عفويا، كما لا يمكن ان يتحقق ما لم يتحرك شيعة الداخل الى تسهيل مرورهم، والامور كلها تشير الى احداث قد يظن البعض انها من حقبة التاريخ الاسود في الجمهورية اللبنانية.

المجتمع اللبناني منقسم عاموديا بين مؤيد للحزب وبين معاد له، واذا كان المجتمع الدرزي الاكثر اعتدالا، فإن المجتمع السني الاكثر غيابا عن كل الاحداث بسبب غياب قيادته، بينما يحمل المجتمع المسيحي وكعادته "السلم بالعرض" بوجه المشروع "الفارسي" وتحركه في هذا الاطار لا يصب فقط في خانة "المقاومة الثقافية" بل يتعداها الى مرحلة "حماية الوجود" وهي الاخطر عند الشعوب خصوصا ان حجم النزوح السوري اثقل كاهلهم ولن يسمح هؤلاء ان يضاف الى السوريين نازحون شيعة فيصبح المسيحي غريبا في منطقته.

المقاومة السياسية لمشروع حزب الله مستمرة، والمقاومة الثقافية حق في الاختلاف والتنوع، والمقاومة غير السياسية واجب امام خصم لا يفهم الا لغة القوة والدم وحتى الهزيمة الواضحة يعتبرها انتصارات الاهية غير دنيوية.