المصدر: النهار
الكاتب: رضوان عقيل
الثلاثاء 19 تشرين الثاني 2024 19:06:21
كتب رضوان عقيل في النهار:
يتعامل اللبنانيون، على مختلف توجهاتهم وانقساماتهم السياسية، بروح إيجابية مع زيارة الموفد الأميركي آموس هوكشتاين، بدءا من الرئيس نبيه بري، لتحقيق وقف النار أولا وتطبيق مضمون الاقتراح الذي قدمه حيال القرار 1701، علما أن ليس من الضرورة أن يوافق لبنان على كل ما ورد في هذه المسودة.
ما كان هوكشتاين ليحضر إلى بيروت لو لم يتلقّ إشارات إيجابية في ضوء ما سمعه من بري قبل اجتماعهما أمس في عين التينة، والذي يمكن وصفه بـ"النافذة الديبلوماسية المفتوحة" لمنع استمرار لغة النار والصواريخ التي طالت بيروت وتل أبيب في الأيام الاخيرة، من دون التقليل من عدوان إسرائيل وضرباتها الأخرى في أكثر من منطقة، حيث تُجري المفاوضات على وقع بركان من النار.
عمِل هوكشتاين على إظهار مسحة تفاؤلية من عين التينة أولا، موحيا بأنه يمكنه تقريب المسافات الخلافية بين الجانبين اللبناني والإسرائيلي انطلاقا من قاعدة القرار 1701 الذي يشكل حجر الأساس في ترتيب الأمور الأمنية، أقله في منطقة جنوب الليطاني، من دون أن يوافق "حزب الله" أولا على توسيع "شعاع" الورقة الأميركية على طول الخريطة اللبنانية، لأن هذا ما تريده إسرائيل لتكبيل الحركة العسكرية للحزب، ولاسيما أنها تنطلق من تمكنها من إحداث شلل في جزء كبير من قدراته.
وفي معلومات "النهار" من مصادر ديبلوماسية مواكبة لحركة هوكشتاين، أن التواصل الذي تم بينه وبين رئيس المجلس مساء الإثنين الفائت طوال أكثر من ساعة، أدى إلى اتفاقهما على جملة من المخارج تساعد في تجاوز عدد من الإلغام ليتمكن هوكشتاين من إقناع بنيامين نتنياهو بالقبول بالجزء الأكبر من الورقة والعمل على نزع ما لا يقبله لبنان و"حزب الله" في الوقت نفسه. وأدى هذا التواصل بين بري وهوكشتاين إلى حلحلة أكثر من نقطة ساهمت في ترطيب الأجواء بينهما. وأبلغه هوكشتاين بلغة ديبلوماسية أن طائرته تحط في باريس، وإذا لم يلمس أمورا إيجابية حيال تسهيل مهمته وقبول لبنان بالقسم الأكبر من اقتراحه لتحصين الـ1701 فسيعود إلى واشنطن و"كأن شيئا لم يكن"، وفي حال العكس سيتوجه إلى بيروت ومنها إلى تل أبيب.
ولم يخفِ في الوقت نفسه حجم الضغوط الملقاة عليه جراء سياسة العناد التي يمارسها نتنياهو وأركان حكومته من اليمين المتطرف. ولم يتردد الوسيط الأميركي في القول إن هؤلاء أكثر من مصممين على تنفيذ كل ما وضعوه على أجندتهم ضد "حزب الله" ولبنان كله إذا دعت الحاجة من المنظار الإسرائيلي.
ويرى هوكشتاين في معرض حديثه أن من حق لبنان أن يعترض على نقاط في اقتراحه، لكن ما يضعه اللبنانيون من اعتراضات "ليس في مرتبة القداسة"، من دون أن يقلل من تمسك الرئيسين بري ونجيب ميقاتي بسيادة لبنان، مع تشجيعه لهما في دعمها الجيش والدور المنتظر منه أن يؤديه جنوبا بالتعاون مع "اليونيفيل" لتطبيق القرار 1701 "على عكس السنوات السابقة وصولا إلى عملية طوفان الأقصى" قبل أكثر من سنة.
ووفق معطيات ديبلوماسية، فإن هوكشتاين يخوض امتحانه الأخير بعد خسارة الديموقراطيين الانتخابات الرئاسية، ويعمل اليوم بـ"نفس" الرئيس دونالد ترامب. وإذا سارت الأمور جيدا وجرى التوصل إلى الهدنة المنتظرة، فإن مسار الاقتراح الأميركي لن يطبق قبل تسلم الجمهوريين السلطة رسميا، وقد باشروا بدورهم اتصالات بالقيادة الإيرانية، ولو من دون الكشف عن تفاصيلها، وستكون لها ارتداداتها على لبنان والمنطقة.