هوكشتاين يبحث عن عمل جديد

تفيد معلومات ديبلوماسية غربية في بيروت أنه لم يعد من المفيد التعويل كثيرا على جهود الموفد الرئاسي الأميركي آموس هوكشتاين الذي ينشط على خط الوساطة بين "حزب الله" وإسرائيل لمنع توسع الحرب الدائرة بينهما منذ الثامن من تشرين الأول الفائت.

فقد طرأت تحولات دراماتيكية متسارعة في الداخل الأميركي، ولا سيما لجهة انسحاب الرئيس جو بايدن من السباق الرئاسي، إثر حملة تعرض لها من داخل الحزب الديموقراطي، بعد أدائه السيئ خلال المناظرة التي جمعته بالمرشح الجمهوري الرئيس السابق دونالد ترامب، ثم تفاعل الوضع في أعقاب محاولة الاغتيال التي تعرض لها ترامب قبل نحو عشرة أيام. هذه التحولات شكلت ثقلا واضحا على كاهل الإدارة الأميركية التي بدت قبل انسحاب بايدن تعدّ العدة للرحيل، فيما كان الحزب يعمل للانتخابات الرئاسية على قاعدة أنه سيخسر البيت الأبيض، وبالتالي عليه أن يخوض معركة الانتخابات النصفية (تغيير ثلث أعضاء المجلسين) ومنع الجمهوريين من انتزاعهما معا في الخامس من تشرين الثاني المقبل.

ومع أن انتقال الحملة الرئاسية للحزب الديموقراطي من الرئيس جو بايدن إلى نائبة الرئيس كمالا هاريس غيّر المعطيات داخل المعسكر الديموقراطي، وعزز آماله في إمكان إنقاذ منصب الرئاسة من الهجوم الكاسح الذي بدا أن دونالد ترامب قد شنه منذ محاولة اغتياله، فإن ترشيح هاريس الذي صار شبه محسوم قبل بضعة أسابيع من المؤتمر الوطني العام للحزب، قوّى شوكة الديموقراطيين، وحررهم نوعا ما من المشاعر الانهزامية واليائسة التي تسبب بها الرئيس جو بايدن مع ازدياد علامات تراجع الإدراك الذهني لديه.

ولكن على الرغم من انتعاش التفاؤل لدى الديموقراطيين، فإن إدارة الرئيس بايدن، والحلقة المقربة منه داخل البيت الابيض بدأت تعدّ العدة للتغيير، حتى لو فازت كامالا هاريس، لأنها في هذه الحالة سوف تأتي بفريقها إلى البيت الأبيض. صحيح أن قادة الحزب الديموقراطي سيكونون على موعد مع الرئيسة هاريس إن فازت، من أجل التغلغل داخل الإدارة على النحو الذي فعله الرئيس الأسبق باراك أوباما مع فوز بايدن عام ٢٠٢٠، إلا أن معظم الوجوه البارزة في الإدارة الحالية سوف تخرج مع الرئيس بايدن. ومن سيعود فسيتم اختياره (أو اختيارها) لمنصب آخر، ولكن ليس من الصف الأول.

 

في هذا الإطار، تفيد معلومات ديبلوماسية في بيروت أن الموفد الأميركي والمسؤول عن قضايا الطاقة آموس هوكشتاين يعدّ العدة للانتقال إلى القطاع الخاص، ويجري اتصالات في المنطقة لتولي منصب في واحدة أو أكثر من المؤسسات الكبرى النفطية أو التي هي على صلة بالصناعات النفطية. وبهذا المعنى فإن وضعه يتشابه في مكان ما مع وضع الموفد الرئاسي الفرنسي إلى لبنان الوزير السابق جان إيف لودريان الذي سبق أن عيّن رئيسا للمؤسسة الفرنسية لتطوير منطقة العلا في المملكة العربية السعودية. وهي مؤسسة عامة تابعة للحكومة الفرنسية عيّنه الرئيس إيمانويل ماكرون على رأسها، على أن يستمر مكلفا الملف اللبناني، إنما من دون أن ينتزع كل الملف من الخلية الديبلوماسية في قصر الرئاسة الإليزيه. وعليه، منذ أن عيّن لودريان في الموقع المشار اليه آنفا، بدا واضحا أنه قلل من انغماسه في الملف اللبناني، وانتقل تركيزه الرئيسي إلى مكان آخر.

في حالة هوكشتاين، ثمة من يعتبر أن الاستماع اليه كموفد رئاسي أميركي ضروري في ما يتعلق بمهمته وسيطا بين "حزب الله" وإسرائيل، محاولا إنهاء حرب الاستنزاف الدائرة بين الطرفين والتي تنذر بخطر انفجار الوضع برمته، إن لم يتم تداركه بسرعة. لكننا بدأنا نسمع كلاما يدعو إلى الحذر في البناء على تطمينات هوكشتاين الذي تحول اهتمامه إلى مرحلة ما بعد خروجه من الإدارة لينتقل الى عمله الجديد في القطاع الخاص، ولا سيما أن دول المنطقة تتعامل معه على قاعدة أنه يمثل إدارة ذاهبة تحولت في شكل سابق لأوانه إلى "بطة عرجاء". من هنا النصيحة (بالإنكليزية) التي صرنا نسمعها، وتقول: "خذوا كلامه مع رشة ملح"!