المصدر: نداء الوطن
الكاتب: كبريال مراد
الجمعة 21 شباط 2025 07:42:57
إذا أراد رئيس الجمهورية النجاح، فعليه السّعي لإحاطة نفسه بأشخاص من أصحاب الكفاءات، بإمكانهم تقديم النصح له. ولتحقيق هذه الغاية، من المفترض أن ينحو في اتجاه "مستشار اللا"، الذي من طبيعة عمله التنوير على ما يجب أن يحصل والتنبيه عند مخالفة أحكام الدستور، وأن يبتعد عن "مستشار التركيبة" الذي يفتي للحاكم "الطربوش" الذي يريده.
يُنقل عن الرئيس العماد جوزاف عون أنه يريد بناء دولة ولا يرغب في لعب دور سياسي، أو أن يفتح على حسابه، بل تطبيق ما يقوله الكتاب، أي الدستور. وقد أكّد أمام زوّاره أمس أن "الجميع يجب أن يكون تحت سقف القانون، بدءاً من رئيس الجمهورية".
قبل تسلّمه مهامه، أقسم الرئيس يمين الإخلاص للأمة والدستور، بحسب المادة 50 من الدستور. وبعد تسلّمه مهامه، خطا خطوة عملية، بمسارعته إلى تشكيل "اللجنة الدستورية والقانونية" التي عقدت أمس الخميس اجتماعها الأول في بعبدا.
وهي تتألّف من المدير العام لرئاسة الجمهورية الدكتور أنطوان شقير، رئيس المجلس الدستوري شرفاً القاضي شكري صادر، الرئيس السابق للمجلس الدستوري القاضي غالب غانم، الوزير السابق سمير الجسر، الوزير السابق رشيد دباس، الوزير السابق خالد قباني، البروفسور فايز الحاج شاهين، الدكتور أنطوان مسرة، المحامي ميشال إقليموس، الدكتور وليد صافي، المحامي وليد داغر والدكتور زهير شكر الذي غاب عن الاجتماع بداعي السفر.
وبحسب المعلومات، ستعمل اللجنة على تفسير النصوص الصريحة المدروسة، وإيضاح النقاط الغامضة والثغرات التي يمكن تعديلها. ومهمتها مساعدة رئيس الجمهورية في أداء مهامه الدستورية والقانونية، استناداً إلى المصلحة العامة، بهدف استكمال تطبيق الدستور ومعالجة ثغراته، انطلاقاً من خطاب القسم والبيان الوزاري للحكومة.
هل الغاية الوصول إلى دستور جديد؟
الجواب بحسب مصادر "نداء الوطن" هو لا، "إنما مساعدة رئيس الجمهورية على تفسير المعنى الحقيقي لدستور الطائف الذي تمّ اغتصابه اعتباراً من سنة 1992 بالاستناد إلى الوصاية السورية وما تلاها من وصايات وهيمنات. فباتت كل مادة من مواده تخترق بشكل لم تعد التفسيرات التي أعطيت للدستور تفسيرات صحيحة. إذ بات كل طرف يفسّر الدستور على طريقته ووفق غاياته، سنداً لمواقع القوة على الأرض".
وبعدما بات لكل طرف تفسيره للدستور، تشكّلت اللجنة، ومنحت دوراً استشارياً وليس تقريرياً، في سياق العمل على إعادة الموقع الحقيقي للدستور وتفسير ما ينصّ عليه دستور الطائف، لا التفسيرات الملتوية التي تعطى له.
كيف ستعمل اللجنة؟ يطلب منها رئيس الجمهورية الاستشارة، فتبحث عن الإجابة المتوافقة مع نية المشترع وأحكام الدستور. عندها، سيأخذ الرئيس التفسير من "رأس النبع" الذي هو اللجنة المؤلفة من جماعة قانونيين متمرسين وخبراء بالشؤون الدستورية والقانونية. وبحسب المعلومات، سيتم تنظيم عمل اللجنة وتحديد جدول اجتماعاتها، لتكون فاعلة وتقدّم حلولاً عملية، لا أن تضع أفكاراً تنتهي في كتاب في نهاية العهد، أو انتهاء مهام أعضائها.
في السنوات السابقة، لم يطبّق الطائف كما يجب. بقيت اللامركزية الإدارية مثلاً وعداً لم يصدق. وأمضى رؤساء أسابيع قبل الدعوة إلى استشارات نيابية، وبقي رؤساء مكلّفون بتشكيل الحكومة أشهراً من دون تأليف. واحتفظ وزراء بقرارات تنفيذية في أدراجهم، فانعكس كل ذلك سلباً على الدولة ومؤسساتها وإنتاجيتها.
ولأن العين دائماً على ما سيُعلن وما سيُطبّق، مهما كانت النيات حسنة، إذ إن الحكم يكون على ما نفّذ، لا على ما أُطلقت الوعود بشأنه.
يبدو أن العهد الجديد تعلّم من التجارب الماضية، وسيسعى لعدم تكرار أخطائها.