المصدر: وكالة الأنباء المركزية
الكاتب: شربل مخلوف
الاثنين 10 شباط 2025 12:02:45
أربع سنوات مرت على جريمة انفجار مرفأ بيروت. هذه الجريمة التي وُصِفَت بالأبشع في تاريخ البشرية بعد انفجار هيروشيما النووي. فقد كان يوم 4 آب 2020 يومًا مشؤومًا عاشه اللبنانيون، إذ فقدت بيروت خيرة شبابها ورجالها ونسائها، ناهيك عن الدمار والخراب اللذين حلّا بها.
على مدى أربع سنوات، تعرّض أهالي ضحايا انفجار المرفأ لأبشع المواقف، بدءًا من عرقلة التحقيقات والتوقيف من قبل السلطات الأمنية والقضائية، وصولًا إلى التهديدات التي أطلقها وفيق صفا بحق المحقق العدلي القاضي طارق البيطار، خصوصًا خلال زيارته إلى العدلية.
وعلى الرغم من القمع الذي تعرّض له الأهالي، ظلوا مصرّين على معرفة من قتل أولادهم ودمّر أحلامهم، فاستمروا في تحركاتهم الشعبية لإيصال صوتهم إلى المجتمع الدولي.
أما فيما يخص عرقلة التشكيلات القضائية، فالعراقيل متعددة تتداخل فيها العوامل السياسية والقضائية وحتى الإقليمية، ما يؤدي إلى تعطيل عمل القضاء وإضعاف استقلاليته.
أولًا: التدخلات السياسية
تُعَدّ التدخلات السياسية العائق الأكبر أمام إقرار التشكيلات القضائية، إذ تسعى القوى السياسية إلى فرض نفوذها على القضاء عبر تعيين قضاة موالين لها أو استبعاد من قد يشكّل تهديدًا لمصالحها. هذه التدخلات تؤدي إلى تعطيل أي تشكيلات قضائية لا تتناسب مع حسابات الأطراف النافذة.
ثانيًا: الصراع بين السلطات
يشهد لبنان تجاذبًا بين السلطة القضائية والسلطة التنفيذية، حيث يمتنع بعض المسؤولين عن توقيع مراسيم التشكيلات بسبب اعتراضهم على الأسماء المقترحة، ما يؤدي إلى شلل في آلية التعيينات وتأخير عمل القضاء.
ثالثًا: الملفات الحساسة
تُعدّ القضايا الكبرى، مثل التحقيق في انفجار مرفأ بيروت وملفات الفساد، من الأسباب الرئيسية لعرقلة التشكيلات القضائية. فبعض القضاة المقترحين قد يكون لهم دور في هذه الملفات، ما يدفع جهات نافذة إلى منع تعيينهم خشية اتخاذهم قرارات لا تتماشى مع مصالحها.
رابعًا: الانقسام داخل القضاء حتى داخل السلطة القضائية، هناك خلافات بين القضاة أنفسهم حول بعض التعيينات، حيث يتم الطعن في بعض الأسماء أو رفضها من قبل جهات قضائية معينة، ما يزيد من تعقيد الأمور.
خامسًا: التأثيرات الخارجية
لا يمكن إغفال الدور الذي قد تلعبه بعض الجهات الإقليمية والدولية في التأثير على القضاء اللبناني، سواء عبر الضغط على القوى السياسية المحلية أو عبر دعم أطراف معينة داخل السلطة القضائية.
في المحصلة، تبقى التشكيلات القضائية رهينة التجاذبات السياسية والمصالح الفئوية، ما يعيق عمل القضاء ويضعف ثقة اللبنانيين بهذه المؤسسة الحيوية في ظل أزمة سياسية واقتصادية خانقة.
ولكن، مع وصول المحامي عادل نصّار، المعروف بنزاهته ونظافة كفّه في القانون والقضاء،الى منصب وزير العدل، يبقى التساؤل: هل سيتمكن القضاء من إحقاق العدالة لأهالي ضحايا انفجار المرفأ؟ واستتباعًا، هل ستحلّ عقدة التشكيلات القضائية ويصدر قانون استقلالية القضاء الذي يحميه من التجاذبات السياسية؟
يؤكد وزير العدل، المحامي عادل نصّار، لـ"المركزية" أن الوزارة ستسهّل مهام المحقق العدلي القاضي طارق البيطار بكل ما يحتاجه من وسائل لإصدار القرار الظني في قضية انفجار المرفأ.
وعن التشكيلات القضائية، يقول: "على الأكيد سننكب على هذا الموضوع، بدءًا من مجلس القضاء الأعلى، لأنه يتمتع بصلاحية البتّ في قضية انفجار المرفأ".
ويوضح أن دور الوزارة ليس القيام بالتحقيقات، بل يقتصر على تسهيلها وحمايتها، لافتًا إلى أنه سيحاول إنجاز قانون استقلالية القضاء وإصداره بأسرع وقت ممكن لحمايته من التجاذبات السياسية.