وضع لبنان على "اللائحة الرمادية" إن حصل: إدانة للدولة مع الإشادة بمنصوري والمصارف

لم يُحسم وضع لبنان على اللائحة الرمادية من قبل منظمة "فاتف" الدولية، بإنتظار الأسابيع المقبلة التي ستشهد اجتماع المنظمة الدوري للفصل بين الدول الملتزمة بإجراءاتها، وبين غير الملتزمة. واذا كانت المنظمة اعطت لبنان فرصتين في الخريف والربيع الماضيين، لحث الدولة اللبنانية على اتخاذ خطوات اصلاحية تشريعية، وتنفيذية، وقضائية، فإن الالتزام اللبناني اقتصر على المصرف المركزي والمصارف، التي تُترجم الاجراءات المطلوبة دولياً، وتطبّق الاجراءات بحذافيرها.

وعلمت "النهار" من مصادر مالية دولية ان اعضاء منظمة "فاتف" سيدرسون امكانية وضع لبنان على اللائحة الرمادية، مع التأكيد على تحييد مصرف لبنان بسبب المعايير التي وضعها الحاكم بالإنابة وسيم منصوري، واعتماده الشفافية مسار عمل خصوصاً في ملفات النقد، وادارة السوق، وضوابط بيع الليرة مقابل الحصول على الدولار. غير ان ملاحظات "فاتف" ليست على اداء مصرف لبنان والمصارف، بل تنصبّ على تجاهل الدولة اللبنانية للإجراءات الدولية المطلوبة منها.

وتضيف المعلومات ان اعضاء "فاتف" لم يتخذوا قراراً نهائياً بعد بشأن وضع لبنان على اللائحة، وسط محاولات منصوري لإبعاد هذه الكأس، وهو سيُجري لقاءات إضافية مع اعضاء المنظمة الدولية في مطلع ايلول المقبل، قبل بدء اجتماعات "فاتف"، علماً ان الاجتماعات التي عقدها منصوري مع اعضاء المنظمة ومسؤولين ماليين دوليين في الأسابيع الماضية، سجّلت ايجابية تبشّر بإمكانية اعطاء فرصة جديدة للدولة اللبنانية.

وبحسب معلومات "النهار"، فإن المسؤولين الدوليين أشادوا بإجراءات المركزي، والتزام المصارف، وهو ما يعني عدم مسؤوليتها عن اي اجراء دولي، لكن اعضاء في "فاتف" يعتبرون ان ادراج لبنان هو ممارسة ضغوط على الدولة اللبنانية لدفعها نحو اقرار إصلاحات واستصدار احكام قضائية بحق المتورطين في قضايا مالية، بعد اعطاء فرص لها سابقاً.

واذا كان التوتر الاقليمي وانخراط لبنان ميدانياً به يزيد من احتمالات التعاطمل الدولي السلبي مع الملف اللبناني، فإنّ قوانين لبنان واجراءات المركزي والتزام المصارف، منعت تفلّت التحويلات المالية، في وقت يضبط مصرف لبنان سوق النقد بشكل تام، انطلاقاً من منعه اساساً بيع الليرة للحصول على دولار لأي جهات او احزاب، والتزامه قواعد رقابية صارمة يُشرف عليها، وهي تراعي أعلى معايير الشفافية والوضوح، وتطبق عليها إجراءات التدقيق المفروضة ضمن موجبات الامتثال، التي يرضى عنها المجتمع الدولي.

وقد عزّز "المركزي" من درجات الشفافية في عقوده مع المصارف التي يقوم عبرها ببيع الليرة مقابل الدولار، وعيّن لبنك "الاعتماد المصرفي" مديراً موقتاً هو محمد بعاصيري، الذي أمضى عقودا في العمل من اجل الوصول الى اعلى درجات الامتثال، وفي مكافحة تبييض الاموال، ومحاربة تمويل الارهاب، وكان من مؤسسي منظمة MENAFATF، كما كان اول رئيس لها في العام ٢٠٠٥، وساهم بنجاح لبنان في الوصول إلى تصنيف جيد من قبل هذه المنظمة العام ٢٠٠٩.

كل ذلك دفع المنظمات الدولية والعواصم المعنية للإشادة بعمل مصرف لبنان المركزي، عبر دعوة حاكمه بالإنابة وسيم منصوري إلى المشاركة والتحدّث في ابرز المؤتمرات المالية الدولية، خصوصاً ان منصوري استطاع أن يوقف الهدر المالي بعدم تمويل الدولة، والالتزام بما تقره في ميزانياتها، وزيادة الاحتياطي حوالي مليار و٨٠٠ مليون دولار، بصفر تكلفة، مع تثبيت الاستقرار النقدي، ومنع التضخم بالعملة اللبنانية، وهي عناوين تعزّز مسارات الحلول اللبنانية لقضية المودعين ايضاً التي ستُطرح لاحقاً على بساط البحث الجدّي.