المصدر: النهار
الجمعة 9 تموز 2021 06:48:22
"لم يكن يوم المملكة العربية السعودية في بكركي امس مجرد حدث ثقافي على أهمية صدور كتاب نادر موثق عن مئوية العلاقة التاريخية بين البطريركية المارونية والمملكة، ولا أيضا مجرد محطة جامعة لحشد شهد لهذه المناسبة البارزة، اذ ان محطة الاحتفال بصدور مؤلف عن هذه العلاقة برعاية مشتركة من بكركي والسفارة السعودية في لبنان تحولت الى ابرز حدث عابر للمناسبة الثقافية ليطاول البعد العربي والإقليمي والدولي لعلاقة لبنان كله بالسعودية مع ما أطلقته المناسبة من رسائل بالغة الدلالات على معنى شهادة بكركي للعلاقات المتجذرة مع السعودية ببعدها العربي الواسع تحديداً.
ولعل ما زاد الحدث توهجاً مفارقة لافتة تمثلت في تزامن الجمعة الواسعة التي احتضنتها بكركي على خلفية تثبيت الابعاد اللبنانية والعربية لعلاقتها بالسعودية مع تحرك استثنائي بكل ما للكلمة من دلالات تقوم به سفيرتا الولايات المتحدة دوروثي شيا وفرنسا آن غريو في الرياض في شأن الازمة اللبنانية في حين كان السفير السعودي في لبنان وليد البخاري يحرص بقرار واضح وثابت على عدم التخلف عن حضور يوم المملكة في بكركي حتى للانضمام الى زميلتيه الزائرتين في الرياض الامر الذي أضفى دلالة أهمية إضافية على الرسالة الرمزية والمعنوية والسياسية التي اكتسبها هذا التطور
ولكن الوضع اللبناني برمته بدا مقبلاً على منقلب من التطورات الغامضة في ظل تلاحق التحركات الدولية المتصلة بلبنان من جهة وطغيان الغموض على العد العكسي لحسم مصير أزمة تأليف الحكومة، علماً ان الرئيس المكلف سعد الحريري لا يزال على الرؤية التي أوضحها لكتلة المستقبل الأربعاء حيث أبلغها إنسداد الأفق وان لديه مجموعة من الخيارات يدرسها من بينها الاعتذار. وبدت مفارقة ساخرة ان بعض الافرقاء بدأ يتحسب لإمكان ان يفضي التحرك الدولي في شأن لبنان الى نتائج ربما تكون غير محسوبة فبدأ هؤلاء في تدوير زوايا مواقفهم وسكب بعض المياه في نبيذهم تحسباً لتبدلات طارئة في واقع الازمة.
توصيات فرنسية
هذا الواقع اكتسب مزيداً من التوهج والاثارة مع الكشف عن صدور توصيات في شأن لبنان عن لجنة الدفاع في الجمعية الوطنية الفرنسية الثلثاء الماضي خلال تقييم دور القوات المسلحة الفرنسية في الشرق الاوسط وجاء في هذه التوصيات التي قدمها النائب غوندال رويار: "بخصوص الوضع في لبنان ، نوصي بالتشكيل العاجل في بيروت لفريق عمل دولي تحت رعاية الأمم المتحدة والبنك الدولي من أجل تكثيف العمل الإنساني (غذاء ، دواء ، رعاية ، مدارس ..) والتنمية (ماء ، كهرباء ..). نحن نشجع فرنساوشركائها العرب والغربيين على دعم القوات المسلحة اللبنانية وقوى الأمن الداخلي من أجل تجنب انهيارها ومواصلة صعودها العملياتي في مواجهة داعش والتهديدات الأخرى (تهريب المخدرات...). أخيرًا ، نأمل أن تتمكن فرنسا وشركاؤها والأمم المتحدة من ضمان إجراء انتخابات تشريعية وبلدية ورئاسية في عام 2022. يجب أن يكون اللبنانيون قادرين على التعبير عن أنفسهم بحرية من أجل بناء التغيير و "لبنان الجديد".
وفيما تترقب الأوساط الداخلية ما يمكن ان تسفر عنه التحركات والمواقف التي تتصف بسمة بالغة الأهمية الى حدود الحديث عن اطلاق شرارة تدويل الوضع في لبنان بتضافر إرادات دول كبرى ومؤثرة كما الفاتيكان، أفادت السفارتان الأميركية والفرنسية على موقعيهما على "تويتر" عصر امس ان السفيرة الفرنسية آن غريو والسفيرة الأميركية دوروثي شيا "تقومان بمشاورات ثلاثية مهمة مع المملكة العربية السعودية لمناقشة الوضع في لبنان والسبل التي من خلالها يمكنهم معا دعم الشعب اللبناني والمساعدة في استقرار الاقتصاد".