المصدر: الانباء الكويتية
الجمعة 18 تشرين الأول 2024 23:38:57
ما بعد 23 سبتمبر ليس بالتأكيد كما قبله بعد عبور لبنان من ضفة حرب باردة إلى ضفة حرب حامية مثقلة بالكثير من الصراخ والألم والتشرد.
في خضم هذه الحرب، ثمة قطاعات صراخها حاد كقطاع الاستشفاء، وقد خرجت خمسة مستشفيات عن الخدمة جراء العدوان الإسرائيلي، في مقابل قطاعات أخرى تئن بصمت وتستنزف رويدا رويدا.
في هذا الإطار، قال رئيس تجمع الشركات اللبنانية والخبير الاقتصادي د.باسم البواب في حديث إلى «الأنباء»: «المؤسسات أو الشركات الخاصة تقسم راهنا إلى قسمين، قسم له علاقة بمستلزمات الأدوية والمواد الغذائية والمحروقات، وهذا القسم يعمل بوتيرة أعلى هذه الأيام بسبب إقبال اللبنانيين على التخزين خوفا من مرحلة أقسى وحصار بحري وجوي. أما القسم الآخر وهو قسم الكماليات أو ما يدور في فلكها، فيواجه كارثة تتفاوت حجمها تبعا لمكان وجود هذه الشركات التي تصل اليوم مبيعاتها في أقصى حد إلى 30%، وهذا يعني أن ثلث الاقتصاد ناشط فيما الثلثان الآخران يعملان بنسبة 30%».
وكشف البواب عن «طلب الهيئات الاقتصادية من رئيس الحكومة نجيب ميقاتي خلال اجتماعها الأخير معه تأجيل دفع بعض ضرائب الشركات الخاصة إلى الدولة لتوفير السيولة لديها من أجل دفع الرواتب للموظفين».
وأضاف: «بدأت الشركات اعتماد عصر للنفقات وإكثار من السيولة لتضمن استمراريتها قدر الإمكان، وأولويتها هي تأمين رواتب العاملين لديها وهي مؤمنة حتى نهاية شهر أكتوبر، لكن المشكلة هي بعد هذا التاريخ».
ويجمع أهل الاقتصاد على ثلاثة أشهر «ذهبية» للشركات والمؤسسات التجارية في لبنان هي يوليو وأغسطس وديسمبر الذي هو شهر الأعياد. ولطالما كانت هذه الأشهر الثلاثة هي رافعة الاقتصاد لتأمين الاستمرارية على مدى العام في ضوء الاعتماد على حركة المغتربين والسياح في اتجاه لبنان، باعتبار جناح الاغتراب هو رئة لبنان التي من دونها هو معرض للاختناق.
ولأن موسم الصيف والاغتراب تعرض لانتكاسة كبرى نهاية شهر يوليو بعد عملية اغتيال في الضاحية الجنوبية لبيروت، ثمة خشية على شهر 12 الذي تشكل عائداته 25 إلى 30% من حجم الاقتصاد. ويقول د.باسم البواب في هذا الإطار إن «لبنان بات يعتمد على الخارج من مغتربين وسياح، لأن القدرة الشرائية في الداخل تآكلت منذ العام 2019 تاريخ الأزمة الاقتصادية والمالية التي ضربت لبنان، قبل أن تأتي أزمة كورونا ثم انفجار المرفأ وتأثيرات الحرب في أوكرانيا». ولفت إلى أنه «حين بدأ لبنان رحلة التعافي الاقتصادي في العام 2023، بدأت الحرب في غزة والجنوب اللبناني وتغير المشهد».
وأكد البواب أن «اكثر من مليون عائلة تعتاش من القطاع الخاص. وفي حال طال أمد الحرب، لن تعود المؤسسات الخاصة التي تتعاطى الكماليات أو ما يشبهها قادرة على الصمود، وربما يكون الصمود حتى العام الجديد كحد أقصى قبل أن تنتقل إلى مرحلة إجراءات من نوع إعطاء العاملين نصف الراتب او ربعه وصولا حتى إلى مرحلة الصرف». في مجتمع تعاضدي تضامني كالمجتمع اللبناني، يعتبر الصرف الفردي أو الجماعي أسوأ الشرور وآخر الكي، وهو يعني بشكل أو بآخر أن الشركات الخاصة استسلمت وأغلقت أبوابها، فهل تتوقف آلة الحرب ليتجنب القطاع التجاري الخاص إطلاق رصاصة الرحمة على نفسه؟