250 مليون دولار: دين جديد على اللبنانيين باسم الإعمار

في لبنان، حيث تلتقي السياسة بالمغامرات الخارجية ويُفرض القرار الوطني خارج إرادة الدولة، يعود النقاش حول قرض البنك الدولي البالغ 250 مليون دولار ليكشف حقيقة الأمور: هذا القرض ليس مجرد إعادة إعمار، بل محاولة لإلزام الشعب اللبناني بدفع ثمن دمار لم يسببه ولم يوافق عليه.

اليوم يُطلب من مجلس النواب الموافقة على دين جديد يثقل كاهل الدولة والشعب، تحت عنوان إعادة البناء. لكن الواقع يقول إن أي مبلغ يُقترض لن يذهب لبناء مدارس أو مستشفيات أو بنية تحتية أساسية تحفظ مستقبل الأجيال، بل سيصب في تغطية آثار حرب فرضها حزب الله، حرب لم يشارك فيها اللبنانيون ولم يكونوا جزءًا من صنع قرارها.

قبول هذا القرض في ظل استمرار السلاح غير الشرعي خارج سلطة الدولة يعني تحميل المواطنين أعباء مالية جديدة وتحويلهم إلى ضحايا دائمين لصراع لم يختاروه. لا يمكن الحديث عن إعادة إعمار حقيقية ما لم تُسترجع سيادة الدولة على قرار الحرب والسلم، ويصبح القرار بيد الدولة وحدها.

التاريخ يعلمنا مرارة التجربة. بعد الحرب اللبنانية، لم تقم الدولة بإعادة بناء المناطق المتضررة واضطر الناس لتحمل أعباء إعادة البناء بأنفسهم. واليوم، يكرر التاريخ نفسه بطريقة أكثر إيلامًا، فالحرب الأخيرة لم تكن دفاعًا عن لبنان، بل خدمة لمصالح خارجية، وأي إعادة إعمار قبل ضمانات واضحة ستكون مجرد إعادة إنتاج لخراب الوطن على أكتاف المواطنين الرافضين للحرب!

المطلوب أولًا، وقف أي مغامرات تهدد لبنان، فرض سيادة الدولة على كامل أراضيها، وتسليم السلاح للدولة، وضمان أن تُصرف الأموال المقترضة فقط على البنية التحتية الحيوية، مدارس ومستشفيات وخدمات عامة، وليس لتعويض نتائج حروب فرضها فصيل مسلح على الشعب. أي خطوة قبل وجود ضمانات سياسية وأمنية واضحة تعني استمرار تحميل اللبنانيين ثمن سياسات لم يشاركوا فيها ولم يوافقوا عليها.

اليوم لبنان أمام مفترق حقيقي: إعادة إعمار حقيقية تحت سيادة الدولة الكاملة، أو استمرار دفع الشعب ثمن الحروب غير الشرعية والمغامرات التي تجر البلاد إلى الدمار. القرار ليس مجرد توقيع على قرض، بل اختبار لكرامة الدولة وحماية مستقبل الأجيال، وموقف الشعب اللبناني واضح: لن ندفع ثمن حرب لم نخترها ولن نسمح بتحويل لبنان إلى ضحية دائمة لسلاح خارج الدولة.