400 مليار دولار بالجَيْبِة أو صاروخ تحت الأرض... هل تتخلى إيران عن المقاومة؟

روسيا ثابتة في سوريا، بترسانة عسكرية كبيرة، فيما تدخل الصين الى إيران بمشاريع واستثمارات بمليارات الدولارات، سيكون مستحيلاً الذّهاب بها بعيداً دون ترسانة عسكرية صينية تحميها في مدى بعيد، بحسب الكثير من الخبراء، وذلك رغم النّفي الإيراني المتكرّر لاستضافة جيش صيني على أراضيها مستقبلاً. 

حوار عسكري؟

وعلى مسافة يومَيْن من توقيع وثيقة  التعاون  الاستراتيجي بين بكين وطهران، جرت مباحثات هاتفيّة بين المبعوث الخاص للرئيس الروسي إلى الشرق الأوسط ودول أفريقيا، نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف، ووزير الشؤون الخارجية السعودية عادل الجبير، تناولت ملفات عدّة، من بينها "أجندة" روسية تتعلّق بمنطقة الخليج، وهي تعود الى مبادرة نظام ضمان الأمن الجماعي الإقليمي، التي كانت روسيا قدّمتها في مرحلة سابقة، وهي مجموعة أفكار روسيّة تحتاج الى تنسيق دولي طبعاً، من بين نقاطها المتعدّدة، عَدَم نشر قوات لدول خارج المنطقة على أساس دائم، على أراضي دول الخليج. 

محاوِر

أشار الخبير الاستراتيجي الدكتور سامي نادر الى أن "روسيا أعادت ترتيب علاقاتها مع الدول العربية من جهة، ومع إسرائيل من جهة أخرى، وسط تقارُب بين الدول العربية الخليجية وإسرائيل. وهذا يعني أننا ضمن حركة ذات محاور متعدّدة".

ولفت في حديث الى وكالة "أخبار اليوم" الى أن "التقارب الروسي - السعودي هو تقارُب مصالح مشتركة، إذ من مصلحتهما بقاء أسعار النفط مرتفعة، وأن لا يأخذ الغاز الصّخري مكان (الغاز) الطبيعي والنفط. فضلاً عن حاجة الرياض ودول الخليج العربي الى ترتيب علاقاتها مع روسيا، في مواجهة إيران". 

تغيير

وأكد نادر أن "لا روسيا، ولا السعودية، تريدان مواجهة الصين. فبكين هي السوق الأولى للمنتجات النفطية الروسية والسعودية".

وقال:"إذا نمَت العلاقة الاستراتيجية بين الصين وإيران بطريقة متصاعدة، فإن ذلك سيؤسّس لتغيير على صعيد الداخل الإيراني".

وشرح:"اللّحاق الإيراني بالنّموذج الإقتصادي الصيني يفرض على طهران تحوّلاً في نموذجها السياسي، وفي سلوكها العسكري، المباشر أو على مستوى الأذرُع، في شكل تدريجي. وبالتالي، لن يعود ممكناً لإيران أن تصدّر الثورة، وأن تتحوّل الى منظومة صناعية واستثمارية، في وقت واحد".

"بالرّخيص"

وشدّد نادر على أن "الوثيقة الصينية - الإيرانية، تؤسّس لتحوّل حتمي، إذ لن يعود مُمكناً لإيران أن تثبت في رفع نسبة المخاطر، وأن تهدّد الإستثمارات الصينية نفسها فيها، إذا استمرّت بسلوكيات يُمكن أن تجعلها معرّضة لأي ضربة عسكرية مستقبلاً".

وأضاف:"أي عناد إيراني على هذا الصّعيد، سيجعل الصين نفسها تقول كفى. فالدّخول العملي في "مبادرة الحزام والطريق" الصينية، يفرض على إيران التماشي مع فلسفة تلك المبادرة. ففي النهاية، تهتمّ بكين بمصالحها، وهي دخلت الى إيران بعدما أصبحت الأخيرة محشورة، فحصلت عليها "بالرّخيص". وهذا مسار دقيق ومهمّ". 

تفرض نفسها

وأكد نادر أن "متطلّبات التوجّه شرقاً لن تختلف عن تلك التي تتعلّق بالتعاطي مع الغرب. فها هي سلوكيات طهران العسكرية  في لبنان تنتهي بحاجته الى "صندوق النّقد الدولي"، والى إصلاحات جذريّة، أي الى تغيير سلوك من أجل الحصول على المال. والوضع هذا لن يكون مختلفاً مع الصين. ولهذا السبب، ينتقد بعض صقور إيران توقيع تلك الوثيقة".

وقال:"أصبحت الصين قوّة إقتصادية وعسكرية تفرض نفسها على المستوى الدولي. وهي تظهر واثقة من نفسها خلال الإجتماعات والمؤتمرات الدولية، وترفع صوتها. كما أنها لا تشنّ الحروب، ولكنها تعترض السّفن التي تزعج مصالحها خلال السنوات الأخيرة". 

الفيروس

وأضاء نادر على "ديبلوماسية "كوفيد - 19" الصينية الناجحة خلال العام الفائت، إذ نشرت بكين تدابير الوقاية، ووزّعت الكمامات والمستلزمات الطبية على دول العالم، ما جعلها أشبه بـ "صليب أحمر" العالم. وهي سجلت انتصاراً في مجال اللّقاحات أيضاً".

وعن مدى التنافُس الروسي - الصيني في عالم اللّقاحات، وتكريس هذا الواقع مسألة انتقال قوّة العالم من الغرب الى الشرق، أجاب نادر:"التنافُس واضح، إذ بات "سبوتنيك V" الروسي، و"سينوفارم" الصيني، بطلَي المرحلة الحالية، وتجسيداً لانتقال مركز الجَذْب الدولي من أوروبا تحديداً، الى الشرق الآسيوي". 

حرب؟

وعن جدوى توقيع أي اتفاق نووي جديد بين الغرب وإيران، بعد اليوم، اعتبر نادر أن "وثيقة بكين - طهران أعطت إيران ورقة أساسية بيدها في التفاوض".

وختم:"إذا استغلّت طهران الوضع لتعقيد التفاوض، بموازاة نفاد الوقت، وبمعيّة مخاوف إسرائيلية من اقترابها من إنتاج سلاح نووي، فإن هذا الوضع قد يعيد الى الطاولة خيار استعمال القوّة العسكرية ضدّها".