لا تزال الأسعار ترتفع رغم ثبات سعر الصرف.
فبحسب آخر إصدار للإحصاء المركزي عن مؤشر الأسعار الاستهلاكية عن شهر حزيران الماضي، أصبح معدّل التضخّم التراكمي منذ بداية 2019 نحو 5871%.
كان الاعتقاد سابقاً، أن انفلات سعر الصرف هو السبب الأساسي في ارتفاع الأسعار في لبنان، لكن ما يحصل الآن هو العكس، إذ لم يتحرّك سعر الصرف منذ بضعة أشهر، بينما لا تزال الأسعار ترتفع.البند الأوّل من ناحية ارتفاع الأسعار لم يتغيّر عمّا كان عليه سابقاً، وهو بند المطاعم والفنادق التي ارتفعت أسعارها بشكل كبير خلال الأزمة بنحو 300 مرة منذ 2019، حتى إذا احتسبناها بالدولار. قد يكون متوقّعاً الارتفاع في هذا البند، الذي يُعدّ من الاستهلاك السياحي في البلد، وهذا الاستهلاك هو أحد مصادر العملات الصعبة الأهم في البلد، بعد أموال التحويلات من الخارج. ويلي هذا البند المواد الغذائية والمشروبات غير الروحية التي ارتفعت أسعارها بنحو 232 مرة.
المشكلة في ارتفاع أسعار هذا البند هو أنه من بنود استهلاك الأسر الأساسية التي لا يمكن الاستغناء عنها، وارتفاع أسعارها بهذا الشكل يترك مساحة أقل لاستهلاك أنواع أخرى من السلع والخدمات المهمة، مثل الصحة والتعليم وغيرهما من الأمور الأساسية التي نالت حصتها من الارتفاع في الأسعار. فكلفة التعليم ارتفعت نحو 30 مرة وكلفة الصحة ارتفعت 43 مرة. والمثير للاهتمام هو كلفة النقل التي ارتفعت نحو 120 مرة، وهذا الأمر لا ينعكس فقط على استهلاك الأسر، بل ينعكس على الاقتصاد برمّته، إذ إن كلفة النقل تدخل في أسعار كل البضائع، كما تدخل في أجور العمّال، وبالتالي تدخل في الأسعار النهائية للسلع والخدمات.
أما قياس الأسعار بالدولار، فيوضح أن القوة الشرائية للدولار عادت إلى ما كانت عليه قبل الأزمة. مع العلم أن هذه القوة كانت قد ارتفعت خلال السنوات الأولى التي تلت الأزمة. في الواقع، بلغت القوة الشرائية للدولار نحو 99% مما كانت عليه قبل بداية الأزمة منذ نحو 3 أشهر، أي في شهر نيسان، وبقيت تنخفض بشكل طفيف منذ ذلك الحين.