أبو ناضر يستذكر حرب زحلة في حديث لـkataeb.org: معركة فخر وإعتزاز قلبت كل المقاييس

ثمانية وثلاثون عاماً مرّت على حصار زحلة في ذكرى لا تنتسى، 2 نيسان 1981، تاريخ مجيد حافل بتضحيات الشهداء، الذين سطّروا ملاحم بطولية لا مثيل لها.
اليوم نستذكر إنتصار تسعين مقاتلاً كتائبياً، بدأوا بالتصدّي للجحافل السورية مع اهالي زحلة، ومن ثم تكاثر العدد للدفاع عن مدينتهم، ليجعلوا منها مدينة للسلام والاُسود في آن، ضمن عبارة رافقتهم منذ ذلك اليوم المشبّع بالمقاومة والنضالات.
في هذا التاريخ لا بدّ من إسترجاع كلمات الشهيد بيار امين الجميّل، الذي تفقّد زحلة قبل فترة قليلة من إستشهاده: " ما تخافوا من الكتائب بوفائها للبنان وبإلتزامها القضية اللبنانية ، بل خافوا من الكتائب إذا حدا أخّل بوعدو وبقسمو من أجل لبنان، نحنا مش موضة عابرة بل أوفى الأوفياء بزمن التخليّ، نحنا كنا بأصعب وقت حاملين صليبنا بلبنان، ورفاقنا يللي إستشهدوا من أجل الأرزة ومن أجل الصيغة، ما كانوا موظفين عند حدا، بل كانوا أحرار مقاومين أبطال من اجل لبنان".
من هنا نفهم المعنى الحقيقي للمقاومة اللبنانية، التي إستبسلت في الدفاع عن كل لبنان ولا تزال.
وفي المناسبة اجرى موقعنا حديثاً مع المستشار الأعلى لرئيس حزب الكتائب القائد الأسبق للقوات اللبنانية الدكتور فؤاد أبو ناضر، الذي أشار الى ان ذكرى 2 نيسان 1981 لا تنتسى من ذاكرتنا ككل المعارك البطولية، خصوصاً ان ابطالها كانوا في بدء المعركة، ضمن عدد ضئيل من المقاتلين الكتائبييّن الذين تصدّوا لجحافل الجيش السوري. وقال:" نعود بالذاكرة الى شهر كانون الأول من العام 1980، حين قام السوريون بعمليات إستفزازية في مدينة زحلة، بعد ان شعروا بأن إمتداد القائد بشير الجميّل وصل اليها، لذا خلقوا " الزكزكات" للسيطرة على زحلة، فبدأوا يحتلون القمم والتلال هناك. وفي الشهر عينه حصلت معركة " الحمّار" حيث قاموا بالتحصينات لكن شبابنا تصدّوا لهم بقوة، وكان حينها الياس الزايك القائد الفعلي لمعركة زحلة، اما جو اده فكان المسؤول السياسي عن المعركة، وانا كنت رئيساً للشعبة الثالثة. وبعد أيام من حصول الاشتباك المذكور، صعدت الى زحلة مع بطرس خوند سيراً على الثلوج، ضمن مهمة إستطلاعية كان الهدف منها رفع المعنويات ودراسة الوضع، فإجتمعنا مع المطارنة ووجهاء زحلة والمسؤولين السياسيّين التابعين لحزبيّ الكتائب وحراس الأرز".

وتابع أبو ناضر:" حينها وضعت برنامجاً لتنظيم وتدريب شباب زحلة، وإستدعيت مئة شباب للتدريب في ثكنة ادونيس، الى حين بدأت المعركة فعلياً في 2 نيسان 1981، حيث حصل توتر بيننا والجيش السوري في زحلة، بالتزامن مع معارك في بيروت. وفي ذلك اليوم إنهمرت القذائف على زحلة، وشعرنا بهول المعارك، فإستدعينا المئة شاب، مع مجموعة من وحدات الدفاع والمغاوير ووحدات بيروت، إضافة الى مقاتلين من ثكنة البقاع ،وصعدوا جميعهم في الجرود وصولاً الى زحلة. وحينها إتخذنا قراراً بأن يُدير الياس الزايك المعركة عسكرياً هناك، وكان حينها نائبي في الشعبة الثالثة والاركان، وانا كنت اتابع المعركة من المجلس الحربي".
ولفت الى وجود نقاط صعبة في المعركة آنذاك، ومنها السهل وقاع الريم، لكننا شبابنا تصدّوا للجحافل بقوة، وكان عددهم لا يتجاوز المئة فقط مع بدء المعركة، ومن ثم تكاثروا فوصل عددهم الى الفين بعد ثلاثة اشهر، بعدها تحولت زحلة الى قلعة صمود لم يستطع احد دخولها. مع الإشارة الى اننا كنا نعاني من نفاذ الذخيرة، لكننا إستطعنا الصمود بقوة طوال ثلاثة اشهر، حاولوا خلالها الدخول بالدبابات لكن مغاوير الكتائب تصدّت لهم بإستبسال، وجرت تحصينات للتلال وصدّ هجومات عديدة، اذ حاول السوريون الدخول بالمدرّعات لكننا قاومناهم، كما جهدوا للدخول من السهل ومن اطراف زحلة، فحصلت معارك ضارية جداً، سقط خلالها العديد من الشهداء والجرحى، وترافق كل هذا مع أوضاع صعبة عاشتها زحلة، كالقنص والقصف المتواصل وغياب الحاجات الضرورية من كهرباء ومياه ومتطلبات معيشية، وكان حينها جو اده يهتم بكل هذه الأمور لتأمينها لأهالي المدينة".

ورداً على سؤال حول كيفية إنتهاء المعركة، أشار أبو ناضر الى ان الاعلام الدولي نظر الينا بشكل سلبي مع بدء المعركة، وكأننا "قطّاع طرق"، لكن بعد فترة وجيزة فهموا مقاومتنا، وحصلت ضغوطات ومفاوضات، اذ دخل الياس الهراوي النائب حينها على خط البحث عن مَخرج مع السوريين، فصدر قرار بعدها من الأمم المتحدة بوقف إطلاق النار. وفي حزيران بدات الضغوطات العربية والأميركية وحصلت حينها إنتقادات كثيرة لحافظ الأسد، فتحرّك العالم لصالحنا ولم يستطع الأسد إكمال المعركة، فإنسحب المقاتلون الكتائبيون مع علامات النصر التي رافقتهم في 3 باصات الى بيروت، ليحّل مكانهم عناصر من قوى الامن الداخلي اللبناني، وكان بشير في إنتظار المقاتلين الكتائبيّين لتقليدهم الاوسمة.
ووصف أبو ناضر حرب زحلة بمعركة الفخر والاعتزاز، التي قلبت كل المقايّيس، اذ جعلت من بشير رجل دولة ومرشحاً بارزاً لرئاسة الجمهورية. ورأى بأن زحلة لا تزال لغاية اليوم موالية لبشير.

في الختام وإنطلاقاً من الذكرى المجيدة، لا بدّ من التذكير بأننا اليوم نناضل لتحقيق الدولة القوية، التي لا تساوم على الكرامة والسيادة. لكن لا بدّ من إسترجاع ماضينا الباسل دائماً بالبطولات، اليوم زحلة وغداً بالتأكيد ذكرى أخرى وإنتصار آخر...
صونيا رزق