المصدر: Kataeb.org
الاثنين 28 تشرين الأول 2024 18:00:43
تحت عنوان اقتصاد لبنان وحرب 2024 كتب الدكتور ناجي صفير:
سيبحث هذا المقال في آثار الحرب المباشرة وغير المباشرة والعواقب الناجمة عن الحرب على الإنسان والسياسة والاقتصاد والبيئة في لبنان الناتجة بسبب حرب 2024 بين اسرائيل وحزب الله.وعلى سبيل المثال لا الحصر:
تدمير سبل العيش والبنية الفوقية suprastructure (مبان ومؤسسات واستثمارات) والبنية التحتية infrastructure(مثل إمدادات المياه ونظام النقل)؛ القيود المفروضة على الأنشطة الاقتصادية من خلال انعدام الأمن، ومحدودية الحركة، فضلا عن هروب رأس المال.
التأثيرات الاقتصادية الكلية macro economicsمثل التضخم والقيود المتعلقة بالمدخرات والاستثمارات والصادرات بالإضافة إلى زيادة الديون. بالاضافة, فقدان المساعدات والاستثمارات في التنمية؛
تحويل جزءالأصول إلى الاقتصاد غير القانوني.
في حين واجه لبنان عدة صراعات مع إسرائيل، فإن الحرب الجديدة ستكون لها آثار كارثية على البلد بأكمله لأسباب متعددة. أولاً، أصبح الاقتصاد اللبناني في حالة خراب في أعقاب الأزمة المالية التي بدأت في عام 2019، والتي تفاقمت بسبب رفض النخبة الحاكمة تنفيذ الإصلاحات اللازمة لتحقيق الاستقرار في الاقتصاد الذي زعزعت استقراره. فقد انخفض الناتج المحلي الإجمالي للبلاد إلى 40% من مستواه في عام 2018، مع وصول الضعف المجتمعي إلى أعلى مستوياته على الإطلاق. ثانياً، جعل الانهيار الاقتصادي لبنان يعتمد بشكل متزايد على تدفقات رأس المال للاستثمار، التي ارتفعت إلى ما يقرب من 90% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2023، ارتفاعاً من 50% فقط في عام 2018. ثالثاً، كاقتصاد قائم على النقد، يعتمد لبنان على استيراد الأوراق النقدية بالدولار للحفاظ على استمراريته لذلك، إذا توقفت الموانئ والمطارات عن العمل، فسيتم قطع لبنان عن الوصول إلى النقد. أخيرًا، أصبح المانحون الذين ساعدوا سابقًا في تغطية النفقات مترددين الآن في مساعدة لبنان، نظرًا لفشل قادته في تنفيذ الإصلاحات.
ان تداعيات حرب 2024 على لبنان كارثية وللاسف ستكون طويلة الامد ولما بعد نهاية الحرب وفي هذا المنحى برنامج الأمم المتحدة الإنمائي اكد إنه حتى لو انتهت الحرب في عام 2024، فإن العواقب ستستمر لسنوات، حيث من المرجح أن ينكمش الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 2.28% في عام 2025 و2.43% في عام [1]2026
في التداعيات المباشرة:
التداعيات المباشرة لهذه الحرب تتمثل بالدمار الكلي او الجزئي للمبان والمؤسسات والبنية التحتية, يضاف الى ذلك الخسائر البشرية.
قال برنامج الأمم المتحدة الإنمائي إن الأضرار التي لحقت بالبنية التحتية المادية والإسكان والقدرات الإنتاجية مثل المصانع من المرجح أن تكون قريبة من تلك المقدرة لحرب عام 2006، والتي تراوحت بين 2.5 مليار دولار و3.6 مليار دولار[2]. وهذه الارقام تقديرية بسبب عدم وجود اي مسح ميداني دقيق كما ان هذه الارقام هي لغاية اول اكتوبر وقابلة للازدياد مع استمرار الحرب. كما ان الخسائر البشرية تصل الى 3000 ضحية وما يزيد عن 13000 جريح وهذا يشكل خسارة موارد بشرية وخسارة افراد منتجين يأمنون المدخول لعائلاتهم.
ايضا بالخسائر المباشرة تأتي خسائر الاراضي الزراعية الي تم تدميرها والاخطر التي تم قصفها بالفسفور مما يعني انعدام امكانية استعمال الاراضي لسنوات عديدة قادمة. النزوح (1.5 مليون نازح) وكلفة تأمينه والتي قدرته الحكومة اللبنانية ب450 مليون دولار والذي هو غير متوفر برغم وعود واشدد على كلمة وعود المانحين الدوليين بمنح لبنان 900 مليون دولار. المشكل القادم سيكون في اعادة الاعمار وسرعته وكلفته والتي تقدر حتى تاريخ هذا المقال ب 4 مليار دولار وفي حال تعذره مشكل اجتماعي كبير سينتج عن ذلك.
في التداعيات الغير مباشرة
اما في التداعيات الغير مباشرة تأتي الارقام الاقتصادية فيما يخص النمو والتضخم والفرص الضائعة في المداخيل والاستثمارات وانتاجية اليد العاملة والبطالة.
في هذا المجال قالت الأمم المتحدة يوم الأربعاء23 اكتوبر" إن الحرب بين إسرائيل وجماعة حزب الله المسلحة من المتوقع أن تمحو تسعة بالمئة من ثروة لبنان الوطنية قياسا بالناتج المحلي الإجمالي[3]"
وتتوقع مؤسسة فيتش سوليوشنز ان تؤدي الهجمات الطويلة والمكثفة عبر الحدود بين حزب الله وإسرائيل إلى انكماش الاقتصاد اللبناني بنسبة تصل إلى 5.0% في عام 2024، وهو أكثر حدة مما توقعته سابقًا[4].
ومن شأن إغلاق المعابر الحدودية البرية الحيوية للتجارة بسبب استهدافها بالغارات أن يؤدي إلى انخفاض بنسبة 21% في الأنشطة التجارية من استيراد وتصدير بالمجمل, اما بعض القطاعات فان عملياتها التجارية فقد تنكمش بنسبة 90% (كل ما هو تجارة لمنتجات غير ضرورية وحيوية)
كما يتوقع فقدان الوظائف في قطاعات السياحة والزراعة والبناء ووصول البطالة الى اكثر من 32.6% بحسب برنامج الأمم المتحدة الإنمائي ( ارتفاع معدلات البطالة سيؤثر على حوالي 1.2 مليون عامل في جميع أنحاء البلاد)
ويشكل الصراع آثاراً اقتصادية عميقة على المدى القصير، بما في ذلك الانكماش الكبير في القطاعات الرئيسية، مثل:
السياحة حيث ان القطاع السياحي الذي يضخ تاريخيا ما يقارب ال 25% من الدخل القومي والذي بعد الازمة المالية اصبح المصدر الثاني للعملات اللاجنبية والدخل بعد التحويلات اللبنانية من الخارج التي هي المصدر الاول, ناضل للبقاء رغم ارتفاع الكلفة التشغيلية وبالأخص بسبب ارتفاع كلفة الطاقة والتي تشكل 22% من الكلفة بدل المعدل الطبيعي والذي هو 6 الى 7 %, ناضل بالرغم من التقلبات السياسية واللا استقرار واذ به يشهد في مجال الفندقة والزيارات السياحية والنقل السياحي الجماعي تراجع بنسبة تتراوح ما بين 70 و90% مما ادى الى اغلاق او تعليق الكثير من عملياتها.
الزراعة: بحيث تضرر التصدير الزراعي كارثي, رئيس تجمّع المزارعين في البقاع ابراهيم الترشيشي، يفيد بأنّ الخسائر تتزايد يومًا بعد يومٍ نتيجة تدهور الوضع الأمني في البلاد. يؤكّد الترشيشي أنّه رغم ذلك، الأسواق المحلّية لم تنقصها البضاعة، بل العكس هناك كساد وبالتالي نواجه رخصًا في الأسعار. وهذه العرقلة نتجت مع نقص الطلب على الخضار والفاكهة لأنّ قسمًا منهم يعيش اليوم على الإغاثة والمساعدات. ويكمل الترشيشي بان هذه الحرب انعكست بشكلٍ مباشرٍ على القطاع الزراعي، وتحديدًا في القرى الحدودية ومنطقة البقاع بحيث أنّ 70 في المئة من سكانها يعتمدون على الزراعة في معيشتهم، فهي تشكّل العمود الفقري الاقتصادي لهم[5]. رغم المصيبة الكبيرة في القطاع الزاعي الا ان صغر حجمه ا يؤدي الى ضرر كبير في الحجم الاقتصادي العام (شكّل قطاع الزراعة حوالى 5% من الناتج المحلي الإجمالي في لبنان. يوظّف القطاع 6% تقريبًا من اليد العاملة اللبنانية، وهو خامس أكبر قطاع من حيث العمالة في البلاد[6])
التصنيع: ما من ارقام تظهر الواقع الصناعي الا ان عدم استقرار سلاسل التوريد وتهديد طرق النقل وارتفاع كلفته بسبب ارتفاع كلفة التأمين وقلة توفر الوسائل بسبب الخوف من التنقل ادى بدون شك الى الضرر بالقطاع الصناعي استيرادا للمواد الخام وتصديرا للمنتجات.
التجارة واجهت انخفاض في طلب المستهلكين،مما ادى إلى إجبار عدد كبير من الأنشطة التجارية، وخاصة الشركات الصغيرة والصغيرة والمتوسطة الحجم، على إغلاق عملياتها أو تعليقها بعد تراجع نشاطها التجاري الى ما بقارب ال 90% في بعض الاحوال.
التحويلات الخارجية: هي الرقم الوحيد في الاقتصاد الذي اتجه صعودا من قبل اقارب اهالي العائلات التي نزحت وتقدر الزيادة ب 15% ما يقارب ال 1.3 مليار دولار اضافة الى 9 مليار المقدرة سابقا.
الخلاصة:
الحرب كارثية بطبعها وهدامة للدول فكيف بالاحرى اذا الحرب اتت على دولة اقتصاها في القعر ومؤسساتها منهارة وشعبها منهك. ان تداعيات الحرب على لبنان ستكون طويلة الامد وكثيرة المصائب والحلول هي باطلاق الية اقتصاد الحرب ولهذا الموضوع تتمة.
[1] The Policy Initiative - Economic Impact of the War in Lebanon: Real and potential losses
[2] Economic and Social Consequences of the Escalating Hostilities in Lebanon - October 2024 - Rapid Appraisal | United Nations Development Programme (undp.org)
[3] Economic and social consequences of the escalating hostilities in Lebanon | October 2024 - Rapid Appraisal | Daleel Madani (daleel-madani.org)
[4] https://www.fitchsolutions.com/bmi/country-risk/israel-hezbollah-intensifying-war-will-incur-heavier-economic-losses-lebanon-25-09- 024?fSWebArticleValidation=true&mkt_tok=NzMyLUNLSC03NjcAAAGWThF2iCymH_bfcpBHR4NpOgXxWJp9SfXuc7IlG8Titg86oxK9XN9dvi1cN_A-hX3bAU8EejHKzUQcx3zVvTL34gzB2H5ZTEot6duhjH7DK86TaKFkrQ
[5] موسم الزيتون إلى الزوال.. والقطاع الزراعي يتدهور: الكساد يسيطر! | LebanonFiles
[6] ايدال - القطاعات الهدف - الزراعة (investinlebanon.gov.lb)