المصدر: النهار
الكاتب: رضوان عقيل
الثلاثاء 26 آب 2025 21:46:45
وصلت الرسالة الأخيرة للموفدين الأميركيين توم براك ومورغان أورتاغوس إلى المعنيين في لبنان: أن كرة نار سلاح "حزب الله" أصبحت عندكم، وأن مهمة الإدارة الأميركية تنتهي عند هذه الحدود مع معرفتها المسبقة بأنّ تطبيق ورقة الحكومة خطوة صعبة وتعترضها جملة من التعقيدات والحواجز.
وفي انتظار تبيان حقيقة الموقف اللبناني الرسمي للمحطة الأميركية، يخرج الرئيس نبيه بري بعدم حصول "تقدم" مع براك، حيث لم يأت من تل أبيب بأجوبة مطمئنة "بحسب ما تبلغت منه في زيارته ما قبل الأخيرة".
ويعلّق بري بأن إسرائيل لم تقدم أي خطوة، لا بعدم التزامها اتفاق وقف إطلاق النار ولا انسحابها من النقاط الـ5. وإضافة إلى التهديدات الإسرائيلية، لم يلمس بري بعد رؤية لبنانية موحدة في وجه التحديات الإسرائيلية "ومشكلتنا داخلية أيضاً". ويبقى أهم ما تردد من تصريحات هو ما ورد لأورتاغوس "حان وقت الأفعال" وأن إدارتها قدمت وقالت ما عندها حيال رؤيتها لمستقبل علاقة لبنان مع إسرائيل وترسيمها "بعد نزع سلاح الحزب".
ويظهر في خضم مهمة الوفد الأميركي أنه لا مفر في نهاية المطاف أمام لبنان إلا فتح قناة تواصل مباشر مع إسرائيل تقوم على التطبيع والوصول إلى السلام ولو في السنوات المقبلة.
وفي وقت لم يبد أي مسؤول لبناني توجهاً إلى مثل هذا الخيار، لكن مقاربة "حزب الله" على ضوء هذا الكلام من الوفد الأميركي الموسع ستزيد من تمسكه بثوابته حيال السلاح وتصديه لإسرائيل. ويأتي الكلام الأميركي بالدعوة إلى لبنان نحو إسرائيل بكلام مباشر تماشياً مع المؤيدين لهذا الطرح الذين يعتبرون أن الملفات العالقة بين الجهتين يجب ألا تبقى معلقة على شريط طويل من الخلافات يمتد منذ عام 1948 ولم يعد ينفع حلها بالواسطة، مع إشارة من براك إلى أن النظام الجديد في سوريا لا يشكل خطراً على لبنان مع ملاحظة استمراره في مغازلته الشيعة، حيث تطمح إدارته إلى أن لا تكون سياساتهم امتداداً لإيران وخدمة مصالحها واستغلالها لهم في ملفها النووي وحضورها في الإقليم بعد تقهقرها في سوريا. وأنه بعد سحب سلاح الحزب يمكن لمكوّنه وأنصاره ممارسة حياتهم السياسية مثل بقية الأفرقاء مع رفض الأميركيين مواصلة طهران "استخدام" هذا المكوّن في مشروعها، في وقت لا يعارض فيه البيت الأبيض معاودة الاتصالات مع الإيرانيين. وجرى التوقف عند دعم واشنطن للتعددية في لبنان والمنطقة، وهذا ما عكسه عنده السناتور غراهام وهو إنجيلي ويكرر دفاعه عن المسيحيين في الشرق الأوسط، ولا سيما بعد التجارب المرّة لهم في العراق وسوريا حيث لا يريد تكرار هذا المشهد في لبنان بحسب مصادر ديبلوماسية غربية، مع سعي أميركي لتعاون كل المكونات اللبنانية وعيشهم تحت مظلة الدولة.
وتتوقف المصادر عند انضمام السناتورين جين شاهين (أظهرت ليونة أمام بري) وغراهام وعضو الكونغرس جو ويلسون إلى الوفد في دلالة إلى اهتمام أميركي حيال لبنان وحصر كل سلاح للحزب والفصائل الفلسطينية تحت مظلة الدولة، مع التذكير بأن الثلاثة الآخرين هم من كبار المؤثرين في عملية تخصيص لبنان بالمساعدات المالية والجيش.
ومن هنا تنتظر الإدارة الأميركية إقدام الجيش اللبناني على وضع خطته وعرضها على طاولة الحكومة والموافقة عليها لتأخذ طريقها إلى التطبيق. وتتوقف المصادر عند قبول بنيامين نتنياهو بالتعاطي مع لبنان على قاعدة "خطوة مقابل خطوة"، وأن براك وأورتاغوس انتزعا منه هذا الموقف، ولا سيما أن حال لبنان وما خلّفته عليه الحرب هو في موقع الخاسر.
وعن تخصيص براك للمرة الثانية في خطابه الشيعة فإنه "يأتي بهدف طمأنتهم وأن المسؤولين في إسرائيل وسوريا لديهم الكثير من المشكلات التي لا تمكنهم من التدخل في لبنان إذا انتظمت فيه الأمور وأصبحت المهمة الأمنية تحت سلطة الجيش".