المصدر: الأخبار
The official website of the Kataeb Party leader
الخميس 24 آذار 2022 06:44:14
مرّ شهر على اندلاع الحرب في أوكرانيا، تعدّدت خلاله مشاكل الطلاب اللبنانيين الذين كانوا يدرسون في جامعاتها بدءاً من اتخاذ قرار المغادرة، وإيجاد السبل الملائمة للعودة إلى لبنان أو الاستقرار في دولة أخرى، وصولاً إلى التفكير في كيفية متابعة الدراسة في ظلّ غياب أي حلول جدية حتى الآن. في الانتظار، يبقى التعليم عن بعد وسيلة الطلاب للتواصل مع أساتذتهم المتنقّلين بين ملجأ وآخر
«أعتذر منكم طلابي، لن أستطيع إعطاء المحاضرة اليوم. أنا مضطرة للمغادرة لكي أنقل أهلي إلى مكان آمن من القصف». هكذا اعتذرت «أوليا بروجوبت»، الأستاذة في جامعة «دانيالو هاليتسكي لفيف الطبيّة الوطنية» في مدينة لفيف الأوكرانية، من الطلاب الذين تدرّسهم عن بعد، كلّ في الدولة التي عاد إليها في ما تتنقّل هي وزملاؤها من ملجأ إلى آخر من دون أن يهملوا متابعة طلابهم عبر تقنيات «التعليم عن بعد». لا يزال الطاقم التعليمي يبذل جهده لإنقاذ السنة الدراسية الجامعية الحالية. بعضهم لا يستطيع إكمال المحاضرات عبر تطبيق «زوم» بسبب رداءة خدمات الإنترنت الناتجة عن القصف المستمر للمرافق الحيوية والبنى التحتية في أوكرانيا، أو بسبب أصوات صفارات الإنذار المستمرة ما يضطرهم للنزول إلى الملاجئ على وجه السرعة، ريثما يهدأ ضجيج الأجواء المثقلة بالخوف والترقّب، فيستطيعون إنهاء محاضراتهم، بعدها يعاودون شحذ هممهم لإكمال واجبهم التعليمي بضمير مهنيّ قلّ نظيره. هذا باختصار واقع الأساتذة الأوكرانيين «الذين يقاومون أصعب الظروف من أجل ضمان عدم خسارة السنة الدراسية الحالية»، بحسب طلاب لبنانيين عادوا إلى وطنهم لكنهم لا يزالون يتابعون دراستهم عن بعد من دون أن يكون هذا الحلّ مُرضياً لهم أو مبدّداً لهواجسهم.
مغادرة تحت القصف
تقول الطالبة في الكليّة الطبية الوطنيّة- ليفيف، زينب أيوب لـ»الأخبار»، إنّ ظروف الحرب أجبرتها مرغمة على العودة إلى لبنان بعد 6 سنوات من العيش في مدينة لفيف في غرب أوكرانيا. تصف الأيام الأخيرة لها في «لفيف» بالمضنية بسبب نفاد المواد الغذائية من المحالّ التجارية، وإطلاق صفارات الإنذار بشكل مستمر، ومنع التجوّل بعد الساعة العاشرة مساءً، كذلك إرغام الناس على إطفاء الأضواء ليلاً لدواعٍ أمنية. هذه الأجواء المليئة بالخوف أجبرتها وغيرها من الطلاب على اتخاذ قرار مغادرة أوكرانيا مكرَهين وعلى وجه السرعة، تاركين بحزن حياتهم التي كانت حتى الأمس القريب آمنة ومستقرّة وهادئة في بلد قصدوه لطلب العلم بسبب الظروف الصعبة في بلدهم لبنان.
تصف زينب رحلة العودة من لفيف إلى بيروت بـ»المضنية»، إذ استغرقت أكثر من 27 ساعة للوصول إلى رومانيا في ظلّ طقس بارد جداً. عبرت مسافات طويلة، لتصل إلى الحدود الأوكرانية –الرومانية، بعدها قام متطوّعون بمساعدتها للوصول إلى منطقة «كالوش»، وبعدها استعانت بباص للوصول إلى العاصمة الرومانية بوخارست، وهناك حجزت تذكرة سفر إلى لبنان وكان الوصول الآمن.
الرحلة نفسها قطعها حسين سليمان، وهو طالب سنة ثالثة في كليّة الطبّ في الجامعة نفسها، لافتاً إلى أنّ معظم النازحين ذهبوا إلى بولندا نظراً إلى قربها من مدينة لفيف إذ يستغرق الوصول إلى حدودها ساعتين فقط، لذلك شهدت زحمة كبيرة وخلّفت أزمة انتظار من أجل العبور الآمن إلى بولندا، تتجاوز الثلاثة أيام في أجواء باردة جداً، فكان قراره التوجه إلى رومانيا عابراً عدداً من المحطّات وصولاً إلى العاصمة «بوخارست» ومنها إلى العاصمة اللبنانية بيروت.
القلق الدراسي
الوصول الآمن إلى لبنان لا يلغي حالة القلق التي يعيشها الطلاب العائدون على مستقبلهم الدراسي. زينب، على أبواب التخرّج، تأمل أن تستطيع تحصيل شهادة تخرّجها من الطب العام بعد شهرين، ما يخوّلها إكمال تخصّصها خارج أوكرانيا في حال استمرّت الحرب مدّة طويلة. أما حسين فيتابع حالياً دراسته عن بعد، مثل باقي زملائه، ويلجأ إلى إجراء تدريب في مختبرات الأسنان كي يستطيع أن يدمج ما بين الدراسة النظرية والعملية. وكذلك يفعل مهدي إرسلان، طالب طب أسنان سنة ثالثة. الأخير يبذل مجهوداً كبيراً لكي يستطيع أن يكمل دراسته بالشكل المثالي، يقول إنه يحاول الاعتماد على نفسه والاستفادة من التدرّب العملي في عيادات الأسنان كذلك اللجوء إلى المواقع الإلكترونية المناسبة لإغناء معلوماته وتطوير مهاراته.
بالنسبة إلى الطلاب، يُعدّ أبرز الصعوبات التي يواجهونها حالياً توقّف عمل السفارة اللبنانية في كييف ما يصعّب إجراء الكثير من المعاملات والأمور اللوجستية، كذلك عدم وجود تحويلات مالية في الوقت الراهن كي يستطيعوا تسديد الرسوم في جامعاتهم. الأخيرة عمدت إلى تمديد مهلة التسديد حتى نهاية هذا الفصل الدراسي.
يقدّر نائب رئيس أكاديمية خاركوف الطبية للدراسات العليا عباس قعفراني عدد الطلاب اللبنانيين في أوكرانيا بأكثر من 1100، عاد منهم إلى لبنان 128 طالباً عن طريق بوخارست، و105 عن طريق بولندا. ويُرجَّح أن يكون هناك عدد من الطلاب الذين فضّلوا البقاء في الدول الأوروبية التي غادروا إليها، محاولين البحث عن طرق لإكمال دراستهم هناك أو حتى الحصول على فرص في الهجرة أو العمل. مبادرة الدولة اللبنانية إلى إيجاد حلول لهؤلاء الطلاب تبقى في إطار التمنيات، أما الإعلانات التي يسمعها الطلاب عن مبادرات من جامعات روسية «فتبقى غير جدية حتى الآن».