القضية ليست وزارة المال ولا توقيع... بل المثالثة تطرح علنا وبوضوح!

تنص المادة 54 من الدستور على ان "مقررات رئيس الجمهورية يجب أن يشترك معه في التوقيع عليها رئيس الحكومة والوزير أو الوزراء المختصون ما خلا مرسوم تسمية رئيس الحكومة ومرسوم قبول استقالة الحكومة أو اعتبارها مستقيلة. أما مرسوم إصدار القوانين فيشترك معه في التوقيع عليها رئيس الحكومة".
مع العلم هنا ان معظم المراسيم تحتاج الى توقيع وزير المال، خاصة وانها تتطلب انفاقا من خزينة الدولة... من هنا تأتي اهمية هذا التوقيع، الذي جعل الثنائي الشيعي يضع عينه... لا بل يده عليها ليصبح شريكا في التوقيع على معظم المراسيم.

ولكن منذ استقلال لبنان حتى اليوم، تعاقب على حقيبة المال وزراء من طوائف مختلفة، وطائفة او هوية اي وزير لم يتحدث عنها اي نص دستوري، ولا يجود عرف بالممارسة في شأنها.

العرف يوازي الدستور
ويشرح خبير دستوري، عبر وكالة "أخبار اليوم" ان العرف الدستوري له نفس قيمة الدستور، موضحا ان العرف ليس نصا مكتوبا بل هو ممارسة مستقرة وتستمر لفترة من الزمن، شرطها الاساسي ان يكون هناك توافق حولها، وفي هذا السياق، يأتي توزيع الرئاسات الثلاثة بين الموارنة والسُّنة والشيعة، وهذا ما ينطبق ايضا على نيابة رئاسة الحكومة ونيابة رئاسة الحكومة للارثوذكس، وهذه المناصب اصبحت عرفا بعدما استقرت لفترة من الزمن.
ويقول: قد يترشح الى رئاسة الجمهورية اي كان فلا شيء يمنع على المستوى الدستوري، لكن لا ينتخب الا الماروني وفقا للعرف السائد، لكن في المقابل لا يوجد اي وزارة "مطوّبة" باسم طائفة او حزب، الدستور واضح في هذا المجال.

المناصفة لا تصل الى المذاهب
ويشير الخبير الدستوري الى ان المطالبة بالتوقيع الثالث هو مطلب سياسي، بمعنى نوع من مثالثة في السلطة التنفيذية، مذكّرا ان الدستور في تأليف الحكومات يتحدث عن المناصفة بين المسيحيين والمسلمين دون ان يدخل في تقسيم المذاهب.
واذ يعتبر ان التوقيع الشيعي الى جانب توقيع رئيس الجمهورية الماروني، وتوقيع رئيس الحكومة السني ليس فقط مخالفا للنص الدستوري بل ايضا مخالفا لاتفاق الطائف، يذكر الخبير عينه ان محاضر اتفاق الطائف موجودة عند الرئيس السابق لمجلس النواب حسين الحسيني (الشيعي) وهو لم يتكلم ابدا عن هذا الموضوع.
وبالتالي: هل يجوز بعد اكثر من 20 سنة على اتفاق الطائف ان نتحدث عن عرف دستوري؟! مع العلم ان اي عرف يحتاج الى توافق.

شعار اصبح في العلن
لذا يرى الخبير الدستوري اننا امام مطلب لفئة تريد تحقيقه. ويقول: صحيح ان من حق كل فئة ان تطلب، لكن لا يحق لها ان تحوّل طلبها الى عرف تلزم به الجميع، وبالتالي هذا ما يقود الى تفسير هذا الاصرار على انه فتح النقاش حول المثالثة.
ويتابع: الشيعة عاجلا ام آجالا سيرفعون هذا المطلب، وهم حاليا لا يرددونه فقط في مجالسهم الخاصة بل ايضا اصبح في العلن.
ويختم: قد لا تكون حقيبة المال من حصة الشيعة في الحكومة العتيدة التي يؤلفها الرئيس مصطفى اديب، ولكن هذه الشرارة الاولى واضحة. وزارة المالية قد تكون "الشجرة التي تخفي الغابة"، الموضوع هو ان المثالثة تطل برئسها من هذه الزاوية.