الموظفون في لبنان من الأكثر غضباً وتوتراً في المنطقة!

لا تقتصر المعاناة في القطاع العام اللبناني على تآكُل المداخيل وما تسبّبه من إضرابات متواصلة تشمل الإدارات كافة، باستثناء العسكرية منها والأمنية، بل هي تتفشى إلى الأجواء العامة الخاضعة للتقنين الكهربائي الصارم، وتدنّي الخدمات، وضحالة اللوازم اللوجستية والمكتبية الى درجة فقدان الطوابع المالية والأوراق الرسمية وحتى الأقلام والمحابر الخاصة بأجهزة الطباعة وسواها من مستلزمات العمل اليومي.

ويوثّق تقريرٌ دولي جديد، مسارَ الانحدار الذي يسلكه الجهاز الوظيفي في البلد المنكوب بأزماته المتفاقمة وبفراغاتٍ عمودية في سلطاته ومؤسساته الرسمية، حيث حلّ لبنان محلياً، في المرتبة 13 من قائمة 15 بلداً في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، لجهة معيار مشاركة الموظّفين في بيئة العمل. وتدنّت نسبة مشاركة الموظّفين في لبنان في بيئة عملهم لتصل إلى 9 في المئة فقط. وقد أتت إيران في المرتبة 14 وبنسبة المشاركة نفسها (9 في المئة) متبوعةً من الجزائر الحائزة المرتبة 15 بنسبةِ مشاركةٍ بلغت 8 في المئة.

كما أظهر التقرير أن لبنان هو الثاني في ترتيب بلدان المنطقة لجهة معاناة الموظفين من التوتّر يوميّ في بيئة عملهم، حيث أنّ 67 في المئة منهم يعانون من هذه الحالة، ومسبوقاً فقط من تركيا التي سجلت نسبة توتّر تقدّر بـ 68 في المئة بين صفوف موظّفيها. في الإطار نفسه، فإنّ أرقام لبنان تشير إلى أنّ حالة الغضب اليومي في بيئة العمل لدى الموظّفين هي ثالث أعلى نسبة في المنطقة عند مستوى 41 في المئة، مسبوقاً من تركيا بنسبة 48 في المئة والعراق بنسبة 47 في المئة. لكن المثير الذي ورد في التقرير الأحدث الذي أصدرتْه مؤسسة «غالوب» يفيد أن لبنان حلّ في أدنى مرتبة بين نظرائه في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا من حيث مناخ العمل، حيث أنّ 7 في المئة فقط من الموظّفين المستطلَعين يعتبرون أنّ الوقت الحالي مُناسِب للبحث عن وظيفة جديدة.

إقليميّاً، كشف التقرير أنّ الموظّفين في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا قد احتلّوا المرتبة ما قبل الأخيرة عالمياً لناحية مشاركة الموظّفين في بيئة العمل، كما جرى ادراجهم في المركز الخامس من أصل عشر مناطق من حيث مستويات التوتّر اليومي، وفي المرتبة الثانية لناحية الغضب اليومي، وفي المرتبة العاشرة لناحية بيئة العمل، وفي المرتبة الخامسة في ما خصّ نيّتهم بترك عملهم الحالي.

وبالأرقام، بيّن التقرير أنّ 15 في المئة من الموظّفين في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا يشاركون في بيئة العمل، في حين أنّ 62 في المئة هم في حالة مغادرة العمل بهدوء، و23 في المئة في حالة مغادرة العمل بشكلٍ ظاهر. وبالإضافة إلى ذلك، فإنّ 45 في المئة و32 في المئة من الموظّفين في المنطقة يعانون من حالة توتّر وحالة غضب يومي بالتتالي، فيما 34 في المئة قد عبّروا عن نيّتهم بالبحث عن وظيفة جديدة، و49 في المئة أفادوا أنّهم يبحثون بشكلٍ جديٍّ على وظيفة جديدة.

وبحسب تقرير «غالوب»، فإنّ 23 في المئة من الموظّفين المشمولين بالإستطلاع حول العالم، تم تصنيفهم كمشاركين في مكان عملهم. وهي أعلى نسبة منذ إطلاق التقرير في العام 2009، في حين أنّ 59 في المئة من الموظّفين هم في حالة مغادرة العمل بهدوء، باعتبارهم من الموظّفين الذين يقومون بالحدّ الأدنى من الجهد وليس لهم علاقة جيّدة مع صاحب العمل، و18 في المئة يُعدّون بحالة مغادرة العمل بشكلٍ لافت، وهم من فئة الموظّفين الذين قاموا بإعمال أضرّت بالمؤسّسة التي تستخدمهم أو توتّرت العلاقة مع صاحب العمل بشكلٍ ملحوظ. وذكر التقرير أنّ 44 في المئة من الموظّفين المستطلَعين يعانون من توتّرات يوميّة في بيئة عملهم و21 في المئة هم في حالة غضب يوميّ، معتبراً هذه المستويات قياسيّةً بالرغم من أنّ العالم قد تعافى من جائحة كورونا في 2022. علماً أنّه إذا كان مستوى مشاركة الموظّفين في عملهم متدنٍ، فإنّه يؤثّر بشكلٍ سلبيٍّ كبير على الإقتصاد العالمي حيث أنّه يكلّف نحو 8.8 ترليون دولار، أيّ ما يشكّل 9 في المئة من الناتج المحلّي الإجمالي في العالم.

وفي المقابل، يكشف أنّ 53 في المئة من الموظّفين في العام 2022 يبحثون عن وظائف على مقربة من منازلهم، في حين أنّ 51 في المئة من الموظّفين المستطلَعين يبحثون عن وظيفة جديدة. وقد كشفت نتائج الإستطلاع أنّ مشاركة الموظّفين في عملهم لها تأثير أكبر بـ 3.8 أضعاف من أثر بُعد مسافة مكان العمل عن منازلهم. وبالأرقام، فإنّ 29 في المئة من الموظّفين الذين يعملون في مكان عملهم يعدّون من المشاركين في بيئة العمل وفي حالة توتّر يومي، فيما 38 في المئة يُعتبرون غير مشاركين و52 في المئة غير مشاركين بشكلٍ مباشر. بالإضافة، فان 34 في المئة من الموظّفين المشاركين والذي يعملون في بيئة هجينة يعدّون في حالة توتّر يومي، في حين أنّ 48 في المئة يُعتبرون في حالة غير مشاركة و54 في المئة غير مشاركين بشكلٍ مباشر. كما أشارت الأرقام إلى أنّ 32 في المئة من الموظّفين المشاركين والذي يعملون في منازلهم يعدّون في حالة توتّر يومي، في حين أنّ 46 في المئة هم في حالة غير مشاركة و52 في المئة غير مشاركين بشكلٍ مباشر.