بيار الجميّل الشهيد الذي اغتالوه ثلاث مرّات؟!

كتب المحامي انطوان القاصوف:"بيار الجميّل الشهيد الذي اغتالوه ثلاث مرّات ؟!".

لقد مضى على الجريمة، أربعة عشر عاماً ، فلم تصبح ذكرى ولم تغب من ذاكرتنا... لأننّا أصلاً ، لم ننسَ ولن ننسى ... فالمأساة المصبوغة بالدموع والدماء، ترفض الرحيل والنسيان وكلّما سُحب الخنجر، بكى الجرح ، وحدها الجراح ، تجعل كلّ يوم في حياتنا 21 ت2  2006 ، فيا ليت هذا " التاريخ " لم يكن " يوماً " من عمر الزمن !!

الإغتيال الأول :

في ذلك اليوم المشؤوم ، إغتال المجرمون ، أولاد الأفاعي ، شيخ شبابنا ، أمل مستقبلنا وأمير أحلامنا !

إغتالوه ، لأنّه خرج من بيت ، شعاره :  " إنّ للوطن حدوداً أمّا الوطنية فلا حدود لها "، خرج مكللاً بالمجد والكرامة ، شامخاً بالشرف والشهامة وراح يبني في رحاب الوطن بيوت السيادة والحرية والإستقلال ؟!

إغتالوه لأنّه بدا " ظاهرة " في مواقعه ومواقفه :

1- في الحزب ، عند رحابة صدره ، التقت اهواء الصدور المختلفة ، فأعاد معظم المياه الى مجاريها ، واستطاع بحكمته ومحبته ان يجمع في " المركزي " ما كان يعتبره البعض بأنّه لا يُجمع ... جمع المختلف ووحّد المؤتلف فأعاد الكتائب الى جذورها، الى حقيقتها ... واستحق ، وعن جدارة ، أن يرث لقب الرئيس المؤسّس " بطرس الصخرة " ؟!

2- في النيابة ، دخل المجلس صغير السنّ فيه ، فأصبح كبير الموقع ، كبير القيمة ، كبير القامة ، كبير المقام ؟!

3- في الوزارة ، دخل وزارة الصناعة " أميّاً " فأصبح كتاباً ومرجعاً لكلّ الصناعيين واعتُير برنامجه الصناعي خريطة طريق لكلّ الذين جاؤوا بعده ، وبات شعاره " بتحبّ لبنان ، حبّ صناعتو " مبدأ وعقيدة ، لكلّ ما هو لبناني ؟!

الإغتيال الثاني :

4- في ثورة الأرز ، كان من أبرز قادتها ، إطلالةً ، فكراً ، هدفاً ، نضالاً ... وكان من الشهداء الذين كتبوا الثورة بدمائهم ، في حين أنّ كثيرين ، كتبوها بحبرهم الأسود واستغلوها بضميرهم الأسود وظنّوا انهم جعلوها حصرية  ... فإنتهوا   " مقعدين " في احضان السلطة بعد تسوية قاتلة ، ومصالحة المصلحة ، ومحاصصة الكراسي ... فاغتالوا عن قصد وعن غير قصد " 14 آذار " وقتلوا بيار الجميّل مرّة ثانية فتيتّمت الثورة ... ولكنّها بقيت حيّة في ضمير الشعب ... حتى بات شعب ثورة الأرز ، لا يرفع صور الأحياء ، بل يبحث عن التعزية في ضرائح الشهداء ؟؟!!

الإغتيال الثالث :

اليوم ، وكما كلّ يوم ، نحن نسأل :

هل يجب ان تُؤْتيَ الجريمة ثمارها ؟

غياب دليل ، ليس دليلاً بحدّ ذاته ، فكيف إذا كانت كلّ الأدّلة متوفرة ؟!

فهل يعقل ألاّ تنكشف خيوط هذه الجريمة ، وقد وقعت :

1- في وضح شمس النهار وليس في ظلمة عتمة الليل ؟

2- في شارع عام ومأهول وفي ذروة زحمة السير وليس في صحراء نائية ؟

3- بإطلاق الرصاص الحيّ وليس بعبوة  " موقوته " وناسفة ؟!

ألا تعتبر هذه الوقائع كافية ؟

4- هل يُعقل أنّ زيارة شهيدنا للمنطقة حيث أُغتيل لتقديم واجب عزاء ، قُدّم موعدها من السادسة مساءً الى الثالثة بعد الظهر ، بعد أن تلقى إتصالاً هاتفياً من الأمانة العامة لمجلس الوزراء ، يفيده ، بعقد جلسة طارئة للمجلس عند الساعة السابعة مساءً ؟!

فلم يسأل ، ولم يتساءل احد ، كيف عرف الجناة ، اصلاً بالموعد ولاحقاً بتغييره؟

هل كان شهيدنا مُراقَباً بكلّ الوسائل وملاحقاُ على مدار الساعة ، ليل نهار ؟!

فأين المعلومات ؟ اين الملاحقات الإستباقية ؟ وخاصة ان مسلسل قتل قادة الثورة كان قد بدأ ؟ كيف يعجز التحقيق في كشف جرائم مكشوفة وينجح في كشف ألغاز أصعب الجرائم ؟

هل تغيّرت القاعدة مع شهداء ثورة الأرز ، فبتنا نكتشف الجريمة ولا نكتشف المجرم ؟ وهل من جريمة بدون مجرم ؟ تماماً كالقاعدة المعمول بها حالياً :

في البلاد فساد ولكن ليس هناك من فاسد واحد ؟!

إنها جريمة مكشوفة ، معلومة ، واضحة المعالم ، وقائعها ثابتة ، فكيف يبقى ابطالها " مجهولين " او " مجهّلين " ؟

 ماذا اظهرت الأدّلة ، اين وصلت إجراءات التحقيق ، هل من جواب ؟ هل اشير عليها بعبارة " للحفظ " ؟

إننا نقول للجميع ، لا جريمة كاملة في التاريخ ، وبإيمان المؤمنين نردّد : " ما من خفي إلاّ وسيظهر ، وما من مكتوم إلاّ وسيعلن ، ومن له اذنان سامعتان  ، فليسمع ... ؟!

الجريمة تبقى وتستمر ولا تسقط  بمرور الزمن ، مهما طال الزمن ، اذا استمر التحقيق الفعلي، الجدي ، ولن نرضى بأن يدفن السرّ في مقبرة الجريمة ؟!

ويبقى السؤال : هل بات اكتشاف فاعل الجريمة ، جريمة ؟

أمّا الجواب ، فإنّ عدَم كشف أو إكتشاف الفاعلين ، هو عجز فاضح يجعله " جريمة " الإغتيال الثالث ل " بيار الجميّل "... !؟

حبيبنا بيار !

وعدنا بأن نبقى حزب الشهادة والشهداء :

من عمرك الذي ارادوه قصيراً نستوحي

من مدرستك نتعلّم

من سيرتك نعتبر

على دربك نسير

سنحافظ على القضية

سنربح الرهان

وسنحقق الأحلام

لكي يبقى لإستشهادك معنى ، ولكي تبقى لحياتنا قيمة ؟!

العدالة آتية ، مهما طال الزمن ولن يبقى السرّ في التاريخ سرّاً ؟

امرٌ وحيد فقط ، سيبقى والى الأبد

 " بيار حيّ فينا " ؟!