تحقيقات المرفأ دخلت منعطفاً هو الأخطر... طلب القاضي مزهر يخرق سريّة التحقيق!

كتبت لارا الهاشم في موقع mediafactorynews، قد يخيّل إليك وأنت تتابع تحقيقات المرفأ أن وكلاء الدفاع عن السياسيين المدّعى عليهم، يشكّلون فريق دفاعٍ واحدٍ، لكثرة التنسيق بينهم.

أحد المدّعى عليهم يتقدّم بدعوى رَد المحقّق العدلي طارق البيطار وما أن يكتشف مدعى عليه آخر بأن الغرفة المقدّم أمامها الطلب لم تُبلِغ البيطار وبالتالي لم يتوقّف عن السير بإجراءات الدعوى، حتى يعاجله مدّعى عليه آخر بدعوى مخاصمة الدولة عن أفعال القاضي. وبما أن هذا النوع من الدعاوى لا يكفّ يد المحقّق العدلي سوى عن التحقيق مع صاحب العلاقة، يسارعُ وكيل دفاع مدّعى عليه آخر إلى تقديم دعوى رَد جديدة بتكتيكٍ جديدٍ.

هذا التكتيك كان بطلُه هذه المرّة الوزير السابق يوسف فنيانوس الذي عَمِد على طلبِ رَد رئيس الغرفة الناظرة بطلب الرد، القاضي نسيب إيليا. فوجّه فنيانوس ضربةً محكمة إلى ملف المرفأ الذي يُلاحَق فيه بموجب مذكّرة توقيف غيابية وقدّم هدية إلى زميله وحليفه الوزير السابق غازي زعيتر على مقربة أيامٍ من الجلسة التي كانت محدّدة للاستماع إليه في التاسع من تشرين الثاني، أي يوم الثلاثاء المقبل.

وفي التفاصيل أن الوكيل القانوني لفنيانوس المحامي طوني فرنجيه تقدّم في 26 من الجاري بطلب ردّ القاضي طارق البيطار أمام محكمة الاستئناف المدنية برئاسة القاضي نسيب إيليا. يومها عرض الأخير التّنحّي على قاعدة أنه سبق وبتّ بدعوى مماثلة تقدّم بها وكلاء الوزيرين السابقين غازي زعيتر وعلي حسن خليل وردّها شكلاً لعدم الإختصاص. على الأثر أُحيل الطلب على الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف القاضي حبيب رزق الله فردَّ الأخير عَرض التنحّي لعدم وجود وحدة الخصوم ووحدة الموضوع بما معناه أن فنيانوس لم يسبِق أن تقدّم بدعوى مماثلة بحق البيطار، وأحال رزق الله الملف مجدّداً على القاضي إيليا. عندها كلّف الأخير المحامي فرنجيه بمناقشة اختصاص محكمة الاستئناف التي سبق أن اعتبرت نَفسها غير مختصّة برد المحقّق العدلي.

عليه أعدّ فرنجيه لائحةً وتقدّم في الثامن والعشرين من الجاري بدعوى رد القاضي إيليا ركيزَتُها أن الأخير أعطى رأياً مسبقاً في دعوى مماثلة. بمجرّد تقديم طلب الرّد تنحّى إيليا وأحيل الملف على الرئيس الأول لمحكمة التمييز القاضي سهيل عبود المنوطة به صلاحية توزيع الأعمال على الغرف.

بالنتيجة عيّن عبود القاضي حبيب مزهر رئيساً منتدباً للغرفة التي ستبتُّ بدعوى الرد المقدّمة ضد البيطار ومعه المستشارتين الأصيلتين روزين حجيلي ومريام شمس الدين اللتين سبق وردّتا بالاتفاق مع القاضي إيليا طلبات رد البيطار المقدّمة من زعيتر وعلي حسن خليل ونهاد المشنوق.

لكن السؤال الذي يُطرح لماذا تم تعيين القاضي مزهر تحديداً في هذه الغرفة وهو المعروف بموقفه الشّرس المناهض للبيطار؟ ألا يخلق ذلك ارتياباً مشروعاً حيال تعاطيه اللّاحق مع الدعوى. فمزهر كان رأس حربة في المعركة ضدّ المحقّق العدلي خلال جلسات مجلس القضاء الأعلى. وفي الجلسة الشهيرة التي دُعي إليها البيطار وحضرها، قال له مزهر صراحةً أنه يخالف القانون وأن آداءه تسبّب بأزمة في البلاد. يومها كان جواب المحقّق العدلي بأنه يعمل وفقاً للقانون ولقناعاته. وما لا يَخفى على أحد أيضاً أن مزهر هو أحد الأعضاء الجدد المعيّنين في مجلس القضاء والذي يتماهى موقفه حيال البيطار مع مواقف ثنائي أمل-حزب الله.

أوساط المدّعين على القاضي نسيب إيليا تقول أن انتداب مزهر مبنيّ على خلفيةٍ قانونيّةٍ واضحةٍ وهي أن القاضي الناظر في الدعوى من المفترض أن يكون مدنياً. وتضيف أن بعد رد إيليا لم يتبقَّ سوى قاضيان مدنيّان وهما أيمن عويدات وحبيب مزهر. لكن انتداب عويدات كان سيخلق إشكاليّةً كونه إبن عم مدعي عام التمييز القاضي غسان عويدات المتنحي عن تحقيقات المرفأ وعليه وقَعَ الخيار على مزهر.

في المقابل تدحض مصادرُ في العدلية هذا الكلام، مؤكدة ل Medifactorynews أن محكمة الاستنئاف مؤلفة من 15 غرفة ما بين مدنية وجزائية، لكن في القضاء، ما من تخصّص. وبالتالي كان من الممكن انتداب قاضٍ يرأس أي غرفة من الغرف ال 15 حتى ولو كانت جزائية. وإذ سلّمنا جدلاً أن نظريّة تخصّص القاضي بالقضايا المدنية صحيحة، تسأل المصادر لماذا لم يتسلّم الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف حبيب رزق الله شخصيّاً الدعوى عوضاً عن انتداب قاضٍ آخر أبدى رأياً مسبقاً بالمحقّق العدلي؟ فهل قُضيَت التسوية السياسيّة على حساب إدخال تحقيقات المرفأ إلى الثلّاجة وتكبيل المحقّق العدلي، بعد فشل كلّ المحاولات القانونية السابقة التي لم تنجَح سوى بعرقلة التحقيق؟

كلّها تساؤلات تبقى مشروعةً في ظلّ طلب القاضي مزهر من قلَم المحقّق العدلي إيداعه كامل ملف الدعوى للاطّلاع عليه. فهذه الوقائع تقودنا إلى خلاصة واضحة وهي أن تحقيقات المرفأ دخلت منعطفاً هو الأخطر وأنها قد تتجّه نحو المزيد من التصلّب والتناحر خصوصاً إذا لم يسلّم قلَم البيطار ملف التحقيقات كما جاء في طلب مزهر، كون ذلك يشكّل خرقاً لسريّة التحقيق.