المصدر: وكالة الأنباء المركزية
الثلاثاء 3 آب 2021 16:50:45
ما لم تكشفه التحقيقات بعد مرور عام على جريمة تفجير المرفأ وقد بقي طي الكتمان والمجهول، وضعته منظمة هيومن رايتس ووتش في تقرير نشرته اليوم عشية الذكرى... وليس صدفة. في الوقائع ثمة الكثير من الأدلة التي تؤكد الشعار الذي كتبه أهالي الضحايا والثوار على جدار مرفأ بيروت: "دولتي فعلت هذا".
نعم فعلتها. فـ"الدولة" من أعلى الهرم، وبكافة أجهزتها الأمنية الموجودة على المرفأ، فعلت ذلك بحسب التقرير، وهي كانت تعلم بأخطار مادة نيترات الأمونيوم المخزنة في العنبر 12 ولم تتصرف. حتى عندما تم إبلاغها لم تتصرف... فهل يكون التقرير بمثابة نطق بالحكم لكن بشكل غير رسمي ومعلن، وأيضا خريطة طريق للوصول إلى التحقيق الدولي؟
الأستاذ في القانون الدولي المحامي أنطوان صفير أوضح عبر "المركزية": "لا تحمل منظمة هيومن رايتس ووتش صفة منظمة عالمية، وهي منظمة غير حكومية وبالتالي فإن تقريرها غير ملزم للدولة اللبنانية. لكن الأكيد أن الأدلة والمعلومات الواردة فيه سيكون له الوقع الأكبر على المنظمات الدولية الحكومية وعلى الإعلام المحلي والعالمي". ولفت إلى أن "أهمية التقرير تكمن في أنه يشكل مادة دسمة من شأنها أن تساعد في التحقيق الذي يجريه المحقق العدلي طارق بيطار. وعلى القضاء اللبناني أن يضع يده عليها وعدم إسقاطها في غياهب المجهول تمهيدا للوصول إلى الحقيقة وترسيخ مفهوم العدالة".
الأدلة والمعلومات التي نشرتها منظمة هيومن رايتس ووتش في 127 صفحة غير ملزمة قانونا للدولة لكنها أحدثت خرقاً نوعياً لدى الرأي العام المحلي والدولي، والأهم أنها أكدت لأهالي الضحايا عشية الذكرى الفاجعة أنهم كانوا على حق منذ اللحظات الأولى على استفاقتهم من غيبوبة هول الجريمة وبعد دفن ضحاياهم. إنطلاقا من ذلك يؤكد المحامي صفير "أن كل ما ورد في التقرير يجب أن يأخذه القضاء اللبناني والمحقق العدلي بالإعتبار لأنه يساهم إلى حد كبير في الإضاءة على معلومات ومعطيات".
ثمة من بدأ يشكك في إمكان الأخذ بالمعلومات الواردة في تقرير هيومن رايتس ووتش ويجزم قيام "جهات" حزبية ونافذة بتحويرها وإدخالها في زواريب الفتاوى القانونية بهدف طمس الحقيقة. لكن ماذا لو تبين بشكل مثبت وقانوني أنها مجرد تكهنات ولا تستند إلى معطيات حسية ودقيقة؟ يقول المحامي صفير: "إذا ثبت أن المعلومات غير دقيقة في بعضها ولا يمت البعض الآخر منها إلى الحقيقة عندها تكون المنظمة قد وضعت نفسها أمام المحاسبة القضائية والرأي العام ويجب ملاحقتها، وإلا يجب الأخذ بها ومن مصادر أخرى لخدمة التحقيق والعدالة". أضاف: "لم تعد جريمة مرفأ بيروت شأنا داخليا، فهذه القضية اخترقت ضمائر الإنسانية في العالم وهزت كيان المجتمع اللبناني خصوصا أنها حصدت حوالى 218 ضحية وأكثر من 7000 جريح عدا الأضرار الجسيمة التي خلفها الإنفجار الذي صنف بأنه ثالث أقوى إنفجار غير نووي في العالم. من هنا يجب أن يأخذ التحقيق مساره الطبيعي ويصار إلى تسهيل عمل القضاء بدءا من رفع الحصانات وهذا هو الأساس شرط أن يوضع في إطاره الطبيعي".
وعن تعدد الكتب التي ترفعها الكتل النيابية بدءا بكتلة المستقبل وتكتل لبنان القوي في الأمس إلى مجلس النواب للمطالبة برفع الحصانات عن الجميع من دون استثناء أوضح صفير: "هذا الأمر يحتاج إلى تعديل الدستور وأكثرية نيابية للتصويت عليه وهي غير متوافرة". وتعقيبا يسأل: "هل هناك إجماع لدى الكتل النيابية برفع الحصانات؟ وهل الغاية من رفع كتب إلى مجلس النواب هي الوصول الى الحقيقة أم "التمريك؟". وأكد ضرورة "أن يكون هناك توافق على الغاية الأساسية لدى كل الكتل من مسألة رفع الحصانات، إما عبر تعديل الدستور وتعليق الحصانات أو عبر اتخاذ قرار في مجلس النواب برفع الحصانات عن النواب. والطريق الأسهل اليوم يكون عبر رفع الحصانات عن النواب من خلال مجلس النواب سيما وأن هدف المحقق العدلي الكشف عن الفاعل والمسؤول عن هذه الجريمة وليس استدعاء نواب ومسؤولين بهدف التحقيق معهم فقط وهذا يندرج في إطار احترام الدستور".
قد تكون المعلومات والوثائق التي نشرت عبر وسائل الإعلام عن طريق الصحافة الإستقصائية والتي تتعلق بالجهات التي أحضرت مادة "الموت" إلى المرفأ وكيفية تخرينها والأجهزة الأمنية المسؤولة عن ذلك، وكذلك التقارير التي جمعتها منظمات غير حكومية كافية لإصدار الحكم "لكن القضاء لا يستند إليها إلا من باب المعلومات ولا يأخذ بها كأدلة إتهامية". وختم صفير: "التعويل اليوم على دور مجلس النواب في إصدار قرار برفع الحصانات عن النواب، البت به سريعا حتى لا يتهم بعرقلة سير العدالة بسبب الحصانات. وإلا فليتحمل المسؤولية أمام التاريخ".