المصدر: وكالة الأنباء المركزية
الخميس 2 أيلول 2021 16:43:29
مع كل خطوة يسير بها المحقق العدلي في جريمة تفجير مرفأ بيروت القاضي طارق البيطار إلى الأمام، تبرز عقبات جديدة وكأن السيناريو المعد لحبكة النهاية بات مكتوبا سلفا. تنقص نقطة النهاية. من سيضعها؟
فبعدما امر المحقق العدلي بتوقيف العضو السابق في المجلس الأعلى للجمارك هاني الحاج شحادة، وأصدر مذكرة إحضار بحق رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب والمواجهات التي حصلت على خلفية أمام من سيمثل دياب، المحقق العدلي أم المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء، وبعدما أعلن مدعي عام التمييز غسان عويدات اعتراضه على مثول دياب أمام القاضي البيطار للتحقيق معه، تقدمت نقابة المحامين في بيروت وبصفتها مدعية عن اهالي الضحايا والمتضررين بدعوى رد المحامي العام التمييزي القاضي غسان خوري الى محكمة التمييز الجزائية للارتياب المشروع وتم تسجيلها في قلم محكمة التمييز بانتظار التبليغات اللازمة، ومن دون سقف مهل محدّد للبتّ بالدعوى.
الستارة الجديدة التي أزيحت كشفت عن توسع مروحة الخلاف بين نقابة المحامين والمحقق العدلي من جهة والنيابة العامة التمييزية من جهة أخرى على خلفية أنها تحاول عرقلة عمل المحقق العدلي.
رئيس مجلس القضاء الأعلى سابقاً القاضي غالب غانم أوضح عبر المركزية أن "الإرتياب المشروع منصوص عليه في أصول المحاكمات الجزائية ويعني الشك بحيادية القاضي. وعليه يحق لأي شخص له صفة في الموضوع التقدم بطلب تنحية القاضي". ولفت إلى أن "الشك قد يكون ناتجا إما عن تصرفات القاضي المطلوب تنحيته، أو مواقفه لأن مهمة القاضي الإلتزام بالحياد".
وأوضح القاضي غانم: "ان المرجعية القانونية في البت بطلب تنحية القاضي تقرره محكمة التمييز المختصة وفي حال ثبتت النية بالشك يصار إلى تعيين قاضٍ جديد".
في المسار القانوني تبدو الآلية سهلة لكن العقبات التي تبرز دوريا في ملف جريمة تفجير مرفأ بيروت تثبت أن هناك قرارا ونية بعدم تسهيل مهام المحقق العدلي القاضي طارق البيطار وصولا إلى إصدار القرار الظني. وفي هذا الإطار يقول القاضي غانم: "مما لا شك فيه أن هذه الأمور تعكّر مسار التحقيق في الملف وتثبت أن التدخلات السياسية في العمل القضائي تتزايد يوما بعد يوم وهي في وتيرة تصاعدية".
غانم الذي سبق وترأس المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء، كشف أن الإجراءات المتّبعة في هذا المجلس معقّدة وصعبة، ولم يُعرض عليه طيلة توليه رئاسته أي ملف. وأشار إلى أن "المقرر الأساسي للبدء بأي قضية هو مجلس النواب، وبدء الملاحقة يتطلب خُمس المجلس النيابي بكامل أعضائه. ويلي بدء الملاحقة تشكيل لجان تحقيق نيابية وإجراءات أخرى كتبليغ النواب جميعاً، بحيث تتوقف كل الإجراءات إذا لم يتم تبليغ نائب واحد. وإذا وصل الملف إلى الإدانة، فإن التصويت عليه يتطلب ثلثي أعضاء المجلس النيابي".
من جهة ثانية أكد غانم أن "حصر ملاحقة دياب والوزراء بالمجلس الأعلى لرؤساء الحكومات تخضع للمادة 70 من الدستور وتوصيف الجرم المرتكب من قبلهم، فإذا كان الجرم المرتكب له علاقة بوظيفتهم أو حصل خلال عملهم يحاكمون حينها أمام المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء، علماً أنه في ملف كملف المرفأ يُعتبر الجرم عادياً، ويمكن للقضاء العادي أن يلاحق رئيس الحكومة والوزراء والنواب".
"الموضوع حساس ويحتمل أكثر من رأي وإذا ما استمر القاضي البيطار مصرا على مثول دياب والوزراء أمام المجلس العدلي بحسب توصيفه للجرم، وفي المقابل يصر مجلس النواب على أن هذا الأمر منوط بالهيئة العليا لمحاكمة الرؤساء والوزراء نكون أمام أحكام إزدواجية".
ويختم: "في حال عدم التوصل إلى نتيجة فهذا يعطي صورة سلبية عن الوضع العام وهنا لا يمكن الحكم على القضاء بالفشل إنما على التدخلات السياسية التي تحول دون إطلاق يده".