حكيم يشرح سبب تضخم الأسعار بالدولار: إيجابيات الدّولرة مُستترة!

ممّا لا شكّ فيه، هو أن دولرة  الأسعار تحمي التجّار من حيث تأمين ما يلزم من عملةٍ صعبة أو ما يوازيها من "الضعيفة" لتعبئة الرفوف، الدولرة هذه أعلن عنها وزير الإقتصاد في حكومة تصريف الأعمال مؤخراً من دون الإستناد إلى المؤشرات الحقيقية لواقع اقتصاد "الكاش" ومن دون سلّة متكاملة من الإجراءات العملية المُسندة إلى أُسسٍ علمية، فحلّت الكارثة على الكارثة، ارتفع سعر صرف الدولار مُجدّداً، والسعر الحالي عند بداية كتابة المقال سيرتفع حتماً عند الإنتهاء منه. المسؤولية الأولى تقع على السلطة السياسية الحاكمة بالتكافل والتضامن، بدءاً بالسياسات النقدية الفاشلة، مروراً بالهندسات المالية المشبوهة، إلى استدانة الدّولة من ودائع الناس لملئِ سدودٍ فارغة، جيوبٍ "مستزلمة"، ولـ"إنارة" البلد الذي يقبع بالعتمة أسوةً بكوريا الشمالية، ومن دون أن ننسى التخلّف عن دفع سندات اليوروبوند وصرف ما تبقّى من احتياطي إلزامي بالدولار لدى المركزي منذ 4 سنوات لدعم "الكاجو" و"تجّار الهيكل"، وصولاً إلى "خبصة" الموازنة التي ضاعفت التضخم بتضخّمٍ أكبر، وأطلقت رصاصة الرحمة على ما تبقّى من إقتصادٍ في لبنان.

وكان قد أطلق وزير الاقتصاد في حكومة تصريف الأعمال أمين سلام ما يُسمّى بـ" المؤشر الغذائي"، موضحاً ان "الهدف الأساسي لهذه الآلية هو ضبط السوق وحماية المستهلك"، وقد قال فعلاً سلام حينها: "منذ بداية حديثنا عن هذا الموضوع، كان سعر صرف الدولار 60 ألفاً، ومع الأسف أصبح اليوم نحو 80 ألفاً. وهذا الأمر دفعنا لاتّخاذ هذا القرار ذي الطّابع الإستثنائي ويقوم على فترة زمنية لأننا نمر في ظروف إستثنائيةٍ بامتياز، وخلال الأسبوعين الماضيين اتّسعت حال الطوارىء في السوق، وحفاظاً منّا على المستهلك وعلى قدرة المواطن اللبناني على الرقابة الذاتية، لأن هذه الآلية تُؤمّن الرّقابة الذاتية إلى جانب رقابة الدولة"، أمّا بالعودة إلى أرض الواقع فإن الرقابة "مُستترة" والسوبرماركت تتقاضى الضريبة على القيمة المُضافة بالدولار والأسعار تضخمت عن قيمتها الحقيقية بعد الدّولرة، أمّا سعر الصرف؟ فحدّث ولا حرج!

 

في السياق، أشار عضو المكتب السياسي الكتائبي، وزير الإقتصاد الأسبق البروفيسور ألان حكيم إلى أن الدولرة واقع في لبنان ذو ميزات وفوائد لا تطبّق على الحالة اللبنانية، وذو سيئات تهدد بمزيد من الفقر وبتعميق الأزمات والشرخ الإجتماعي.

حكيم وفي حديثٍ لـkataeb.org قال: "من إيجابيات الدولرة هو تأمين الإستقرار النقدي، وتأمين استقرار في أسعار سلع الإستهلاك والخدمات، لكن هذه الإيجابيات يستحيل تطبيقها في النموذج اللبناني بسبب محدودية الرقابة أو غيابها من قِبل الدولة اللبنانية، أمّا من السلبيات فهي فقدان العملة الوطنية استقلاليتها، وخلق شرخ داخل المجتمع اللبناني وداخل القوى الشرائية".

وأضاف: "الدولرة يجب أن تكون شاملة ومُصحبة برقابة حقيقية وهادفة على كل من أسعار السلع وعلى سعر الصرف، لأن الدولرة الجزئية تُساهم بالقضاء على الطبقة الوسطى أو ما تبقّى منها وإفقارها، فيما الغني لم يتأثّر والفقير زاد فقراً".

وتابع حكيم: "الدولرة بشكلها الحالي نتج عنها تضخّم بالأسعار بالعملة الصعبة لعدّة أسباب، أبرزها تعزيز الإحتكار، ارتفاع نسبة التخزين الإستباقي للسلع ممّا يؤدّي حتماً إلى تضخّمٍ إستباقي وبشكلٍ مُفرط، خاصّةً مع غياب الرقابة".

 

أمّا على أرض الواقع "الواقع" على عاتق اللبنانيين، فالسلطة الحاكمة غير آبهة بأمنه الغذائي ولا بقدرته الشرائية، فتارةً "تُمنّنه" بزيادات عشوائية على الرواتب والأجور، إن كان من خلال طبع العملة "المُهترئة" وتوزيعها مع العلم أن هكذا قرار هو سيّئ ويُفاقم التضخم ويرفع سعر الصرف، وطوراً تُساهم بحرمانه من قوته وتفرض عليه أسعاراً خيالية تَسبّبت بارتفاعها، في ظلّ غياب المُعالجة الحقيقية. وكما ذكرنا في المُقدّمة، فإنّ سعر الصرف ارتفع بمُدةٍ زمنيةٍ أقصر من بُعد نظر من هُم في مراكز المسؤولية.