المصدر: هنا لبنان
الكاتب: كارول سلوم
السبت 14 أيلول 2024 13:27:49
كتبت كارول سلوم لـ”هنا لبنان”:
عجيب أمر تلك التوأمة بين بشير الجميل والحلم اللبناني الجميل ، توأمة لم يتمكن ولن يتمكن أحد من فصلها لسنوات وسنوات وليست هناك من حاجة لذلك. يد الأجرام نالت منه في الرابع عشر من أيلول من العام ١٩٨٢، من دون أن تبيد هذا الحلم الذي انتقل من منزل إلى آخر وتربع في قلوب المحبين والمخلصين. ففي هذه المنازل، كلمات لبشير وصور وذكريات تحدت محاولات طمس الحقائق ووقفت بجرأة تنادي بلبنان الجمهورية، لبنان ال ١٠٤٥٢ كلم² .
وللحقيقة فأن بشير في عيون كثيرين” قصة كبيرة” على مساحة الوطن، فتلك القوة التي تحلى بها الشهيد استمدوها منه وبقيت حتى ما بعد الرحيل.
الكرامة والعنفوان والثورة من ابرز سماته، ولأجلها حارب وانتصر. كان الرئيس الشهيد نجم فن الخطابة، ومحور اهتمام عربي وعالمي، إذ حير كبار الرؤساء والقادة بفعل حنكته وجرأته وعنه قال الرئيس الأميركي رونالد ريغان من يكون بشير الجميل حتى يتجرأ على رفض نصائح الرئيس الأميركي والتمرد على مساعدة الإدارة الأميركية ، فأتاه الجواب من مبعوثه إلى الشرق الأوسط وقتها : انه الرجل القوي الجديد في الشرق الأوسط . رجل المؤسسات الذي أراد نقل البلاد إلى ضفة الدولة القوية والقادرة والعادلة، انما رحل قبل أن يحقق طموحه بلبنان الراشد. صاحب مقولات تغذي الأذهان وتدفع إلى التمعن بها ، ففي كل محطة أو مناسبة كان يردد ما يتناسب مع واقع الحال ،فهو من قال أن الشعب اللبناني هو شعب راشد متقدم ،متحضر ،يعشق الحرية ، يحترم القيم ،يؤمن بالمثل ويفتخر بالديمقراطية ويتعاون مع الآخرين ، وهو يرفض أن يتقرر أي شيء يتعلق بأرضه وفئاته وأقلياته وأطرافه من دون موافقته المسبقة وإرادته المطلقة. لقد ولى عهد الوكالات .
عن بطولاته وشجاعته ، تروى الحكايات، فهو القائد الفذ من دون منازع، اتقن فن الجدل بالحجج ،ونجح في ذلك. تدرج الرئيس الشهيد في حزب الكتائب واسس القوات اللبنانية وتقلد منصب رئاستها.
اصابه الحزن عند وفاة ابنته مايا بعد استهدافها بسيارة مفخخة ، ارادت في الأصل اغتيال والدها. وأقر الجميع بعد هذه الخسارة التي مني بها، بأن قوة وتماسك بشير كان المحفز على مواصلة النضال ومقاومة الأحتلال والأعداء.
ولمن اعتقد أن الرئيس الشهيد كان مسيحيا متطرفا، فإن عبارته الشهيرة: “اقول للمسلم بشير الجميل سيف بيدك وليس ضدك “، هي الرد الوحيد ومبعث الأطمئنان.
لا تكفي مجلدات للكتابة عن البشير وقيادته وأحلامه الكبيرة عن لبنان التي قضت عليها قوى الظلام ضمن مخطط غايته القضاء على القادة الشجعان.. ” ضيعانك يا بشير ” ،لم تسقط هذه العبارة ابدا من قاموس من عاصر عهد بشير ومن لم يعاصره حتى ..
القضية التي استشهد بشير لأجلها منذ ٤٢ عاما ، لم تمت ويحمل لواءها افراد عائلته وكل كتائبي حر في الوطن وخارجه.
ويقول الوزير السابق وعضو المكتب السياسي لحزب الكتائب الدكتور الان حكيم لموقع ” هنا لبنان ” : بشير الجميّل، كان قائدًا استثنائيًا في مرحلة من أصعب مراحل لبنان. كان يمثل القوة والصلابة في مواجهة التحديات التي فرضتها الحرب في لبنان. من خلال قيادته القوات اللبنانية، الجناح العسكري للمقاومة اللبنانية وحزب الكتائب التي تشكلت للدفاع عن المناطق اللبنانية والمجتمعات المسيحية، أظهر بشير رؤية بعيدة المدى لبناء دولة قوية ومستقلة.
ويضيف الدكتور حكيم: مقاتلو القوات اللبنانية رأوا فيه رمزًا للوطنية والشجاعة. كان قادرًا على تحفيز الجميع بخطبه التي تنبض بالحماسة والتصميم. كان يؤمن بلبنان حر، لا يخضع لأي وصاية خارجية، وهذا ما كان يقاتل من أجله. بشير جمع بين القوة العسكرية والقدرة على التواصل مع القاعدة الشعبية، مما جعله قائدًا فريدًا من نوعه.
لم يكن قتالنا تحت راية بشير مجرد دفاع عن الأرض، بل كان دفاعًا عن فكرة لبنان الذي يحلم به الجميع، لبنان الذي يتجاوز الانقسامات الطائفية ويقف بقوة في وجه التدخلات الأجنبية. بالنسبة للكثيرين، كان بشير هو القائد الذي جسد الحلم اللبناني في تلك الفترة الصعبة.
ويشير إلى انه على الرغم من اغتياله، بقيت رؤيته حية في قلوب الكثير منا ونتابع النضال بعد رحيله، مدفوعين بتلك المبادئ التي زرعها فيهم – المبادئ التي تنادي بالحرية والسيادة والاستقلال.