المصدر: وكالة أخبار اليوم
الخميس 17 كانون الاول 2020 17:40:54
من قال إن جائحة "كوفيد - 19" ليست "شحمة عا فطيرة" في بعض الأحيان، خصوصاً إذا كنّا نتحدّث عن أن إصابة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بالفيروس تشكّل فسحة مُناسِبَة للتخلُّص من الحضور المباشر الى لبنان، إذ يُمكنه القيام بما كان سيفعله خلال زيارته المباشرة، عن بُعد، بدلاً من تكبيد نفسه مشقّة السّفر.
في أي حال، "كوفيد - 19" يحجر الرئيس الفرنسي لأيام سبعة، دون أن يحجر عمله وأنشطته التي ستستمرّ عن بُعد. فضلاً عن أن تلك المستجدات ليست دافعاً لحَجْر المبادرة الفرنسية المتعلّقة بالأزمة اللبنانية.
مسار
وفيما يتحرّك العرب باتّجاه لبنان، من خلال الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية السفير حسام زكي، يبقى كلام الرئيس المكلّف سعد الحريري من بكركي أمس، موضع اهتمام، من زاوية ما أشار إليه حول أن الهدف هو وقف الإنهيار وإعادة إعمار بيروت. وهذا الهدف لا يتحقّق إلا عبر القيام بالإصلاحات المتّفَق عليها لإعادة تدفُّق الأموال باتجاه لبنان.
فكلام الحريري شديد الأهميّة، لكنّه أضاء على نصف الحلّ في ما يتعلّق بإعادة إعمار بيروت، بحسب بعض المراقبين. بينما يرتبط الحلّ الكامل بمسار سياسي - قضائي - أمني، يتمحور حول أن لا إعادة إعمار لبيروت، إلا بحكومة تبدأ بالإصلاحات، وبنتائج ملموسة للتحقيقات في انفجار مرفأ بيروت، تُفرِج عن الحقيقة. فالحقيقة والعدالة والإصلاحات و"حكومة المهمّة"، يبدو أنها تحوّلت الى منظومة واحدة، في المعجم الدولي المرتبط بتفسير لغة مستقبل لبنان.
ثقة دولية
لفت الوزير السابق مروان شربل الى أن "كلام الحريري إيجابي ويُفيد بضرورة تشكيل الحكومة بموجب المبادرة الفرنسية، سواء من جانبه أو من قِبَل غيره، خصوصاً أنه سيقع على عاتقها البدء بتطبيق الإصلاحات، وإعادة إعمار العاصمة".
وأشار في حديث الى وكالة "أخبار اليوم" الى "وجوب الأخذ في الاعتبار أن لا تدفّقات مالية الى لبنان إذا فشلت أي حكومة في الحصول على ثقة دولية بأنها قادرة على البدء بتنفيذ الإصلاحات. فالثقة الدولية أساسية لإدخال الأموال الى البلد، ولإعادة إعمار بيروت".
دماء؟
وشدّد شربل على أن "الظروف السياسية والإقتصادية والإجتماعية التي نمرّ بها صعبة، بموازاة ارتفاع نِسَب البطالة والهجرة. وهي أجواء إذا ظهرت في أي بلد من البلدان، يتوجّب على السلطات فيه أن تخاف من اندلاع فتنة أو من حصول فوضى أمنية، إذ لا يُمكن لَجْم أكثرية كبيرة من شعب صار على حافة الهاوية".
وردّاً على سؤال حول أن الحقيقة في ملف انفجار مرفأ بيروت، قد تكون شرطاً من شروط إعادة الإعمار، أجاب:"لا بدّ من توفير الظّروف لقرار قضائي جريء، في ما يتعلّق بالتحقيقات في هذا الملف. فالقضاء يحتاج الى غطاء سياسي، انطلاقاً من أن الحصانات الموجودة في البلد اليوم ليست قانونية فقط، بل تتعدّاها الى حصانات حزبية وطائفية ومذهبية".
وأضاف:"هل يستطيع القاضي مثلاً إعلان مسؤولية هذه الشخصية أو تلك عن انفجار مرفأ بيروت، أو عن هدر الأموال في لبنان، أو في أي ملف آخر، بموازاة الاطمئنان الى أن الشوارع لن تشتعل بالتظاهرات تأييداً لهذه الشخصية أو تلك، مقابل تظاهرات مضادّة يمكنها أن تؤول الى احتكاكات على الأرض، وسقوط دماء؟".
"النيابية"
ودعا شربل الى "خفض منسوب التوتّر في البلد. فالتغيير السياسي الذي طالبت به انتفاضة 17 تشرين الأول لم يحصل، ولكن لا السلطة تمكّنت من إخماد مطالب الشعب، ولا هُم استطاعوا تحقيق التغيير الكامل، فيما قد يكمُن الحلّ بالإتّفاق بين مكوّنات الشعب منذ الآن، وعلى مسافة نحو عام ونصف من الإنتخابات النيابية في ربيع عام 2022".
وتابع:"مستحيل التغيير في البنى السياسية للبلد إلا من خلال انتخابات نيابية. فحتى ولو أُبقِيَ على قانون الإنتخاب الحالي، يبقى تضامن المكوّنات الشعبية مع بعضها البعض هو الأهمّ، وعندها يبدأ التغيير. فإدخال 20 نائباً جديداً الى برلمان عام 2022، يُمكنه أن يتطوّر الى 60 أو 70 نائباً في السنوات اللّاحقة".
وختم: "ينجح التغيير إذا كان لدى هؤلاء النواب الجُدُد برامج إصلاحية مُقنِعَة ومُفيدة، وإذا أبقوا على تواصلهم المباشر مع الشعب. فعندها، يُمكن الاطمئنان بالفعل الى أن البلد بدأ يسير على السكّة الصحيحة".