المصدر: النهار
الثلاثاء 25 آذار 2025 07:31:25
شكلت زيارة وفد من شركة "لازارد" لبنان ولقاؤه مسؤولين "نقزة" وخوفا لدى غالبية المتابعين للشأنين المالي والمصرفي، ترجِما بالتهافت للاستفسار عن أهداف الزيارة، وما يحمله أعضاء الوفد من مقترحات ومشاريع حلول للأزمة المالية والنقدية.
اسم "لازارد" الذي اشتهر في الأوساط الإعلامية والشعبية، ترافق مع اقتراح "شطب الودائع" الذي أتى مواربة من خلال اقتراحها شطب خسائر مصرف لبنان، في خطتها الشهيرة التي كلفتها حكومة حسان دياب إعدادها.
هي الخطة التي أثار إعلانها جدلا واسعا، وإجماعا على "شيطنتها"، ولم تجد نصيرا لها حتى من أهل الدولة اللبنانية الذين هللوا عند إنجاز تلزيمها، فيما غسلوا أيديهم بعد إصدارها تقريرها وخطتها.
فهل لدى "لازارد" اليوم مقترحات إضافية؟ وهل يحمل وفدها ما يعيد الاعتبار إلى خطتها التي تقبع في أدراج الحكومة، بعد وعود الإصلاح والإنقاذ التي أتت في خطاب القسم والبيان الحكوم؟.
وزير المال ياسين جابر الذي التقى الوفد، أكد لـ"النهار" أن "زيارة وفد الشركة جاء في إطار عرض خدماته بناء على عقد موقع مع الدولة اللبنانية منذ عام 2020، خلال ولاية حكومة الرئيس حسان دياب، تلتها محاولات لتعديل العقد في عهد حكومة الرئيس نجيب ميقاتي، علما أن الشركة لم تتقاض مجمل أتعابها حتى اليوم. ويؤكد جابر أن "العديد من المحامين يتوافدون لعرض خدماتهم، فعلى سبيل المثال، عرض محامون من شركة المحاماة والاستشارات القانونية الدولية "كليفورد تشانس" المساعدة والتعاون خصوصا في هذه المرحلة".
لا خطط جديدة!
ونفى أن تكون "لازارد" مكلّفة إعداد خطة جديدة، "وكل ما في الامر أنهم عرضوا خدماتهم وأكدوا جاهزيتهم للمساعدة، علما أن قرار الاستعانة بهم أو بغيرهم يتخذ في مجلس الوزراء، وليس من صلاحيات الوزير وحده"، لافتا الى أنه "مع تعيين حاكم لمصرف لبنان، ستتشكل لجنة تضم المصارف، ومصرف لبنان، والدولة ممثلة وزارة المال، وربما آخرين، لتتخذ القرارات المناسبة، وفي حال حاجتنا إلى مستشار مثل "لازارد"، فسيكون دورها تقديم النصح".
وهل خطة "لازارد" لا تزال سارية؟ أكد جابر أن "الخطة الأولى التي طرحتها الشركة جُمّدت في حينه، بعدما شكلت معالجتها للأزمة جدلا واسعا، خصوصا حيال طرحها شطب خسائر مصرف لبنان، الأمر الذي أثار بلبلة كبيرة. إذ إن شطب خسائر مصرف لبنان وتصفيتها، يعنيان عمليا إبراء ذمة "المركزي" عن أموال المصارف المودعة لديه، بما سيحرم المودعين أموالهم".
أما عن طريقة معالجة مشكلة الودائع، فقال إن فكرة شطب الخسائر مستبعدة، بل ثمة مقاربة جديدة أكثر منطقية وقبولا، مشددا على أن "لا شطب للودائع، بل يجب وضع خطة تدريجية لتسديدها، على أن تبدأ بمعالجة وضع صغار المودعين الذين يشكلون 84% من مجمل المودعين، ليتم بعدها الانتقال إلى المرحلتين الثانية والثالثة، مع احتمال أن تكون كل مرحلة منهما أطول من التي سبقتها، مع الأخذ في الاعتبار أن جميع المودعين الذين تفوق وديعتهم الـ 100 ألف دولار سيفيدون من الخطة، أي استرداد مبلغ 100 ألف دولار. وتوازيا، علينا البدء بإصلاحات مالية واقتصادية، لتحسين المداخيل وزيادة جباية الضرائب، فالبلاد تعاني تآكلا كبيرا، وتحتاج إلى إجراءات جذرية جادة، وإلا فلن يكون الإصلاح ممكنا".
ومع عودة الحديث عن خطة لإعادة الودائع خلال 15 سنة، توازيا مع تحرك لجمعيات مودعين، كشف جابر أن "لا خطة محددة حتى اليوم. وطلبنا من المصرف المركزي أن يزودنا الإحصاءات والخطط والأفكار التي لديه. لكن المشكلة أننا سنشهد قريبا تغييرات شاملة في مصرف لبنان، إذ بعد انتهاء ولاية الحاكم، ستنتهي ولاية نوابه بعد شهرين أيضا، ثم ولاية جميع أعضاء لجنة الرقابة". عدا عن ذلك، وتمهيدا لوضع خطة، ثمة قوانين يجب إقرارها مثل قانون "إصلاح النظام المصرفي" المطلوب من صندوق النقد الدولي، فالخطط يجب أن تكون متكاملة ومتعددة الجوانب، ولا يمكن إعدادها عشوائيا".
وإذ أوضح أنه "يجب تحديد ملاءة كل مصرف وما عليه، وتحديد المصارف التي تتمتع بوضع جيد وتلك التي لا تستطيع الاستمرار، وهي الخطوة الأساسية في عملية إصلاح القطاع المصرفي"، كرر أن "ثمة الكثير من الشائعات التي تقول إن صندوق النقد الدولي يهدف إلى القضاء على المصارف اللبنانية، وهذا غير صحيح". وفق رأيه، "لا يمكن تحقيق نهوض اقتصادي، أو استمرار العيش في لبنان من دون قطاع مصرفي، فإلى ضرورته الإنمائية، هو حاجة ملحة لوقف التعاملات النقدية"cash economy" تمهيدا للخروج من "اللائحة الرمادية".
تدابير للحد من الفساد؟
في سياق آخر، أعلن جابر أن "الوزارة تبذل جهودا كبيرة لقطع دابر الفساد، وأفضل وسيلة لذلك هي تحويل جميع العمليات إلى أنظمة إلكترونية لتعزيز الشفافية". واعتبر أن "الدولة لا يمكنها اتخاذ أي قرار عشوائي قد يضر باقتصاد الدولة. يمكنني، على سبيل المثال، اتخاذ قرار الآن بالقبض على أسماء محددة في الجمارك معروفة بالفساد، لكن ذلك سيؤدي إلى شلل كامل في الدوائر الرسمية، كما حدث سابقا، مع تعطيل الدوائر العقارية والجمارك".
وأعلن عن وصول معدات جديدة بعد 60 يوما لمكننة عدد من الدوائر، "وثمة مناقصة مخصصة للجمارك ستُعلن نتائجها قريبا. إلى ذلك ثمة فرصة للحصول على تمويل سريع من البنك الدولي لدعم الدوائر العقارية، وهي تعتبر من أكثر الدوائر التي تعاني قدم معداتها، وتاليا تحتاج إلى تحديث".