لقاء اردوغان - السيسي.. ذوبان الجليد ودفء المصالح!

بعد سنوات من انقطاع العلاقات بين مصر وتركيا، أدّى لقاء الرئيسين التركي رجب طيب أردوغان والمصري عبد الفتاح السيسي، برعاية قطر، إلى ذوبان الجليد بين البلدين. وتنطوي الزيارة على أهمية كبرى كونها الأولى الرسمية على مستوى الرؤساء خاصة وان الزيارة الاخيرة كانت منذ نحو11 عاما قام بها  الرئيس التركي السابق عبد الله غول في شباط عام 2013.

ومن المرجح أن يزور السيسي أنقرة في نيسان أو أيار المقبلين، وستشهد الزيارة، بحسب ما أعلن اردوغان في تصريحات لصحافيين أتراك رافقوه في رحلة عودته من القاهرة، عقد أول اجتماع لمجلس التعاون الاستراتيجي رفيع المستوى، اتفق الرئيسان في القاهرة على إنشائه. فما أهمية الزيارة في هذا التوقيت بالذات حيث تعصف الأزمات بالمنطقة، فضلا عن التغيرات الجيوسياسية والاقتصادية التي يشهدها العالم؟

السفير السابق في واشنطن رياض طبارة يؤكد لـ"المركزية" ان عدم وجود علاقة بين مصر وتركيا كان غريباً، لأنهما تعتبران دولتين اسلاميتين وفي موقع قيادة في الشرق الأوسط. الخلاف وقع عندما حصل الانقلاب السياسي على محمد مرسي في مصر، وهو من جماعة الاخوان المسلمين المقربة من أردوغان، والذي في عقيدته وتطلعاته الدينية والسياسية كان حاميها. لكن الأمور بردت بينهما اليوم، وباتت مصلحة البلدين تتطلب العودة إلى التوافق التام كما في السابق، خاصة بسبب التطورات في غزة. وبما أنهما من حماة الديار، عليهما حماية غزة خاصة وان خلافاتهما أثرت على الأحداث ووصلت الأمور إلى درجة لم يعد باستطاعتهما تحملها شعبياً، وبات عليهما التحرّك لايجاد حلّ.

وشبّه طبارة علاقتهما بحبيبين عادا بعد فراق، لأن ما حصل بينهما لم يرتقِ الى مستوى الخلاف العقائدي او الديني، ومن الطبيعي عودتهما إلى التعاون، معتبرا ان من شأن ذلك تعزيز السلام في المنطقة، خاصة وان لمصر دورا من خلال رفح والمفاوضات التي تحصل في القاهرة، ووجود تركيا مساند لهذه العملية وسيكون له تأثيره الايجابي خاصة وأنها أكبر دولة في المنطقة، وعقيدتها تتماشى مع حركة "حماس". لذلك أتصوّر أنها تعطي قوة دفع للمفاوضات للوصول إلى حلّ لرفح ومنه إلى حلّ شامل".

عن دور لبنان في ظل انفتاح الدول سعياً وراء مصالحها، يجيب طبارة: "القرارت التي تتخذ في الداخل لا تؤثر كثيراً على ما يحصل وسيحصل في لبنان، والخلافات بين الافرقاء لا تقدم ولا تؤخر، خاصة وان لكل فريق في لبنان مرجعيته الخارجية. فإذا اتفقت هذه المرجعيات على حلّ لقضية الشرق الاوسط عندها تفرج في لبنان"، لافتاً إلى أن "من الممكن ان يكون للبنان دور في حال اتفق الافرقاء ، لكنهم لن يتفقوا. لو اجتمع النواب في المجلس واختاروا رئيساً، لن يتمكن أحد في الخارج من ايقافهم، إلا ان هذا الامر لا يحصل"، مشيراً إلى ان "الخارج يبحث مسألة لبنان، فاللجنة "الخماسية" (الولايات المتحدة الاميركية وفرنسا وقطر والسعودية ومصر) مثلا ستصبح "سداسية" (ايران)، وهذه الدول تسعى جاهدة لتسهيل مهمة انتخاب رئيس. حتى ان أي اتفاق تركي – مصري سيحصل سيكون له تأثيره على لبنان".

ويختم طبارة مؤكد ان هناك تغييرات تحصل في المنطقة، والدليل الاجتماعات التي تحصل في القاهرة من أجل رفح، والقوات الاسرائيلية بدأت بالانسحاب "عالسكت"، التهديدات الاسرائيلية في رفح هدفها على الارجح تحسين موقع في المفاوضات، ولا اتصور ان اسرائيل ستدخل الى رفح وتقتل الابرياء، هي فقط تهدد، ومصر سيكون لها دور دبلوماسي كبير، بالطبع إلى جانب السعودية ودول الخليج، وخاصة قطر بسبب علاقتها الجيدة مع ايران والتواصل المستمر معها. هذه علامة على ان المفاوضات قائمة وان اسرائيل تحاول تحسين شروطها. وفي حال صحّت التوقعات، سيكون لدينا في اليوم التالي "بطل جديد" رئيسا للجمهورية".