لهذا السبب تمّت تصفية بجاني وهذا هو الحجم الذي تقف الجريمة عنده!

في أوان الغَطْس في أعماق المعايير الحكومية الموحّدة، وفي طلب الحصول على ضمانات، وفي "الفيتوات" المتبادلة، نسأل عن الآفاق المتوقَّعَة من "حكومة مهمّة" يتوجّب عليها أن تقوم بأخطر عمل، وهو المضيّ بالإصلاحات، والتي من بينها ما هو ذات طابع أمني واستراتيجي، وسط عودة المخاطر الأمنية الى الواجهة من جديد، وفيما لا شيء يؤشّر الى أنها (الحكومة) تتمتّع بالحصانة السياسية - الأمنية التي تسمح لها بالعمل.

عدالة التمثيل

صحيحٌ أن الحقوق الطائفية والمذهبية قد تكون أساسية بالنّسبة الى البعض. والى جانب أهميّة عدالة التمثيل الحكومي المتبادَل بين مختلف الأطراف، فإنه لا بدّ من المطالبة بمعايير أساسية تمكّن الحكومة المُرتقبَة من تطبيق الإصلاحات مهما كانت مؤلِمَة، وذلك دون أن يسقط المسؤولون السياسيون والمدنيون الذين يقع على عاتقهم تنفيذ تلك الإصلاحات... ضحية عمليات "صَيْد" أمنية، تقوم على اغتيالات، أو محاولات اغتيال، تُعيد عقارب الساعة الى الوراء عشرات السنوات، وتجمّد ليس فقط المبادرة الفرنسية أو أي مسار دولي تجاه لبنان، بل تقضي على البلد، وعلى ما تبقّى من آمال بإمكانية إنهاضه.

كيف؟

وبالتالي، كيف يُمكن القيام بإصلاحات، بعضها ذات طابع أمني مثل ضبط الحدود البرية، ووقف التهريب، وما يرتبط منها بمطار بيروت، وبالأنشطة في المرافىء البحرية... بلا توفير المناعة الأمنية اللّازمة للوزراء، كما لكلّ المسؤولين المدنيين في عملهم على تلك الملفات؟ ومن يضمن لهؤلاء أنهم لن يصبحوا مشاريع لاغتيالات غامضة، في بلد تقع فيه الجرائم بسهولة، فيما يتأخّر مسار العدالة في شأنها كثيراً، وكثيراً جدّاً؟

إهتمّوا بهذه، ولكن لا تُهمِلوا تلك. فرغم أهميّة التدقيق الجنائي، وخوض معارك التمثيل السياسي الصّحيح، لا بدّ من المطالبة بمعايير سياسية وأمنية موحّدة، تؤكّد أننا نعيش في بلد طبيعي، وليس في مزرعة تتحكّم شريعة الغاب بمفاصلها.

"تخبيص"

علّق مصدر مُواكِب للملفات الداخلية، على آخر التطورات الأمنية في البلد، فرأى أنه "لا يُمكن توفير ضمانات حماية لأحد، انطلاقاً من غياب المحاسبة، حتى على صعيد الجهات المولجَة بتوفير الحماية، عندما لا تقوم بواجباتها".

ولفت في حديث لوكالة "أخبار اليوم" الى أن "التخبيص ماشي"، وسط تغاضٍ متبادَل بين كلّ الأطراف، عن السرقات في البلد".

وختم: "الضحية جوزف بجاني يمتلك معلومات قيّمة تتعلّق بانفجار مرفأ بيروت. وحتى لا يتمكّن من أن يتشاركها مع أحد، قامت جهة خفيّة بتصفيته، واستولت على هاتفه. فهذه الجهة ترفض أن يشاركها أحد في المعلومات المتعلّقة بكارثة 4 آب الفائت. وهذا هو الحجم الذي تقف الجريمة عنده".