المصدر: وكالة الأنباء المركزية
الاثنين 12 تموز 2021 16:20:44
لا سلطة تعلو على صوت القانون لكن حتى في سطوره تبرز الكثير من الفتاوى والقرارات التي يمكن أن يتمسك بها الساعون إلى إعاقة سير العدالة. ما صدر عن هيئة مكتب المجلس النيابي لجهة الطلب من المحقق العدلي القاضي طارق البيطار تقديم أدلة وبراهين تؤكد إثبات الشبهة على النواب المدعى عليهم تمهيداَ لرفع الحصانة أم عدمه هو خطأ قانوني، شكلاَ ومضموناَ ومفهوماَ.
الخبير في القانون الجنائي الدولي المحامي الدكتور أنطوان صفير قرأ عبر "المركزية" الطلب من الزاوية القانونية البحت وقال: "الموضوع يؤخذ من زاويتين: الأولى أن النائب المطلوب الإستماع إليه هو بصفته وزيراً سابقاً وليس لأنه نائب ولديه الصفة التمثيلية. وبالتالي فإن الحصانة التي يتمتع بها النائب هنا لا يمكن أن تكون حصانة حماية، إنما حصانة ضمانة، وهي وُجدت لضمان حرية النائب كممثل للأمة جمعاء كما يقول الدستور في حال اتخذ قراراً أو موقفاً من أي قانون".
ويضيف: "صحيح أن الطلب هنا هو من نواب لكن بصفتهم وزراء سابقين. والمطلوب هو الإستماع إليهم نسبة لما كانوا يقومون به كوزراء في مرحلة معينة وليس بصفتهم النيابية التمثيلية، والحصانة تأتي من الصفة التمثيلية والضمانة لها".
ويتابع: "المشكلة القانونية التي تطرح هنا أن هيئة مكتب مجلس النواب قد طلبت تفصيلا، أي طلبت ملفا وبالتالي فقد حولت نفسها إلى هيئة قضائية وإن بصورة غير مباشرة، أو هيئة تحقيق، وهذا الموضوع يخالف مبدأ فصل السلطات. فالسلطة القضائية تتمتع من حيث القانون باستقلالية معينة عن السلطات الأخرى، وخصوصا لجهة البحث في القضايا القانونية الصرف، والتحقيق يجب أن يكون محاطاً بسرية انطلاقا من مبدأ سرية التحقيقات وحفاظا عليها وعلى الأشخاص وتحقيقا للعدالة. وهذا ما لا يمكن أن يحصل".
قانونا يؤكد المحامي صفير "أن المطلب لا يندرج في إطار موقعه القانوني الصحيح. ويجب أن تؤخذ الحصانة بالمعنى الضيق جدا، أولا لأن المطلوب الإستماع إليه، ليس نائبا بصفته التمثيلية كما ذكرت، بل لأنه كان وزيرا سابقا. وثانيا لأن الموضوع يتعلق بسير العدالة في مسألة جد خطيرة وهي تفجير مرفأ بيروت في الرابع من آب 2020. من هنا لايجوز لهيئة المكتب أن تطلب ملفا كاملا لأن في ذلك خرقاً لسرية التحقيقات وإعاقة عمل العدالة. ولا يجوز استعمال الحصانة لإعاقة العدالة خصوصا أن الموضوع لا يتعلق باتهام النواب الوزراء السابقين إنما ربما بالإستماع إليهم أو بأخذ رأيهم أو بإطلاعهم على شيء ما، أو لإدلائهم بتفسير لقرار أو موقف في مرحلة معينة يستجمعها قاضي التحقيق وفق السلطة التقديرية المعطاة له".
أنظار أهالي ضحايا تفجير 4 آب مصوبة نحو الجلسة الثانية المقررة لهيئة مكتب المجلس النيابي. صحيح أنهم قالوا كلمتهم المغمسة بالوجع والحرقة على فلذات أكبادهم وهددوا بعدم الخروج من الشارع قبل رفع الحصانات عن النواب المطلوب الإستماع إليهم من قبل القاضي بيطار ولن يسألوا عن أرواحهم بعدما فقدوا الأغلى، لكن صوت العدالة مطلوب أن يصدح.
استطرادا، يقول صفير: "إن موقف النواب في الجلسة العامة التي ستطرح فيها مسألة الحصانة يجب أن يكون حاسما، ولا يمكن أن يتخذ المجلس النيابي قرارا بحماية معينة لأن في ذلك تأثيراً جوهرياً وأساسياً ومباشراً على عمل المحقق العدلي في جريمة أحيلت إلى المجلس العدلي منذ عام ولم يحصل فيها أيّ تطور لافت حتى الساعة، سوى تنحي المحقق العدلي السابق فادي صوان، والحقيقة لم تزل بعيدة بالنسبة للضحايا الأحياء ولمن فقدوا عزيزا وللرأي العام والمتضررين وللعاصمة التي دُمّر ثلثها".
ويختم: "المسألة ليست بسيطة لا في القانون ولا من منظار الرأي العام. وعليه يجب أن ترفع الحصانة عن النواب – الوزراء سابقا كي يتمكن المحقق العدلي من الإستماع إليهم واتخاذ موقف في ما قاموا به أثناء ولايتهم كوزراء، هذا إذا كان هناك إحقاق واضح للحقيقة. عندها يبنى على الشيء مقتضاه. والإنسان الذي لم يرتكب خطأ يجب ألا يخشى المثول أمام قاضٍ، فكيف إذا كان على مثال القاضي طارق البيطار؟".